وصل البابا فرنسيس إلى فيلادلفيا بعد خطاباته في الكونغرس والأمم المتحدة لتحفيز قادة العالم لاتخاذ إجراءات صارمة بشأن الهجرة والبيئة، وبدأ البابا جولته في المدينة التي تستغرق يومين بالتوقف في الكاتدرائية الرئيسية في المدينة "كنيسة القديسين بطرس وبولس"، واحتفل بالقداس أمام 1600 شخص.
ويركز البابا فرانسيس أثناء وجوده في المدينة على الكاثوليكية العادية، حيث ينظم الفاتيكان اجتماعًا حاشدًا للعائلة في الهواء الطلق ويتوقع أن يحضره حوالي مليون شخص، ويقضي البابا الأيام الستة الأخيرة من جولته إلى الولايات المتحدة في فيلادلفيا وهي المدينة التي تواجه واحدة من أسوأ فضائح رجال الدين المتعلقة بالتعدي الجنسي، وكانت الأسقفية في الولايات المتحدة موضع ثلاث تحقيقات في القضية من قبل هيئة المحلفين الكبرى.
وغادر البابا نيويورك صباح السبت وكانت الرياح قوية وتعثر على الدرج وهو يستقل طائرته لكنه ابتسم بعد لحظات وهو يلوح مودعا الجماهير، وعندما وصل إلى فيلادلفيا استقبله حاكم بنسلفانيا السابق توم كوربيت وزوجته، وكان كوربيت قد دعاه إلى زيارة فيلادلفيا.
ويتوقع أن يكون البابا فرانسيس محط أنظار الجميع في الاجتماع العالمي للعائلات، وهو اجتماع يضم أكثر من 18 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم، وكان الاجتماع تحت التجهيز عند سفر البابا إلى واشنطن ونيويورك، وفي كل مدينة زارها البابا استقبلته الحشود بالهتاف متمنين لمحة أو لمسة من الزعيم الروحي الذي يحظى بشعبية كبيرة.
وكان هناك تأمين غير مسبوق للحشود المتوقعة من قبل منظمي الزيارة، وذكرت فييلبينا أوبينا (46 عاما) وهي كاثوليكية من LaMirada في كاليفورنيا " إنه شخصية جذابة ليس فقط للكاثوليك ولكن للجماهير العالمية، ويمكنك معرفة ما يدور في قلبه من خلال رسائله، ويشعر الناس بصدقه، وكلنا يسمعه الناس كلما يرونه ويفهمونه من كلماته، وتتجول العائلات في المواقع التاريخية في فيلادلفيا وتلتقط الصور قبيل زيارة البابا".
ونصبت المتاريس في شوارع فيلادلفيا إلا أن الحشود غطت عليها، حيث قضى بعض الناس الليل على الرصيف أملا في الحصول على مكان في الصف الأمامي لإلقاء نظرة على البابا، ومن المقرر أن يلقى البابا خطبته يوم السبت في قاعة الاستقلال حيث وقع الآباء المؤسسون إعلان الاستقلال والدستور من خلال منصة "جتسبرغ" في إشارة إلى أبراهام لنكولن أحد الأميركيين الأربعة الذين وصفهم البابا بكونهم مصدرا للإلهام في خطبته للكونجرس.
وسيعطي البابا اهتمامه للنخبة والمحرومين كما فعل في نيويورك وواشنطن كما أنه سيزور السجناء في أكبر سجن في فيلادلفيا، ومن المقرر الاحتفاء بالبابا في المركز الثقافي في المدينة في "بنيامين فرانكلين باركواي" بواسطة "أريثا فرانكلين" وغيرها من الفنانين في مهرجان احتفال الأسر، ثم يعود البابا يوم الأحد من أجل الخطبة وهي آخر حدث رئيسي للبابا قبل أن يغادر إلى روما.
وأكدت ليزا ستيفنز (48 عاما) من سكرامنتو في ولاية كاليفورنيا والتى كانت مع ابنتيها وتتراوح أعمارهم بين 10 إلى 12 عاما، أنَّه "على الأرجح أن السياسيين لن يتذكروا رسالته ولكن سيذكرها الأطفال"، وقضت الأم وابنتاها وقتا للتطوع لحقيبة الغذاء في أفريقيا بين الأنشطة الأخرى في مؤتمر الأسرة.
ونظمت أسقفية فيلادلفيا المؤتمر لإثارة حماس وسعادة الجماهير في ظل تقلص العضوية والمشاكل المالية واسعة النطاق وفضيحة الاعتداءات الجنسية.
واتهمت هيئة المحلفين الأسقفية في عام 2011 قبل وصول المطران "تشارلز شابوت" إلى فيلادلفيا بسبب تحفظها على عشرات الكهنة المتورطين في إساءات خطيرة، رغم تعهد عام 2002 في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك للإطاحة بأي رجل دين مذنب، كما اتهمت نفس هيئة المحلفين الكاهن "المونسنيور وليم لين" والذي كان يتولى الإشراف على رجال الدين لدى الأسقفية.
