مرسي يلغي قانون الضرائب
القاهرة ـ أكرم علي
قرر الرئيس المصري محمد مرسي، إلغاء قانون الضرائب الجديد، الذي أثار عاصفة من الغضب والجدل في الأوساط السياسية والاقتصادية، عقب تحذيرات السياسيين وخبراء الاقتصاد من اندلاع "ثورة الجياع" وإعلان حزب "الحرية والعدالة" رفضه للقانون.وقال بيان الرئاسة، إن "السيد رئيس الجمهورية
وهو يستشعر نبض الشارع المصري، ويدرك مدى ما يتحمله المواطن المصري المكافح من أعباء في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، قد تابع ما ترتب على إصدار قرارات تتضمن رفع الضرائب على بعض السلع والخدمات من ردود فعل ناشئة عن التخوف من أن يؤدى تطبيق هذه القرارات إلى ارتفاع في الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة على المواطنين، ولما كان السيد الرئيس لا يقبل أن يتحمل المواطن المصري أي عبء إضافي إلا باختياره ورضاه، فقد قرر سيادته وقف سريان هذه القرارات وكلف الحكومة بأن تجري حولها نقاشًا مجتمعيًا وعلنيا يتولاه الخبراء المتخصصون، حتى يتضح مدى تمتعه بقبول الرأي العام، وسيبقى الشعب دائمًا هو صاحب الصوت الأعلى والقرار الأخير".
وكان الرئيس مرسي، قد قرر بصفته ممثلاً للسلطة التشريعية، تعديلات على قانون ضرائب الدخل والمبيعات والدمغة والعقارات والضرائب النوعية، وقالت مصادر حكومية "إنها تأتي ضمن التزامات حكومية ببرنامج إصلاحي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لاقتراض 4.8 مليار دولار، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والرفض من قبل نسبة كبيرة من المواطنين والسياسيين و خبراء الاقتصاد المصريين في مواجهة هذه القرارات".
فعلى صعيد الخبراء الاقتصاديين، انتقد الخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم هذه القرارات، وقال لـ" العرب اليوم"، "إنها تعبر بشكل مباشر عن برنامج صندوق النقد الدولي، الذي حذر منه الخبراء وأنه يهدف لزيادة الأعباء على المواطن البسيط"، مضيفًا أن "هذه القرارات ستزيد من الغضب الشعبي وربما تولد ثورة جياع، نظرًا أن الثورة لم تحقق لهم الأهداف المرجوة وأن ترفع من أعبائهم بل زادت".
فيما حذر الخبير الاقتصادي سلطان أبو علي لـ "مصر اليوم"، من "هذه القرارات التي ستزيد الغضب الشعبي إضافة إلى الغضب السياسي، مما يهدد بثورة جديد ولكن سيكون قادتها الفقراء وليس السياسيين، وإن صندوق النقد الدولي وضع الشروط ولم تفصح عنها الحكومة، وقالت لا شروط للقرض إطلاقًا، والآن الحقيقة تنكشف للمواطنين".
من جانبه، أكد حزب "الحرية والعدالة" على موقفه الدائم لرفض أي سياسات اقتصادية تزيد الأعباء على المواطنين محدودي الدخل، كما طالب الحزب رئيس الحكومة بوقف هذه القرارات، إلى حين عرضها على مجلس النواب بعد تشكيله، إذ لا يقبل صدور قرارات اقتصادية تمس قطاعات عريضة من المجتمع في غيبة البرلمان، ومن خلال حكومة تشكلت في مرحلة انتقالية، لم تعرض برنامجها وموازنتها على نواب الشعب، وطالب الحزب بوقف هذه القرارات لتتم مناقشتها ضمن الموازنة العامة للدولة، وبحث ما إذا كانت هناك سياسات اقتصادية بديلة، تضمن عدم تأثر الطبقات الكادحة من الشعب بمثل هذه الإجراءات. كما أعربت عدد من القوى السياسية والثورية في محافظة الإسكندرية شمال مصر عن رفضها لقرارات الرئيس محمد مرسي الاقتصادية، حيث اعتبرته بعيدًا تمامًا عن هموم المواطن العادى، وأكدت أن النظام بهذه القرارات يؤكد أنه لايمثل الثورة التي نادت بالعدالة الإجتماعية، مُحذرة من حدوث مواجهات عنيفة مع مؤسسات الدولة، التي قد تتحول إلى "ثورة جياع" قريبًا. وقال منسق "حركة كفاية" ومسؤول التيار المدني الديموقراطي في الإسكندرية عبد الرحمن الجوهري "إن مثل هذه القرارات كانت متوقعة منذ الإتفاق على قرض الصنوق الدولي، فضلاً عن أن النظام الإخواني الحاكم يدعم بوضوح طبقة الأغنياء والرأسمالية المستغلة، و يحمي رجال الأعمال المنتمين إليه، وأنه ليس له علاقة بالعدالة الاجتماعية، و سيؤدي بالبلاد إلى مزيد من الغلاء في الأسعار". كما حذر الجوهري من