استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لقاءه المرتقب مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في برلين الخميس المقبل، بإقرار سلسلة إجراءات استفزازية في القدس المحتلة عكست النية للتصعيد بدل التهدئة، وتزامنت مع تقارير عبرية أكدت أن رئيس الحكومة لا يعتزم خلال اللقاء تقديم أي "لفتة طيبة" تجاه الفلسطينيين لحمل قيادتهم على "لجم العنف".
ومن بين هذه الإجراءات الاستفزازية البدء ببناء جدار فصل عنصري يبلغ طوله 300 متر، ويفصل بين جبل المكبر الذي تحدر منه عدد من المهاجمين، والحي الاستيطاني "أرمون هانتسيف"، ويهدف فقط إلى منع إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الحي الاستيطاني، ما دفع خصومه إلى اتهامه بتقسيم القدس رسميًا، في حين رأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن بناء الجدار يمثل حالة "الهستيريا" التي تعاني منها إسرائيل.
كما نشرت السلطات أكثر من 30 حاجزًا عسكريًا في قلب القدس المحتلة وبين أحيائها العربية، ما تسبب بأزمة سير خانقة وتكدس المركبات على الحواجز، إضافة إلى إعطاء الشرطة حق توقيف أي مقدسي في الشارع وتفتيشه بكل ما يتضمنه ذلك من مهانة.
في الوقت نفسه، أفاد موقع "وَاللاَّ" الإخباري بأن نتنياهو رفض اقتراحًا أردنيًا باستعادة سيطرة الوقف الإسلامي في القدس على المسجد الأقصى المبارك، حسب ما كان معمولًا به منذ احتلال القدس عام 1967 حتى عام 2000 عند اندلاع انتفاضة الأقصى، أي أن يقرر الوقف هوية الداخلين من غير المسلمين إلى باحات المسجد، علمًا أنه منذ عام 2003 أخذت السلطات الإسرائيلية لنفسها هذا الحق.
من جانبه، استبق كيري لقاءه نتنياهو بدعوة إسرائيل والسلطة إلى "ضبط النفس"، مؤكدًا خلال مؤتمر صحافي في مدريد: "نريد عودة الهدوء، ونريد أن يتوقف العنف". وأشار إلى الاقتراح الفرنسي في شأن نشر مراقبين دوليين في باحة الأقصى بهدف احتواء العنف، قائلًا إن "إسرائيل تدرك أهمية الحفاظ على الوضع القائم... لا نسعى إلى أي تعديل جديد، ولا نريد أن تأتي أطراف خارجية" إلى الموقع، و "لا أعتقد أن إسرائيل أو الملك عبد الله الثاني والأردن يريدان ذلك".
وتتزامن الإجراءات الاستفزازية الإسرائيلية وعدم الاستعداد لتقديم أي بادرة طيبة للفلسطينيين أو للأردن، مع توجيه اتهامات بالتحريض تارة للرئيس محمود عباس، وأخرى لحركة "حماس"، إذ نقلت صحيفة "هآرتس" عن سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن نتنياهو سيطالب الفلسطينيين، من خلال كيري، بـ "وقف التحريض والعنف، وبأن تقوم السلطة بخطوات عملية في هذا الاتجاه".
كما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر عسكرية قولها إن قيادة "حماس" في غزة أصدرت تعليمات للحركة في الضفة لتنفيذ عمليات استشهادية، خصوصًا في الخليل ونابلس لسهولة الوصول إلى القدس.
ميدانيًا، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن الشاب البدوي مهند العقبي (21 عاما) هو منفذ الهجوم على محطة الحافلات في بئر السبع مساء أول من أمس، ما أدى إلى مقتل المهاجم وإسرائيلييْن، أحدهما جندي والآخر أريتري قتل بيد الإسرائيليين ظنًا منهم أنه أحد المهاجمين.
وقالت إنها ستحقق مع المعتدين على اللاجئ الأريتري، في وقت حذر نتنياهو الإسرائيليين من تطبيق القوانين بأيديهم. وانتشر فيديو عبر شبكة الإنترنت يظهر فيه الأريتري على الأرض بعد إطلاق النار عليه، ويتم ركله في رأسه وجسده من جانب إسرائيليين.
وكان العقبي طعن 3 جنود وتمكن من الاستيلاء على بندقية جندي قبل أن يشرع بإطلاق النار فيما الجنود يهربون من المكان. واتهمت الشرطة الجنود بالتقصير والهرب بدلًا من إحباط العملية. واعتبر المعلقون العسكريون ما جرى فشلًا للجيش الإسرائيلي، وقال أحدهم: "هؤلاء جلبوا العار للجيش، ويصلحون لتنظيم السير وليس للقتال".
وأعلنت الحكومة الفلسطينية التي يترأسها رامي الحمد الله، الثلاثاء، أن "الهبة الشعبية لا يمكن أن تنهيها الإجراءات الأمنية القمعية التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية في حق المواطنين".
