بغداد-نجلاء الطائي
اتهم "المرصد العراقي لحقوق الإنسان"، الخميس القوات الأمنية بارتكاب انتهاكات عديدة بحق المشاركين في التظاهرات السلمية التي عمت غالبية المحافظات العراقية منذ نهاية تموز / يوليو الماضي، منها استعمال القوة المفرطة ضدهم، وفي حين طالب رئيس الحكومة حيدر العبادي، بضرورة توفير الحماية اللازمة لهم وتنفيذ مطالبهم، ومنع تلك الاعتداء عليهم، وحذر من استمرار تلك الانتهاكات.
وأوضح المرصد، في بيان اطلع عليه "العرب اليوم" أنه تابع على مدى الأسابيع السبعة الماضية الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الجنوبية، وازداد قلقه بنحو كبير بعد التعامل غير الإنساني من بعض عناصر القوات الأمنية في عدد من المحافظات، مشيرًا إلى أن القوات الأمنية استعملت في محافظتي بابل وذي قار، القوة غير المشروعة لتفريق المتظاهرين بعدما خرجوا للمطالبة بإصلاحات في مؤسسات الدولة العراقية، واسترجاع الأموال العراقية المنهوبة منذ أعوام.
وأضاف أن الناشطين في بغداد والمحافظات تعرضوا للتخوين من قبل كتل سياسية وشخصيات تابعة لها، مبديًا الخشية من محاولة البعض إحداث فوضى في التظاهرات لتحميلها والشخصيات البارزة فيها مسؤولية ذلك.
وأفاد بأن 18 من المتظاهرين اعتقلوا في العاصمة بغداد، التي شهدت أول تظاهرة في 31 تموز / يوليو الماضي، في الجمعة الخامسة من التظاهرات، بعد انسحاب المتظاهرين بقليل، لافتًا إلى أن شهود عيان أكدوا أن أربع سيارات "بيك آب" تابعة للقوات الأمنية العراقية وقفت في شارع السعدون، وسط العاصمة، بحدود الساعة 8.30 مساءً، وترجلت منها مجموعة يرتدون لباسًا مدنيًا، ويحملون عصيًا وفي أحزمتهم مسدسات، يعتقد أنهم من الاستخبارات نفذوا مجموعة اعتقالات.
وذكر أن التظاهرة الأولى التي أقيمت في بغداد شهدت اختفاء أحمد الساعدي، وهو من مواليد 1985، ومنتسب في الجيش العراقي، لكن بعد ذلك عرف ذووه والناشطون أنه يقبع في أحد سجون قيادة عمليات بغداد، مؤكدًا أن اعتقال الساعدي جاء بعد مشاركته في التظاهرات وحديثه بالعلن أمام القوات الأمنية عن المسؤولين في الدولة العراقية.
وتابع أن الجمعة الثالثة التي عقدت في 14 آب / أغسطس الماضي، شهدت قيام بعض الأشخاص الذين لم تُعرف هويتهم حتى الآن، بضرب عدد من الناشطين البارزين في بغداد بالسلاح الأبيض، وإنزالهم من منصات التظاهر بعد تهديدهم، فضلاً عن تعرض إحدى المتظاهرات لإصابة في الرأس، وأن محافظة البصرة شهدت تعرض المتظاهرين إلى الاعتداءات، كما تم ضرب المعتصمين، في الساعة الواحدة صباحًا من اليوم الأول للاعتصام، ورميهم بقنابل مسيلة للدموع والتهديد برفع الخيمة من قبل القوات الأمنية، لكن الأمور جرت بنحو طبيعي بعد تدخل أطراف عدة، برغم أن التهديدات استمرت للناشطين وتم الاعتداء عليهم أثناء اعتصامهم وتهديم خيمهم.
وواصل أن عددًا من الأفراد مجهولي الهوية دخلوا إلى خيمة المعتصمين في البصرة، وقاموا بضربهم وسرقة هواتفهم المحمولة والخروج من الخيمة، في مكان كانت تتواجد فيه القوات الأمنية العراقية لكنها لم تتدخل، ناقلًا عن ناشطين من البصرة قولهم إن "قائد عمليات الشرطة في محافظة البصرة، هددنا بصورة غير مباشرة، عندما أكد أن قوته لا تستطيع حماية المعتصمين، ودعاهم لرفع الخيمة والعودة لبيوتهم فهي آمن لهم، مؤكداً أنه لا يستطيع حماية نفسه ولا ابنه".
وسجل المرصد جرح سبعة متظاهرين في محافظة البصرة، وقتل آخر هو منتظر الحلفي، دون وجود أية محاسبة للمعتدين على المتظاهرين السلميين.
ومضى المرصد العراقي لحقوق الإنسان، قائلاً إن "المادة 38 من الدستور العراقي النافذ، تنص على حق المواطنين التظاهر والتعبير عن آرائهم بالطرق والوسائل السلمية، كما أن حق التجمع السلمي مكفول في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعراق طرف فيه".
وأضاف أن "المادة 21 منه تنص على أنه لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".
وطالب المرصد، رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، بضرورة توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين السلميين وتنفيذ مطالبهم، ومنع القوات الأمنية من الاعتداء عليهم واستخدام القوة المفرطة تجاههم، محذرًا من استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص الذين يطالبون بحقوقهم ويتظاهرون بشكل سلمي احتجاجًا على سوء الخدمات والوضع الأمني في البلاد.
ويذكر أن العاصمة بغداد وغالبية المحافظات العراقية تشهد حراكًا جماهيريًا واسعاً منذ 31 من تموز / يوليو الماضي، للمطالبة بتصحيح مسار العملية السياسية ومكافحة الفساد، وتحسين الخدمات، بدعم من المرجعية الدينية الشيعية.
أرسل تعليقك