طرابلس ـ فاطمة السعداوي
شهدت مدينة أجدابيا شرقي ليبيا الجمعة 24 حزيران/ يونيو الجاري احتفالات بعد طرد الجماعات المتطرفة من المدينة، التي شهدت عملية عسكرية للجيش الليبي على مدار الأيام القليلة الماضية.
وشارك في الاحتفالات مديرية أمن أجدابيا والجيش وعدد من شباب المدينة، فقد جابت مجموعة من السيارات شوارع المدينة، وأطلقت العنان لأبواقها؛ ونجح الجيش الليبي في استعادة السيطرة على منطقة جنوب أجدابيا أمس وحتى ما يعرف بالبوابة الثامنة عشرة، بحسب مصادر محلية. وكثف الجيش الليبي تحركاته خلال الأيام القليلة الماضية ضد مناطق يسيطر عليها تنظيما "القاعدة" و"داعش" في مدينتي أجدابيا وبنغازي شرقي البلاد لتطهيرهما من البؤر المتطرفة.
وعقدت حكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس الاجتماع الأول الموسع منذ دخولها إلى العاصمة الليبية نهاية آذار/ مارس الماضي، بحسب ما أعلنت أمس الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي على صفحتها في موقع "فيسبوك". وقالت الحكومة في بيان: إن مجلس الوزراء عقد اجتماعه التشاوري الأول لسنة 2016 الأربعاء 22 حزيران/ يونيو الجاري في مدينة طرابلس، برئاسة فايز السراج، مضيفة أن السراج أكد في مستهل الاجتماع "أهمية المرحلة التي تمر بها البلاد والمسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة"، وأنه جرى الاتفاق على أن يقدم الوزراء برامج عمل تفصيلية "مرتبطة بجداول زمنية محددة".
وظهر في صور نشرت على صفحة الحكومة في موقع "فيسبوك" السراج وهو يرأس الاجتماع الحكومي بحضور 17 عضوا آخر في الحكومة، التي تضم 18 وزيرا، بينهم 3 وزراء دولة، ولها مجلس رئاسي يتألف من 3 وزراء دولة و5 نواب لرئيس الحكومة. ووصل السراج وأعضاء آخرون في الحكومة إلى طرابلس في 30 من آذار/ مارس الماضي، رغم تحذير سلطات الأمر الواقع السابقة وتهديدها بتوقيفهم، قبل أن تبدأ حكومة الوفاق بتسلم الوزارات الواحدة تلو الأخرى مع تلاشي الحكومة الموازية، وإعلان غالبية الجماعات المسلحة في المدينة تأييدها لحكومة السراج. وولدت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، من اتفاق سلام وقعته أطراف سياسية ليبية في المغرب في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ونص على أن تقود هذه الحكومة مرحلة انتقالية تمتد لعامين، وتنتهي بانتحابات تشريعية.
وتشهد ليبيا منذ عام 2011 صراعات على السلطة وفوضى أمنية سمحت لتنظيمات متطرفة، على رأسها تنظيم "داعش"، بأن تجد موطئ قدم لها في هذا البلد الغني بالنفط. وشن سلاح الطيران التابع للقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا أمس سلسلة غارات استهدفت مواقع تنظيم "داعش" في مدينة سرت، في وقت تعمل فيه فرق الهندسة العسكرية على تفكيك ألغام تمهيدا لمحاولة تقدم جديدة.
وقال رضا عيسى العضو في المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" العسكرية الهادفة إلى استعادة مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) من التنظيم المتطرف، إن "سلاح الطيران التابع لقواتنا شن اليوم سلسلة غارات مكثفة استهدفت مواقع متفرقة لتنظيم "داعش" في وسط سرت". مضيفا في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن "فرق الهندسة العسكرية تقوم حاليا بالعمل على تفكيك الألغام والمتفجرات التي زرعها التنظيم؛ إفساحا للمجال أمام قواتنا البرية لتواصل تقدمها في محاور مختلفة من المدينة".
وأطلقت القوات الحكومية في أيار/ مايو الماضي عملية "البنيان المرصوص" وحققت تقدما سريعا في الأسابيع الأولى من العملية قبل أن يتباطأ هذا الهجوم مع وصول القوات على مشارف المناطق السكنية التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، الذي يتحصن مقاتلوه في منازل المدينة الخاضعة لسيطرتهم منذ حزيران/ يونيو 2015. ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية لمنع تقدم القوات الحكومية. وأعلن التنظيم المتطرف على موقع "تويتر" أن مجموعات تابعة له فجرت الخميس 23 حزيران/ يونيو الجاري عبوتين ناسفتين في تجمع للقوات الحكومية في شرق سرت، وأحرقت دبابة لهذه القوات وأسقطت طائرة استطلاع.
وخلفت المعارك مع تنظيم "داعش" مقتل 36 عنصرا من قوات حكومة الوفاق الوطني الثلاثاء الماضي، وأصيب عشرات آخرون في اشتباكات مع التنظيم في محاور عدة من سرت؛ ليرتفع إلى أكثر من 200 عدد قتلى هذه القوات، وإلى أكثر من 600 عدد الجرحى منذ بدء عملية "البنيان المرصوص". ودعت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني الأطباء الليبيين العاملين في خارج البلاد للعودة إلى ليبيا والمساعدة في علاج جرحى المعارك في مدينة سرت. وقالت في بيان إن "وزارة الصحة تهيب بالسادة الأطباء الليبيين العاملين بالخارج التواصل مع مكتب التعاون الدولي؛ لغرض التنسيق بشأن الإسهام والمشاركة في تقديم الخدمات العلاجية في التخصصات الدقيقة لجرحى الحرب التي يخوضها أبناء الوطن".
وصرح مسؤول ليبي بأن عدد القتلى جراء انفجار واشتباكات بين مسلحين ومقيمين في بلدة شرقي طرابلس ارتفع إلى 40. وقال المتحدث باسم المجلس البلدي في القره بوللي الشريف أحمد جاد الله، إن 25 شخصا أصيبوا ورفات الضحايا لا يزال يجري تجميعها. ويقول مسؤولون في القره بوللي إن القتال اندلع بعد نزاع نشب الاثنين الماضي بين صاحب متجر محلي وعضو في فصيل كان يرفض دفع مال نظير سلع أخذها. وأضاف جاد الله أنه بعد أن أطلق صاحب المتجر النار على الرجل في ساقه عاد أعضاء آخرون في الفصيل ونهبوا المتجر وأحرقوا منازل عدة. متابعا: إن سكانا مسلحين توجهوا إلى الأماكن التي يقيم فيها أعضاء من تلك الجماعة المسلحة، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار واندلعت اشتباكات، وإن مستودعا للذخيرة انفجر حينما كان الأهالي المسلحون داخل المنزل وقتل عدد كبير منهم.
وانتشرت الفصائل والجماعات المسلحة في ليبيا منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي قبل 5 أعوام. وعملت هذه الجماعات دون محاسبة إلى حد كبير في خضم الفوضى السياسية التي أعقبت سقوط نظام القذافي؛ لذلك دعت حكومة الوفاق الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة ومقرها طرابلس إلى الهدوء وضبط النفس بعد الحادث، وقالت: إن القره بوللي التي تبعد نحو 50 كيلومترا عن العاصمة، ستأمنها شرطة نظامية وقوات تابعة للجيش في الأيام المقبلة، وتعهدت بإجراء تحقيق.
أرسل تعليقك