أعلن وزير الخارجية الهولندي بيرت كونديرس، أن بلاده تعمل على أربعة مستويات، من بينها دعم المعارضة المعتدلة وجهود المبعوث الدولي سيتفان دي ميستورا "كي لا نُجبر" للاختيار بين تنظيم "داعش" والنظام السوري.
وأشار كونديرس، إلى ضرورة التحدث مع جميع الأطراف في سورية، والرئيس بشار الأسد للوصول إلى "حل انتقالي" يتضمن "إنهاء تهميش السنة".
وأضاف في حواره لـ"الحياة" أن الصراع في العراق وسورية أصبح طائفيًا، لكن الحل يجب أن يكون غير طائفي".
وذكر وزير الخارجية الهولندي، في لاهاي مساء الأثنين، أن "هولندا جزء من التحالف الدولي- العربي ضد "داعش" ولدينا مقاتلات إف١٦ تشارك في الغارات في العراق وخبراء تدريب في بغداد وأربيل.
وتابع "وفي سورية، ندعم المعارضة المعتدلة بمعدات غير فتّاكة، مضيفًا" هل هذا ناجح أم لا؟ يجب أن ندرك أن احتواء داعش ومحاربته يتطلبان وقتًا طويلًا.
وأردف "هناك بعض النجاحات، إذ باتت لدى داعش صعوبات في الاتصالات ونقل المعدات والآليات اللوجستية، وهناك قيود في تحرك التنظيم، كما أن بعض القادة قتلوا، لكننا ندرك أن الحل ليس عسكريًا فقط، بل لا بد من الحل السياسي لإنهاء تهميش السنة في العراق وسورية".
وردًا على سؤال بشأن ضربات التحالف ضد "داعش"، أوضح أن تلك الضربات ضرورية وحققت بعض النجاحات، لكن النجاح الكامل يعتمد على عوامل أخرى تتضمن عددًا من العناصر، بينها المشاركة السياسية.
وشدد كونديرس على خطورة أن يسعى أي طرف إلى الانتصار الساحق، موضحًا أن صراعًا طائفيًا هناك ولكن أنه ليس هناك حل طائفي للصراع. وبشأن العراق، قال وزير الخارجية الهولندي إن هناك جهود جدية لإنهاء تهميش السنة، ولم نحقق ذلك بعد، وهذا يتطلب سياسة جدية لضم السنة في العملية السياسية، أي بالتوازي مع مشاركة الميلشيا الشيعية في العملية العسكرية ولابد من التواصل مع قادة السنة والعشائر.
وبين أنه يجب الإقرار بأن عملية التمثيل السياسي (للمكونات العراقية) لا تزال في بدايتها.
وعن سورية، قال كونديرس: الانتفاضة ضد النظام السوري بدأت لأسباب مختلفة ومطالب محقة، لكنها أصبحت الآن جزءًا من الحرب الطائفية في منطقة الشرق الأوسط.
ولفت إلى أنه ذهب إلى إسطنبول والتقى مسؤولين في المعارضة السورية و"ناقشنا إمكان تقوية المعارضة المعتدلة إذا كانت هذه التسمية صحيحة". وأضاف "لسنا منخرطين في العمل العسكري في سورية، لكننا منخرطون في إعادة الإعمار (في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام) وتمكين الشرطة والدور القيادي للمرأة".
وزاد: "الخطورة في سورية والوضع الراهن يجبراننا على الاختيار بين داعش ونظام (الرئيس بشار) الأسد، وهذا خيار زائف، لذلك يجب أن نقوي الخيار البديل"، مشيرا إلى وجوب "تقوية المعارضة المعتدلة" والجمع بين مقاربتين "من تحت إلى فوق" (في إشارة إلى اتفاقات وقف النار المحلية) و "من فوق إلى تحت" (في اشارة إلى الحل السياسي على المستوى الوطني ضمن عملية جنيف).
وزاد: "لذلك نقدم الدعم إلى دي ميستورا الذي يحاول تجميد القتال وتحقيق هذا البرنامج، وهذا شيء مهم لأسباب إنسانية وسياسية، إضافة إلى ضرورة التحقق من "إمكانات المفاوضات (بين ممثلي النظام والمعارضة) على أساس بيان جنيف، وهذان الجهدان مهمان ويجب أن يكمّل أحدهما الآخر".
وبشأن دعم مقاربة دي ميستورا لتجميد القتال والعمل على العودة إلى مفاوضات جنيف التي توقفت في بداية العام الماضي، أشار كونديرس إلى ضرورة "متابعة ما يقوم به الروس" بعد استضافتهم في لقاء بين ممثلي الحكومة والمعارضة في موسكو نهاية الشهر الماضي، وضرورة "دعم الدبلوماسية الإقليمية" بين اللاعبين الرئيسين في الملف السوري، من دون التخلي عن "الدعم الإنساني للاجئين والنازحين السوريين".
