شدد حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ،على "أهمية إلتفات المجتمع الدولي إلى المعاناة القاسية التي يمر بها اللاجئون حول العالم، وضرورة التحرك الجاد نحو توفير متطلبات الحياة الكريمة لهم من مأوى وغذاء وصحة وتعليم"، منوهًا إلى أن "الجميع في هذا العالم من حكومات ومؤسسات وأفراد مطالبون بدور فاعل وعاجل لحماية مستقبل تلك العائلات وخصوصًاالأطفال منهم".
الشيخ سلطان كان يتحدث خلال زيارة قام بها وقرينته، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، (المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، يوم الخميس، "مركز الإنسجام لتعليم اللاجئين" التابع للمفوضية في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
والتقى حاكم الشارقة وقرينته الشيخة جواهر القاسمي، خلال زيارتهما المركز، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ماليزيا ريتشارد تاول، حيث جرى نقاش حول أوضاع اللاجئين في ماليزيا، والجهود التي تقوم بها المفوضية لدعمهم، ومساعدتهم، وتمكينهم من تجاوز معاناة اللجوء، إلى جانب الوقوف على احتياجات المفوضية لمواصلة تقديم الدعم والمساعدة للاجئين المقيمين في ماليزيا وتحديدًاالقادمين من مانيمار.
وحضر اللقاء جيمس لينش، ممثل المفوضية الإقليمي لجنوب شرق آسيا، وريتشارد تاول، ممثل المفوضية في ماليزيا، و يانتي إسماعيل، مساعد مسؤول العلاقات الخارجية للمفوضية في ماليزيا، وحسام شاهين، مسؤول قطاع الشركات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، في المفوضية، وآيات الدويري، مسؤولة علاقات القطاع الخاص في المفوضية.
كما حضر اللقاء بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع ومؤسس مبادرة "بيرل"، ونورة النومان، رئيس المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر القاسمي، وأميرة بن كرم، نائب رئيس مؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، وإرم مظهر علوي، مستشار أول في المكتب التنفيذي للشيخة جواهر القاسمي، ومريم الحمادي، مدير حملة سلام يا صغار، التابعة لمؤسسة القلب الكبير.
واطلع الشيخ الدكتور سلطان وقرينته الشيخة جواهر ، على مرافق المركز الذي يقدم خدمات الرعاية، والتأهيل، والتعليم، إلى اللاجئين الذين فروا من مانيمار، في الأعوام الأخيرة، بحثًاعن الحماية والأمان من الاضطرابات والعنف في بلدهم، واستقر كثير منهم في ماليزيا، وأندونسيا، وسريلانكا، وفيتنام.
والتقى حاكم الشارقة وقرينته مجموعة من العائلات اللاجئة من مسلمي "الروهينغا"، واستمعا منهم إلى تفاصيل حياتهم خلال رحلة اللجوء الشاقة، والاحتياجات والمتطلبات التي يتطلعون للحصول عليها من أجل تمتعهم بحياة كريمة، كما التقوا عددًامن الطلاب الذين يتلقون التعليم في المركز، وتحدثا إليهم، وشجعوهم على عدم التفكير في المعاناة التي مروا بها، والثقة بأن القادم سيكون أفضل لهم ولعائلاتهم.
وأشاد حاكم الشارقة "بالجهود التي تبذلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لحماية اللاجئين، وتوفير احتياجاتهم في مختلف مناطق العالم"، وأكد أن مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه، هو أمر تكفله كافة الشرائع والأعراف، ويعتبر حقًاإنسانيًالا يمكن التنازل عنه أو التفريط فيه، مطالبًابرفع مستوى التعاون من قبل القطاعين العام والخاص في كافة دول العالم لتوفير مزيد من الدعم والتأهيل للاجئين المقيمين في ماليزيا".
وأشار إلى أهمية ضمان حصول الأطفال اللاجئين على التعليم الجيد في أي بقعة يلجأون إليها، معتبرًا"قضية التهاون في توفير التعليم للأطفال اللاجئين بمثابة تهاون بمستقبل أمم وشعوب خسرت حاضرها جراء الحروب والنزاعات وستخسر مستقبلها إذا لم يتم الاستثمار به في تعليم أطفالها"، وطالب أيضًا"بتوفير برامج تأهيلية وتدريبة للاجئين البالغين لضمان حصولهم على مهارات عملية لتوفير دخل جيد يساعدهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم".
