أعرب المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط قونغ شياو شنغ، عن ثقته في قدرة مصر والدول العربية على أن تلعب دورا مهما في حل القضية الفلسطينية، مؤكدًا أنَّ دور مصر والدول العربية لا بديل له على المستوى العالمي.
وشدد شنغ، خلال لقاء صحافي الجمعة، على أن الدول العربية قوة مهمة في العالم وعلى الرغم من أن هذه الدول تواجه كثيرا من الصعوبات، لكن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يستغني عن دورها في حل القضية الفلسطينية.
وأضاف أن مفاوضات السلام لن تحقق نتائج من دون الجهود من الدول العربية ولا يمكن أيضا الاستغناء عن دور الدول العربية في تقديم المساعدات إلى اللاجئين الفلسطينيين.
وأوضح أنه يمكن لمصر والأردن أن تلعبا دورا بارزا لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، قائلًا: "الحقيقة هم يفعلون هذا منذ وقت طويل"، وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية الصينية للفلسطينيين وصلت إليهم عن طريق الأردن، كما وصلت مساعدات أخرى من الصين أيضا إلى غزة عن طريق معبر رفح المصري ولمصر دورها في هذا الأمر".
وتابع: "أنا عندما أتحدث مع وزارة الخارجية المصرية نتناول معا سبل تعزيز التعاون لإيصال المساعدات الإنسانية الصينية والدولية إلى غزة، وأثق بأن دور مصر في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين سيكون داعما لشعب فلسطين وليس العكس".
ووصف قونغ الوضع في الشرق الأوسط وبخاصة في فلسطين في الآونة الأخيرة بالمتفجر، لافتا إلى أنَّ "هناك سفك للدماء وتصاعد في التوترات ونحن نولي اهتماما كبيرا لهذا الأمر ونعبر عن أسفنا وألمنا الشديدين لسفك الدماء في فلسطين".
وأشار إلى انه كان سفيرا للصين في فلسطين ويعتبرها وطنا ثانيا له، قائلًا: "إنني كلما رأيت الأحداث في القدس وفلسطين على شاشات التليفزيون اشعر بألم شديد وأهتم كثيرا بكل ما يحدث هناك من أعمال عنف وسفك للدماء فأنا اعتبر أبناء الشعب الفلسطيني مثل أشقاء لي".
وكشف المبعوث الصيني عن رؤية بلاده للأحداث الحالية، وقال: "أولا يجب الوقف الفوري لسفك الدماء وأعمال العنف ويجب على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبخاصة الجانب الإسرائيلي كالطرف الأقوى التحلي بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس واتخاذ إجراءات فعالة لوقف سفك الدماء".
وزاد: "إننا في الصين نعتبر أن أفضل مخرج للقضية الفلسطينية هو الحل السياسي عبر المفاوضات السلمية، فبذلك فقط يمكن دفع عملية السلام واستئناف المفاوضات وتحقيق نتائج لهذه المفاوضات فهذا هو الطريق الأفضل لتحقيق السلام في فلسطين".
وأبرز أنَّ "السلام لن يتحقق ولن تتم المحافظة عليه إلا عن طريق المفاوضات.. فأعمال العنف لن تحل هذه القضية وكذلك مسألة الأمن التي تهتم بها إسرائيل لن تحل عن طريق حمل السلاح ولكن الطريق الأساسي والنهائي هو مفاوضات السلام لذلك ندعو الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات واستئناف المحادثات في أسرع وقت ممكن وضمان استمرارها وتحقيق النتائج لهذه المفاوضات ولهذا على قيادات البلدين "إظهار النية الصادقة والتحلي بموقف طويل المدى ومسئول تجاه بلده وشعبه".
ودعا قونغ المجتمع الدولي إلى بذل الجهود المشتركة واتخاذ موقف مشترك وتعزيز الجهود الدبلوماسية بما يساعد الجانبين على استئناف المفاوضات..وقال نحن لدينا تواصل مع الرباعية الدولية وغيرها من الدول التي تهتم بقضية الشرق الأوسط ونأمل ببذل جهود مشتركة مع جميع الأطراف لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
واستدرك: "إننا لاحظنا انه كان هناك تواصل بين الرباعية الدولية وبعض الدول العربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ونأمل من الآلية الرباعية أن تلعب دورا اكبر في هذا الصدد، وكذلك لاحظنا أن هناك مبادرة جديدة من الجانب الفرنسي والصين تدعم جميع الجهود والمبادرات الدبلوماسية طالما كانت تساهم في تخفيف الوضع وتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
وأعرب المبعوث الصيني عن اعتقاده بأنه في الظروف الحالية يجب على المجتمع الدولي بذل جهود مشتركة لجعل الشعب الفلسطيني ودول شعوب المنطقة يبصرون النور والأمل، موضحا أنه يقصد بهذا اتخاذ خطوات عاجلة للاهتمام بالوضع الإنساني للاجئين من الشعب الفلسطيني وتعزيز المساعدات الإنسانية إلى فلسطين وحث المجتمع الدولي على الوفاء بتعهداته بالنسبة للمساعدات للشعب الفلسطيني.