وأجاب وزير الخارجية الهولندي ردًا على سؤال آخر، أن بلاده منخرطة عسكريًا في العراق وليس في سورية، لأن "هولندا تتمسك دائمًا بالشرعية الدولية، لذلك لا بد من أساس شرعي لأي عمل عسكري في سورية". واستطرد "صيحيح أن بعض الدول تفكر بطريقة مختلفة، في إشارة إلى الدول المشاركة في غارات التحالف الدولي- العربي على مواقع "داعش" في شمال سورية وشمالها الشرقي، "لكننا لا نستطيع القيام (بشن الغارات في سورية) من دون قرار دولي من مجلس الأمن. وهذا لا يشمل تقديم دعم غير فتّاك للمعارضة".
وسُئل عن تصريحات المبعوث الدولي من أن الأسد جزء من الحل لوقف العنف في سورية، فأجاب أنه عمل مبعوثًا دوليًا في مالي قبل سنوات و"لا أعرف بدقة خلفية تصريحات" دي ميستورا باعتباره مبعوثًا دوليًا إلى سورية.
وأضاف: "لا يمكننا أن نقبل أن يكون من تلطخت أيديهم بدماء السوريين جزءًا من مستقبل سورية، فهذا أمر مستبعد، لكن دي ميستورا يحاول إطلاق مرحلة انتقالية تضم جميع المكونات السورية، وهذا يتطلب مناقشات إزاء الانتقال السياسي.
وبين أن هذا أمر مختلف عن التسوية مع (الرئيس بشار) الأسد، إذ أنه يمكن أن يبقى رئيسًا لسورية إلى النهاية ولا يمكن أن يكون جزءًا من الحل، لكن لا أعرف نيات دي ميستورا من تصريحاته، مضيفًا أن هذا لا يعني أنه يجب ألا نتحدث مع جميع الأطراف للوصول إلى الحل.
وذكر: "السؤال: كيف يمكن الانتقال من الوضع الراهن حيث يجري قتل الكثير من الشعب السوري إلى احتواء العنف وبداية الحل السياسي والتسوية".
وشدد وزير الخارجية الهولندي على أن "داعش" خطر ويجب عدم التساهل معه، فهو أكبر خطر على المسلمين وليس على الغرب، مضيفًا أن ممارسات "داعش" وطريقة القتل والاغتصاب هي ضد مصالح السنة والشيعة وكل المسلمين"، لافتًا إلى أن "ما يجري ليس حربًا بين الإسلام والغرب".
وسُئل كونديرس عن المقاتلين الأجانب في صفوف "داعش" في سورية والعراق، فأشار إلى أكثر من ١٥٠ عنصرًا من هولندا يقاتلون إلى جانب المتطرفين، مشددًا على ضرورة "عدم الرضوخ" بعد هجومي باريس وكوبنهاغن لـ "سياسة الترهيب" التي يحاول المتطرفون نشرها في دول أوروبية.
وأوضح أنه لا يستطيع تأكيد تقارير غربية عن زيادة انخراط المتطرفين الأجانب في صفوف "داعش" منذ بدء غارات التحالف قبل ستة أشهر، لكنه قال: "التجنيد عملية جدية، ويجب أن نحارب ذلك ويجب أن نقدم خطابًا مقابلًا والتأكد من أن المسلمين (في الدول الغربية) لا يشعرون أنهم مهمشون.
وتابع أن هناك إجراءات عقابية ومحاكمة للذين يقتلون بعض الناس في أماكن أخرى". وزاد: "لدينا استراتيجية أوسع، بما في ذلك في هولندا، لمحاولة مكافحة (تجنيد المقاتلين الأوروبيين في صفوف التنظيمات المتطرفة) بطريقة استباقية وعقابية.
وسُئل عن التوازن بين محاربة التجنيد وعدم الوقوع في ظاهرة الإسلاموفوبيا في الدول الأوروبية، فأوضح الوزير الهولندي أنها "ليست حربًا بين الهيمنة الغربية والإسلام، وإنما هي حرب بين مجرمين يقولون إنهم جزء من دين وهم يقتلون شركاءهم في الدين، فهو أمر مهم جدًا كيف يرد المسلمون على هذا الادعاء.
وختم حديثه، قائلًا "في هولندا هناك جهود مشتركة لمعارضة أسلوب القتل وأيديولوجيا العنف، نحن موجودون ومتضامنون ضد العنف وسوء استخدام الدين"، مشيرًا إلى أن "الحرب ضد "داعش" ليست حربًا ضد السنة، بل هي حرب ضد المتطرفين والعنف. ويعود للسوريين والعراقيين أن يقرروا مستقبلهم ويجدوا حلًا سياسيًا"..
أرسل تعليقك