خطورة استمرار مرسي وجماعته في الانفراد بمقدرات البلاد، قائلاً "إنه بمثل هذه القرارات ستسير البلاد إلى اقتصاد أسوأ من عصر مبارك، وستؤدي إلى فجوة واسعة بين دخل المواطن ومستوى الأسعار المرتفع". وأضاف قائلاً "إن سياسات الدكتور محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى إشعال ثورة الجياع في المرحلة المقبلة، وهذا يعيد إلى أذهاننا ما حدث في كانون الثاني/يناير 1977، أيام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وما واكب قراراته من انتفاضة شعبية ضد هذا الغلاء، بالإضافة إلى ذلك، فإن تك القرارات الاقتصادية وماسبقها من إعلانات دستورية، ودعوته للاستفتاء على الدستور، كل هذه الأمور تؤكد أن مرسي فقد شرعيته كرئيس للدولة، وانحرف عن مسار الثورة، وفقد صلاحياته كرئيس لكل المصريين، وبات مندوبًا لصندوق النقد الدولي في مصر". كما علق أحد مؤسسي "الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر" محمود حال على هذه القرارات قائلاً "إنها تكرس لفكرة أن النظام الحاكم في مصر هو نظام جماعة الإخوان المسلمين، وليس نظام مرسي، وأنه بعيد تمامًا عن نبض الشارع المصري، وطلبات واحتياجات المواطنين، بالإضافة إلى أن هذه القرارات تتعارض تمامًا مع مبادئ الثورة، التي قامت من أجل العيش والكرامة والعدالة الاجتماعية". وأضاف حال "إن الجماعة بهذه القوانين تحاول تجميع الأموال من دم الشعب البسيط لتحقيق أهداف الجماعة ومصالحها، دون الانتباه إلى احتياجات الشعب ومطالب الثورة". مؤكًا على أن "هذه القرارات تدل وبكل وضوح على غباء سياسي، حيث أن الشارع المصري في الوقت الحالي مُلتهب، والكل كان يتوقع أن يكون هناك قرارات تنحاز إلى الفئة المطحونة من هذا الشعب، والتي كما أعلنت من قبل جماعة الإخوان المسلمين أنها تزيد على 40% من الشعب المصري". كما انتقد حال وعود جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الدكتور محمد مرسي، خلال فترة الدعاية الانتخابية للرئاسة، التي اعتبرها "وهمية"، متسائلاً "أين وعود الجماعة التي أكدوا خلالها أنهم قادرين على توفير الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج، وأعلنوا أن مصر ليست بحاجة إلى قروض، وأن بها ثروات طائلة كافية لتحقيق انتعاشة كبيرة للاقتصاد المصري". مؤكدًا أن "هذه القرارات أثبتت وبشكل قاطع أن الشعب المصري وقع في خديعة كبرى". كذلك أكد منسق التيار الليبرالي في الإسكندرية رشاد عبد العال أن "قرارات مرسي الاقتصادية ستزيد من حالة الاحتقان السياسي والاجتماعى، و تعد رضوخًا لصندوق النقد الدولي، من أجل الحصول على القرض"، وأضاف قائلاً "إن هناك حالة من التخوف تنتاب الكثيرين من ارتفاع الأسعار، وإمكان أن يؤدي ذلك إلى نوع من أنواع العنف الاجتماعي، والعنف في مواجهة مؤسسات الدولة". وأضاف عبد العال "إن هذا النظام يؤكد يومًا بعد يوم أنه لايكترث بقراءة الواقع السياسي والاجتماعي المصري، و يصر على السير في نفق مظلم، لانعلم إلى أين سيؤدي في مصر، لكن الجميع على قناعة أن حكم الإخوان قد أوشك على السقوط". هذا، وقد نشرت الجريدة الرسمية القانون رقم 102 لسنة 2012، الخاص بتعديل القانون رقم 11 لسنة 91، بشأن تعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، وهو ما يعد استجابة لشروط صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرض بقيمة 4.8 مليار دولار. وجاءت السجائر على رأس السلع التي تم زيادة ضريبة المبيعات عليها بنسبة 50% من سعر البيع للمستهلك، بالإضافة إلى 250 قرشا على العبوة بالنسبة للسجائر المستوردة، وسيتم احتساب نفس نسبة الضريبة على السجائر المحلية مع إضافة 200 قرش فقط للعبوة. وفرض القانون على "البيرة" ضريبة جديدة قدرها 200%، بحد أدنى 400 جنيه على "الهيكتو لتر" للمحلية الصنع أو المستوردة، وضريبة بنسبة 150% على المشروبات الكحولية بحد أدنى 15 جنيهًا على اللتر، سواء المحلي أو المستورد، وبالنسبة للمعسل والنشوق والمدغة والدخان تم فرض ضريبة بنسبة 150% للمحلي والمستورد، كما فرض