وقال إنَّ فصل الشتاء على الأبواب والوضع الإنساني للاجئين قاسى جدا ولدينا انشغال كبير بهذا الموضوع ونأمل من المجتمع الدولي التحرك السريع والفعال في هذا الصدد ونحن سنبذل جهودنا أيضا وسنبذل جهودا مشتركة مع المجتمع الدولي والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين الفلسطينيين والتخفيف من الوضع الإنساني في فلسطين.
وشدد على أن "موقف الصين ثابت من القضية الفلسطينية، وجهودنا دائمة فمنذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن نحن دائما ندعم الجهود الساعية لإحلال السلام، ونحن دائما نرفض الحروب ودائما ندعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وسنستمر في هذه السياسة في المستقبل".
وجدد قونغ شياو شنغ، تأكيده على أن موقف بلاده من القضية الفلسطينية دائم ومنذ خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم لم يطرأ أي تغيير عليه، وقال: "ندعم دائما القضية الفلسطينية العادلة وموقف الصين متطابق تماما مع الموقف العربي ليس هناك أي اختلاف بيننا".
وأردف: "عندما كنت سفيرا للصين لدى فلسطين وفي كل لقاء مع القيادات الفلسطينية بمن فيهم الزعيم الراحل ياسر عرفات كانوا دائما ما يقولون أن الصين هي أول دولة تدعم القضية العادلة لفلسطين وهذا الموقف لم يتغير منذ هذا الوقت وان الشعب الفلسطيني يعبر عن شكره وتقديره للموقف الصيني".
وأشار إلى "أن ما تهتم ما به الصين الآن هو كيفية تخفيف الوضع المتوتر في فلسطين وحل القضية..ولا نريد أن نبحث في الأسباب النظرية لتطور هذه القضية لان الأسباب ربما ترجع إلى آلاف السنين والتحدث عنها سيستغرق يوما أو يومين واثق بأن أشقاءنا العرب لديهم الثقة بأن الصين تدعم قضية فلسطين وقضايا الشرق الأوسط وموقفنا عادل تجاه كل هذه القضايا.. أن أصدقاءنا العرب وكل الدول العربية يعرفون ذلك جيدا".
ونوه بأنَّ التركيز على موضوع المساعدات الإنسانية هو لأننا نريد تسريع وصول هذه المساعدات للاجئين الفلسطينيين بما يجعلهم يرون أملا وليس العكس، ولم ينكر قونغ أن مفاوضات السلام تواجه كثيرا من الصعوبات بسبب التعنت والتشدد من الجانب الإسرائيلي، وقال: "هذه هي الحقيقة ولكن يجب علينا إلا نتخلى عن الأمل وعن الجهود الدبلوماسية..وأنا رابع مبعوث صيني لقضية الشرق الأوسط وأنا وسلفي بذلنا جهودا كبيرة وقمنا بزيارات كثيرة للمنطقة ولدينا تواصل وثيق مع جميع الأطراف مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ونبذل الجهود المشتركة مع المجتمع الدولي لدفع الجهود والتحركات الدولية".
وأكمل: "هناك مباحثات بيننا حول جهود جديدة، وعبرنا عن استعدادنا لبذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي وبذل جهود أكثر حول قضية الشرق الأوسط ، وكذلك عبرنا عن أملنا في أن يكون الحل لقضية الشرق الأوسط شاملا وكلمة حلا شاملا لا تعنى فقط استئناف مفاوضات السلام بل إعادة الإعمار وانتعاش الاقتصاد والمساعدات الإنسانية وعلى مستوى المنطقة فالحل الشامل لا يقتصر على قضية فلسطين بل يشمل جميع القضايا والنزاعات والصراعات الساخنة في المنطقة مثلا في سورية والعراق واليمن وليبيا حيث يجب الدفع بحلول لهذه القضايا الساخنة بخطوات متوازنة".
وشدد على أن بلاده عندما تقوم بدفع مفاوضات السلام فإنها تريد أن تجعل شعوب المنطقة يروا أن هناك أملا ومستقبلا .. وبالتزامن مع دفع مفاوضات السلام يجب العمل أيضا على تحقيق التقدم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية للمنطقة، لافتا إلى أن الصين طرحت مبادرة بناء الحزام والطريق مؤخرا، وان هذه المبادرة قد تكون قناة للتعاون بين الصين والدول العربية، مما قد يلعب دورا كبيرا في دفع مفاوضات السلام.