بدورها أكدت الشيخة جواهر القاسمي على اهتمامها ومتابعتها لقضية اللاجئين من مانيمار، وخاصة الأطفال، والذين يشكلون حسب بيانات المفوضية نحو خُمس اللاجئين المتواجدين في ماليزيا، وأشارت إلى ضرورة جمع شمل الأطفال الذين تفرقوا عن والديهم، إضافة إلى توفير التعليم والرعاية الصحية لهم بشكل عاجل، وأضافت أنها "ستقوم من خلال مؤسسة القلب الكبير وبالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالبحث عن آليات لتوسيع الخدمات المقدمة لهؤلاء اللاجئين لضمان تمتعهم بالحقوق الأساسية."
و تحدثت خلال الزيارة إلى الأطفال المتواجدين في المركز ودعتهم إلى التطلع إلى المستقبل بأمل وتفاؤل، وقالت "العالم أجمع مطالب إنسانيًاوأخلاقيًابحماية حاضر ومستقبل لاجئي مانيمار، نحن معكم بقلوبنا وأفعالنا، ولقد جئنا إليكم هنا للإطلاع على أوضاعكم ولسماع متطلباتكم واحتياجاتكم عن قرب، وسأواصل العمل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، وبدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لحشد الدعم وتوفير احتياجاتكم لحياة كريمة إلى حين عودتكم إلى أوطانكم إن شاء الله".
ودعت "كافة الأطفال اللاجئين إلى مواصلة تعليمهم والتركيز في التحصيل العلمي أكثر من أي وقت مضى والتفكير في المستقبل وفي ما بعد أبائهم، وخصوصًاالفتيات، مطالبة إياهن بعدم القبول بالزواج المبكر أو الجلوس بالمنزل دون دراسة، وقالت لهن "بناتي العزيزات، "المستقبل ما زال أمامكن، بالعلم تستطعن بناء ما هُدم، وتستعطن أن تعلن أنفسكن وعائلاتكن، غدًاستصبحن طبيبات ومهندسات ومعلمات وقائدات، لا تقبلن بالزواج المبكر لأي سبب، أنتن زهرات أوطانكن وستكن بالعلم والمعرفة بناة الغد قائدات المستقبل".
وقامت لشيخة جواهر بنت محمد القاسمي بتوزيع هدايا على الأطفال في المركز، وهي عبارة عن حقائب مدرسية تتضمن مجموعة من اللوازم الدراسية وكتبًاللأطفال، وهو ما لاقى ترحيبًاكبيرًامن قبل الأطفال، والذين ارتسمت على وجوههم عبارات الفرح، فيما ثمّن القائمون على المركز هذه المبادرة لما تساهم به من تعزيز ثقة اللاجئين بالأطفال بأن قضيتهم تحظى باهتمام المجتمع الدولي.
وبدأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملياتها في ماليزيا في عام 1975، مع توجه اللاجئين الفيتناميين إليها وإلى بلدان أخرى في المنطقة عن طريق القوارب. وخلال الفترة بين عامي 1975 و1996، ساعدت المفوضية الحكومة الماليزية في توفير الحماية والمساعدة للاجئيين الفيتناميين، وعملت على توطين أكثر من 240 ألفًامنهم في العديد من الدول مثل الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، وأوروبا، كما أعادت أكثر من 9000 فيتنامي إلى بلدهم.
وبين عامي 1970 و1980 ساعدت المفوضية الحكومة الماليزية في استقبال وإعادة توطين أكثر من 50 ألفًامن مسلمي الفلبين، إضافة إلى آلاف المسلمين من كمبوديا في عام 1980، وعدة مئات من اللاجئين البوسنيين في عام 1990. وحتى نهاية عام 2015، كان هناك حوالي 159 ألف لاجىء وطالب لجوء مسجل لدى المفوضية في ماليزيا، من بينهم حوالي 144 ألفًامن مانيمار، أكثر من 54 ألفًامنهم من مسلمي الروهينغا.
وكانت مؤسسة القلب الكبير، المؤسسة الإنسانية العالمية التي أطلقتها قرينة حاكم الشارقة الشيخ سلطان، قد خصصت في العام الماضي مليون درهم إماراتي لمساعدة اللاجئين من مسلمي الروهينغا في إندونيسيا، تلبية لنداء الاستغاثة الذي أطلقته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في وقت سابق من عام 2015، لتنظيم حملة إغاثية عاجلة للمساعدة في تحسين أوضاع هؤلاء اللاجئين.
يشار إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين اختارت في شهر مايوأأيار 2013 الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي مناصرة بارزة للمفوضية، وذلك تقديرًالجهودها في رفع مستوى الوعي العام حول اللاجئين وحشد الدعم لهم. وتعتبر سموها واحدة من أهم الداعمين لعمل المفوضية الإنساني، فقد ساهمت بإطلاق ودعم عشرات المبادرات الرامية إلى دعم اللاجئين الفلسطينين، والسوريين، والصوماليين، إضافة إلى اللاجئين من مسلمي الروهينغا.
أرسل تعليقك