فرَّ الصحافي الصومالي أحمد إلى اوغندا في عام 2009 بعد أن هددته حركة الشباب المتطرفة، وانتقل بعد ذلك الى كينيا، ولكنه عاد الى الصومال في عام 2012 بعد أن سحبت حركة الشباب معظم قواته من العاصمة مقديشو بالرغم من أن الخطر ما يزال قائمًا, وأضاف, " تتبعتني حركة الشباب وأرسلوا لي رسائل بأنهم يعرفون أنني في مكتبي، وأحاول أن أحمي نفسي ولكن في النهاية أكتفي بالصلاة والدعاء أن شيئا لن يحدث." وفي عام 1992 قتل حوالي 59 صحافيًا في الصومال وحدها, فيما لا تزال المليشيا الاسلامية المتطرفة تلقي بظلالها على مقديشو على الرغم من وجود الالاف من قوات حفظ السلام الأفريقية والقوات الاوروبية وجنود من الجيش الصومالي سيء التجهيز والتمويل.
وكان لأحمد صديق رجل أعمال يبلغ من العمر 25 عامًا قتل في هجوم انتحاري على فندق ناسا هابلود في مقديشو الشهر الماضي، وأضاف "لقد كانت وفاته مؤلمة للغاية حيث عاد من السعودية في عام 2014 وتزوج حديثا وبدأ بإدارة شركته الخاصة وكان يتوقع طفلا."
وبدأت الصومال بإحراز بعض التقدم بعد سنوات من الفوضى بدءًا من سقوط الدكتاتور محمد سياد بري في عام 1991 وسنوات من الحرب الأهلية، فأجرت انتخابات في عام 2012 وكان يجري اعادة بناء المؤسسات السياسية ببطيء، وكشفت الحكومة الشهر الماضي أول خطة للتنمية الوطنية في ثلاث عقود ومن المقرر أن تعقد استطلاعات محدودة في أب/أغسطس، ولكن الوضع الأمني ما يزال محفوفا بالمخاطر على الرغم من أن معظم مقاتلي حركة الشباب انسحبوا من العاصمة في عام 2011 الا أنهم اصبحوا يلجئون الى الاغتيالات والتفجيرات التي تزرع الخوف في هذه المدينة المطلة على المحيط الهندي.
وحصل الشهر الماضي اعتداءات على فنادق بارزة بالإضافة الى قصف بالهاون وإطلاق الرصاص واغتيالات، مما اضطر الأوروبيون للمساعدة في الدفاع عن العاصمة بإرسال جنودهم تحت مسمى بعثة التدريب في الاتحاد الاوروبي والتي تشمل 160 جندي وجندية من مختلف أنحاء أوروبا منتشرين في الصومال.
ويعيش هؤلاء الجنود لأسباب أمينة في المخيم الدولي تحت حراسة مشددة على مشارف المدينة بالقرب من المطار الذي يقع في قلب منطقة محصنة، ويشارك قائد الوحدة الألمانية ماكس شعور أحمد في انعدام الامن، ويؤكد "عندما كنت أخرج من المخيم أشعر بشعور غريب هناك دائما خطر بأن شيئا ما سيحدث على الرغم من أنه لم يحدث أي هجوم ضدنا حتى اليوم."
ويراجع الاوروبيون كل يوم قبل الخروج من المخيم جدول أعمال الامن ثم يضعون الدروع الواقية من الرصاص ويحملون أسلحتهم ويسافرون في عربات مدرعة الى مراكز التدريب العامة، ويعتبر الوصول الى العمل بأمان مصدر قلق للعديد من الأشخاص الذين يعيشون في مقديشو، ويغير الصوماليون مساراتهم بشكل منتظم في سيرهم في حين أن آخرين يوظفون حراس مسلحين.
وصرح مسؤول أوروبي رفيع رفض الكشف عن اسمه أن الوضع الامني تحسن على مدى العامين الماضيين وخاصة بعد وصول البعثة الاوروبية في المنطقة لتدريب الجنود في أوغندا في عام 2010 ومقديشو في عام 2020، ويصعب قياس الأثر بعد البعثة على الجنود الصوماليين الذين سيناط بهم في يوم من الايام الحفاظ على السلام في بلادهم لوحدهم، فالجنود لا يملكون المعرفة التي توقعها المدربون الأوروبيون لدى وصولهم.
ويعاني هؤلاء الجنود من التجهيزات السيئة فبضعهم يرتدي الزي العسكري الاوغندي وبعضهم بزات عسكرية أميركية وبعضهم في زي مدني، فيما يغيب بعضهم لأيام لأنهم لا يحصلون على رواتبهم، وفي الوقت الراهن تعتمد الحكومة على قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي نشرت عام 2007.
ويوجد على الأرض في الصومال 22 ألف جندي إلَّا انهم يكافحون لتحرير الأراضي من المسلحين وغالبا ما يواجهون خسائر مدمرة، ففي كانون الثاني/يناير الماضي هاجمت حركة الشباب الجنود الكينيين في قاعدة قوات اميسوم، وقال الرئيس الصومالي في ذلك الوقت حسن شيخ محمود إن أكثر من 200 جندي قتلوا في الهجوم على الرغم من أن كينيا لم تكشف عن أرقام الضحايا.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من الجهات المانحة الرئيسية لقوات أميسوم، الا انها ستخفض مساهمتها هذا العام بنسبة 20% وهذا يعني قطع رواتب جنود الاتحاد الأفريقي، وقالت اوغندا التي تساهم بأكثر من 6000 جندي في قوة الاتحاد الأفريقي انها ستضطر لسحب قواتها بحلول نهاية العام المقبل.
وأفاد المتحدث باسم بعثة الاتحاد الافريقي في الجيش الصومالي كولونيا جو كيبيت " من حيث التدريب والتكتيكات والأسلحة فان وضع الجيش الوطني جيد، وعلينا أن نتولى المزيد والمزيد من المسئوليات."
ويقول ماكس إنها على الرغم من الوضع الأمني الصعب إلا أن المدربين والمتدربين يحرزون تقدما، موضحا " أستطيع ان أفهم انه من الصعب على جندي واحد رؤية النتيجة النهاية عندما يقضي هنا بضعة أشهر فقط، ولكننا نحاول بناء هذا البلد بجانب شركائنا الدوليين والصوماليين وهذا سيستغرق وقتا.
أرسل تعليقك