وكشف أنَّه على الرغم من أن قضية الشرق الأوسط هي بالأساس قضية سياسية لكن إذا لم تحسب قضايا مثل التنمية الاقتصادية لأجل مصلحة الشعب في المنطقة فمفاوضات السلام لن تلعب دورا كبيرا. لذلك نأمل أن تكون جهود دفع السلام في الشرق الأوسط جهودا شاملة.
وأعرب عن استعداد الصين لبذل جهود في هذا الصدد، مضيفًا: "طبعا جهودنا في حاجة إلى دعم من المجتمع الدولي وفي حاجة إلى دعم من الدول العربية".
ووصف علاقة بلاده مع فلسطين بالمتميزة جدا، قائلًا إنَّ "مبنى مقر وزارة الخارجية الفلسطينية تبنيه الصين وأنا السفير الذي وقع على الاتفاق الخاص ببناء هذا المقر ويمكن أن أقول إنني أفضل سفير من حيث علاقتي مع الجانب الفلسطيني".
ورفض قونغ أن يقوم بأي عملية تقييم للرباعية الدولية ولدورها بالنسبة للقضية الفلسطينية ..وقال إنه "يجب أن ننظر إليها نظرة واقعية فلا يمكن استبعادها لان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لديهما التأثير عالميا ولذا لا يمكن تصور كيفية استبعاد دورهما في قضية فلسطين فأفضل طريق لحل هذه القضية هو استمرار دور الآلية الرباعية الدولية ودفعها للعب المزيد من الدور وهذه هي الطريقة الواقعية".
وأبرز أنَّ أي تحرك تتخذه الآلية الرباعية يجب أن يتطابق مع مصالحها لذلك فهم لن يتخلوا عن صوتهم ودورهم وحقهم في الشرق الأوسط لذلك أكيد هم سيفكرون في موقفهم في المستقبل وسيدركون أن الاستمرار في طريقتهم المتحيزة والظالمة تجاه قضية فلسطين ستصعب من دورهم في المستقبل.
وطالب المجتمع الدولي بأن يتخذ موقفا عادلا، مؤكدًا: "سنعمل على دفعهم للعب دور عادل ونحن على استعداد للتعاون معهم.. والصين ترحب بجميع المبادرات والجهود الدبلوماسية طالما تتفق مع مصالح الشعب الفلسطيني وتقبل بها الدول العربية .. نحن دائما نقول أن صوتنا في الأمم المتحدة دائما مع البلدان النامية وصوتنا في الأمم المتحدة دائما مع الدول العربية والشعب الفلسطيني وموقفنا هذا لم يطرأ عليه أي تغيير".
وعندما سئل قونغ عن الأقاويل حول احتمالات تدخل عسكري صيني في سورية، شدد على أن "مبدأ الصين هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.. وهذا المبدأ تلتزم به الصين ليس فقط تجاه قضية سورية بل تجاه أي قضية عالمية لأننا نعتقد أن هذا المبدأ هو من القواعد الأساسية للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة وهو أيضا جوهر سياستنا تجاه سورية".
وأوضح "أن الدبلوماسية الصينية تعارض التدخل العسكري في أي بلد ونحن على مدى السنوات من وجودنا في الأمم المتحدة نرفض اللجوء للحل العسكري إزاء النزاعات في العالم.. وهذا الموقف هو من القواعد الجوهرية للسياسة الخارجية الصينية. وأثق أن الصين لن تقوم بأي فعل يتعارض مع هذه القواعد الجوهرية لسياستها الخارجية . لذلك لن نتدخل عسكريا في النزاعات الساخنة".
واسترسل: "إنني لاحظت ما يتم تداوله في الإعلام من أقاويل ولا اعرف على أي أساس استندت وسائل الإعلام بالنسبة للحديث عن تدخل عسكري صيني في سورية. فبالرغم من أنني سفير الصين ومبعوثها الرسمي الخاص للشرق الأوسط لم اسمع مثل هذا الخبر في الدوائر الرسمية الصينية ولا اعتقد أن هذه الأقاويل لديها أساس".
واختتم بأن "موقفنا واضح نحن دائما نحث على السلام وليس الحرب و يجب على المجتمع الدولي أن يستخلص العبر من قضية فلسطين وقضايا الشرق الأوسط لان قضية فلسطين قد استغرقت أكثر من نصف قرن والحقيقة تدل مرارا وتكرارا على أن الوسائل العسكرية لن تحل أي مشكلة لذلك لدينا قناعة تامة أن دعم مفاوضات السلام هو الطريق الصحيح الوحيد".
أرسل تعليقك