وأدين "لين" في نهاية المطاف بسبب تعريض حياة أحد الأطفال للخطر وأصبح بذلك أول مسؤول أميركي كنسي مدان نتيجة فشله في وقف المعتدين، ويتوقع أن يتحدث البابا على انفراد مع الضحايا خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن قادة الكنيسة لم يؤكدوا على هذا الحدث.
وكان في استقبال البابا فرنسيس في المطار صباح السبت "شابوت" من الأسقفية وضابط شرطة فيلادلفيا المتقاعد "ريتشارد باوز" الذى أصيب بعيار ناري أثناء أداء واجبه مع زوجته وأطفاله الثلاثة، وتم ترشيح العائلة لنيل هذا الشرف بواسطة "المونسنيور جوزف جارفين" القس في أسقفية سانت كريستوفر في شمال شرق فيلادلفيا اليوم وذلك وفقا لما ذكرته جريدة يو إس إيه توداى.
وذكر باوز قبل وصول البابا " من يظن أنني أتجه إلى رؤية البابا وسأكون بالقرب منه ويمكنني أن ألمسه، إنه أمر لا يُصدق، نحن مستاءون لأننا لسنا جديرين بما يكفي لنكون في استقباله، نحن نحاول أن نشارك هذه اللحظة مع أكبر عدد من الناس".
وأضاف باوز أن نجله "ماثيو" يعتبر أن هذا الحدث يمثل عيد الميلاد وعيد الشكر وعيد الفصح جميعا في يوم واحد، وأشار باوز إلى أنه سيطلب من البابا مباركة السلام العالمي لكل رجال الشرطة والإطفاء والجيش فالجميع يحتاج هذا السلام الآن.
وسيكون البابا في استضافة "شابوت" وهو من أكثر المعارضين للإجهاض وزواج المثليين ويتبنى موقفا متشددا لتعاليم الكنيسة، واعتبر شابوت أن إحدى المدارس الكاثوليكية المحلية التي تديرها الراهبات اتخذت التصرف السليم عندما طردت معلمة تزوجت إمرأة أخرى في يونيو/ حزيزان، وكتب " شابوت" مؤخرا في صحيفة الأسقفية أن الإجهاض هو عمل شرير لا يمكن أن ينظر غليه باعتباره خطيئة واحدة بين الكثير من الخطايا.
ولفت البابا فرنسيس قبل ثلاثة أيام في خطاب وجهه إلى أساقفة الولايات المتحدة إلى ضرورة الانتباه للضحايا الأبرياء نتيجة الإجهاض، واعتبر أنها واحدة من بين العديد من القضايا الضرورية في مهام الكنيسة بما في ذلك رعاية كبار السن والبيئة.
ورفض "شابوت" فكرة أنه في صراع مع التفكير الاجتماعي العادل لدى البابا واصفا هذا بأنها إشاعة مفتعلة من قبل وسائل الإعلام، وأشار شابوت إلى ملايين الدولارات التي تنفقها الأسقفية لمساعدة الفقراء والمرضى، ومن المقرر أن يبقى البابا في نفس المعهد الذي يعيش فيه شابوت أيضا.
وذكر شابوت في تصريحاته للصحىفيين " يدعي النقاد أحيانا أن أساقفة أميركا يتحدثون كثيرا عن الإجهاض والحرية الدينية في حين أنهم يغفلون الفقراء، وبالطبع نحن نتحدث عن هذه القضايا ونعمل باجتهاد وسوف نستمر في ذلك، لأن الحق في الحياة والحرية الدينية هي أساس كرامة الإنسان".
ويتوقع أن يتحدث البابا عن الحرية الدينية في قاعة الاستقلال كما أنه سيوجه رسالة تنطوي على الرحمة والأمل والاتحاد لحضور المؤتمر في المدينة، ويخط الكاثوليك لعقد أحداث منفصلة للحديث عن مثليي الجنس والمخنثين والمتحولين جنسيا بما في ذلك تنظيم حدث خاص للآباء مثليي الجنس وأطفالهم.
وقال البابا فرنسيس قوله الشهير: "من أنا لأحكم عندما أتعرض لسؤال عن كاهن مثليي الجنس، ولكني أؤكد على تعاليم الكنيسة بشأن الزواج".
وأوضحت Mary McGuiness أستاذ الدين في جامعة لا سال ومدرسة كاثوليكية في فيلادلفيا أنها لا تتوقع عودة الكاثوليك المحليين إلى قداس الأحد بسبب زيارة البابا، مشيرة إلى أن الأسقفية واجهت الكثير من فضائح الاعتداء إلا أن خطبة البابا المكتظة بالجماهير ربما تدفع الناس للتفكير حول ما تعنيه الكاثوليكية حقا.
وأضافت: "أتمنى أن يحدث هذا، لكني أسمع الناس يقولون نحب البابا كثيرا ولكن لن نعود إلى الوراء".
أرسل تعليقك