القانون بتعديلاته الجديدة ضريبة بنسبة 25% على المياه الغازية المحلية أو المستوردة. كما تضمن القرار تعديلات قانون ضريبة الدمغة، وفرض ضريبة نسبية على أرصدة التسهيلات الائتمانية والقروض والسلف، وأي صورة من صور التمويل التي تقدمها البنوك، وذلك بواقع 4 في الألف سنويًا، على أن يلتزم البنك بسداد "واحد في الألف" على أعلى رصيد مدين خلال كل ربع سنة، وعلى أن يتم السداد خلال سبعة أيام من نهاية كل ربع سنة، ويتحمل البنك والعميل الضريبة مناصفة. كما نصت التعديلات أيضًا على أن تكون الضريبة على الإعلانات بواقع 10% للإعلان حتى مليون جنيه، و 15% للإعلان من مليون جنيه وحتى 25 مليونًا، و 25% للإعلانات التي تزيد عن 25 مليون جنيه. ونصت المادة "61"على قيام كل جهة تقوم بالإعلان بإخطار مصلحة الضرائب عن الإعلانات التي يتم عرضها أو إذاعتها أو نشرها، موضحًا بها الإعلان وقيمته والضريبة المستحقة عليه، ونصت التعديلات على أن الإعلانات المعفاة من الضريبة تشمل الإعلانات التي تصدر بقصد الإعلام بأوامر السلطة العامة، وإعلانات التحذير، وإعلانات البيوع الجبرية، وإعلان طالب الحصول على عمل، والإعلانات الخاصة بالمفقودين والمفقودات. كما أصدر الرئيس محمد مرسي، قراراً بفرض ضريبة نوعية على التصاريح، مقدارها 90 قرشًا على كل تصريح يصدر من أي سلطة إدارية، وعلى الرخص مقدارها 3 جنيهات على كل رخصة تصدر من أي سلطة إدارية، عدا رخص تختلف ضريبتها حسب نوعها، ومنها رخص كل من استغلال محاجر ومحال الملاهي والسينما، واستغلال مصنع طوب مقدارها 1000 جنيه سنويًا، و ضريبة مقدارها 100 جنيهًا سنويًا على ترخيص محل جزارة أو محل صناعي، و 18 جنيهًا لرخصة تسيير سيارة نقل تزيد حمولتها عن 15 طن، و15 جنيها لرخصة سيارة نقل حمولتها تزيد عن 5 أطنان، و 12 جنيهًا لكل من رخصة تسيير سيارة نقل حمولتها 5 أطنان فأقل، ورخصة تسيير سيارة ركوب أكثر من 4 "سلندرات" فأقل، ومثلها سنويًا لرخصة محل عام وأخيرًا 6 جنيهات لكل من رخصة تسيير سيارة ركوب أربعة "سلندرات" فأقل، ورخصة لاستيراد أسلحة وذخائر أو نقلها، و 30 جنيها لرخصة البناء. كما نص القرار على فرض ضريبة نوعية بواقع 3 جنيهات سنويًا على توريد كل من المياه والكهرباء، و 3 قروش على كل كيلو وات من الكهرباء المستعملة للإضاءة في أي مكان، و6 مليم على كل متر مكعب من استهلاك الغاز المستخدم في غير الأغراض الصناعية، و 25 قرشا زيادة على كل متر مكعب زيادة، و9 قروش على كل كيلو جرام من استهلاك البوتاجاز، و3 جنيهات للطن من استهلاك الغاز، والبوتاجاز في الأغراض الصناعية. كما فرض القانون ضريبة مقطوعة بنسبة 10%، على الأرباح التي يحققها الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون، من كل طرح على الأوراق المالية لأول مرة في البورصة، على أن تسري هذه الضريبة على الأرباح التي يحققها المقيمون وغير المقيمين في مصر. وأضاف أن الضريبة تحسب على أساس الفرق بين سعر الاقتناء، أو القيمة الاسمية في حالة التأسيس وبين سعر الاستحواذ. كما أصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية، وسيتم العمل بالضريبة المعدلة اعتبارا من الأول من تموز/ يوليو 2013. وحدد القرار الجمهوري أن يكون سعر الضريبة العقارية 10% من القيمة الإيجارية السنوية للعقارات الخاضعة للضريبة، وذلك بعد استبعاد 30% من هذه القيمة، بالنسبة للأماكن المستعملة في أغراض السكن، و32% بالنسبة المستعملة في غير أغراض السكن. وحددت المادة "18" من نص القرار الإعفاءات من الضريبة، وتشمل كل وحدة عقار مستعملة في أغراض السكن، تقل قيمتها الإيجارية السنوية عن 24 ألف جنيه، على أن يكون هذا الإعفاء لوحدة واحدة لكل مالك. كما نصت المادة 24 على أن تؤول حصيلة الضريبة العقارية والمبالغ المقررة في هذا القانون للخزانة العامة، على أن يخصص للمحافظات 25% من الضريية المحصلة في نطاق كل محافظة، وأن يخصص 25% من كامل الحصيلة لأغراض تطوير وتنمية المناطق العشوائية، على الوجه الذي يصدر بتنظيمه قرار من مجلس الوزراء
أرسل تعليقك