وقالت الحكومة عقب جلستها الأسبوعية التي عقدت في رام الله، إن "الحل الوحيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والخلاص من الاحتلال وجرائمه العدوانية المتواصلة في حق أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا".
وقام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيارة مفاجئة اليوم إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف دعوة قادة الطرفين إلى العمل على وقف تصاعد العنف.
ودعت الحكومة الفلسطينية مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى "وضع حد لجرائم دولة الاحتلال وانتهاكاتها للقانون الدولي والاتفاقات الدولية، والاستجابة إلى طلب توفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني حتى يتم إنهاء الاحتلال".
وأشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى أن من المحتمل أن يجري محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الشرق الأوسط عوضا عن ألمانيا بحسب ما كان مخططا له من قبل، قائلا خلال رده على أسئلة عقب كلمته بشأن التغير المناخي "سأجتمع مع رئيس الوزراء نتنياهو إما في ألمانيا أو في المنطقة".
وتهدف محادثات كيري المنفصلة مع كل من نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله إلى تقليل العنف الذي يعود لأسباب منها غضب الفلسطينيين بسبب ما يعتبرونه انتهاكا لحرم المسجد الأقصى.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التحرك بسرعة لوقف "دوامة العنف الخطيرة"، وذلك خلال زيارة مفاجئة له إلى إسرائيل.
وقبل وصول بان كي مون، أعلن الجيش الإسرائيلي ومسعفون مقتل فلسطيني طعن جنديا خلال مواجهات بالقرب من الخليل (جنوب الضفة الغربية) حيث هدم الجيش الإسرائيلي منزل فلسطيني آخر كان قتل إسرائيلية طعنا في 2014.
كما أصيب إسرائيليان صدمتهما سيارة في الضفة الغربية المحتلة حاولت دهسهما فيما تم قتل سائقها، وقال بان كي مون للصحافيين خلال لقاء مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين "في حال لم نتحرك بسرعة فإن الوضع على الأرض سيزداد سوءا".
وعبر بان كي مون كذلك عن قلقه من "التصعيد الخطير"، وقال في رسالة مسجلة لتلفزيون الأمم المتحدة انتقد فيها القادة الإسرائيليين والفلسطينيين بحدة "في هذه الفترة الصعبة يجب أن نقول كفى".
وتندرج رسالة بان وزيارته التي تستمر يومين في إطار جهد دبلوماسي جديد لمواجهة أعمال العنف التي تهز إسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ الأول من تشرين الأول وتثير مخاوف من انتفاضة جديدة.
ويفترض أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الأسبوع الحالي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الشرق الأوسط ربما في الأردن، فيما سيلتقي بان كي مون لاحقا نتنياهو في القدس، كما سيجري محادثات مع عباس صباح الأربعاء.
وأسفرت المواجهات اليومية بين راشقي الحجارة الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين والهجمات المتبادلة بين الفلسطينيين والمستوطنين وسلسلة من الهجمات ضد الإسرائيليين عن سقوط 42 قتيلا فلسطينيا وقتيل عربي إسرائيلي من جهة، وثمانية إسرائيليين من جهة أخرى. وقتل اريتري اعتبر خطأ منفذ هجوم.
وآخر القتلى الفلسطينيين سقط الثلاثاء في الخليل برصاص جنود إسرائيليين بعدما هاجم بالسكين عنصرا في الجيش خلال تظاهرة عنيفة بالقرب من بيت عوا (جنوب غرب الخليل).
وذكر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن "فلسطينيا هاجم بالسكين عنصرا في الجيش أصيب بجروح طفيفة خلال تظاهرة عنيفة بالقرب من بيت عوا ورد الجنود بإطلاق النار على المهاجم"، بينما أكد مستشفى الخليل مقتل الفلسطيني البالغ 23 عاما ويدعى عدي مسالمة.
من ناحية ثانية اقتحم الجنود الإسرائيليون بلدة بيت عوا، وتمركزوا على أسطح المنازل وقاموا بتفتيش عدد من المنازل هناك. كما اقتحموا منزل والد عدي مسالمة ويقومون بإطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي تجاه الشبان، بحسب شهود من البلدة.
وقامت الشرطة الإسرائيلية باعتقالات في القدس الشرقية المحتلة. وقالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري "قامت قوات من الشرطة وحرس الحدود الليلة الماضية باعتقال 14 عربيا مقدسيا في القدس الشرقية للاشتباه بضلوعهم في أعمال وأحداث الإخلال بالنظام الأخيرة التي حصلت في أنحاء متفرقة من القدس والبلدة القديمة. عشرة منهم بالغون وأربعة قاصرين".
واتخذت الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي سلسلة من الإجراءات لوضع حد أعمال العنف من بينها هدم منازل منفذي الهجمات الفلسطينيين. وفي هذا الإطار وعلى الرغم من اعتراض عشرات من راشقي الحجارة، هدم الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر الثلاثاء منزل فلسطيني في الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة كان قتل إسرائيلية طعنا في أواخر 2014.
أرسل تعليقك