كشف السير جون تشيلكوت عن موعد نشر نتائج التحقيق في حرب العراق، لافتًا إلى أن الإعلان عن التقرير سيكون في الصيف المقبل، بعد أن استمر لمدة 7 أعوام، وبلغت تكلفته حوالي 10 مليون إسترليني.
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، للسير جون تشيلكوت عن إحباطه بسبب عدم نشر تقرير التحقيق، وحثه على الإسراع في إتمام المراحل النهائية له. وأعلن جون في خطابه الذي وجهه إلى كاميرون، أنّ تقرير التحقيق الخاص بحرب العراق التي أدوت بحياة 179 بريطانيا سيُنشر مع حلول نهاية تموز/ يوليو 2016.
ويصدر التقرير في مليوني كلمة وهو بذلك أطول من إنجيل الملك جيمس والأعمال الكاملة للكاتب شكسبير، ويتم الانتهاء من التقرير في نيسان/ أبريل المقبل على أن يصدر بعدها بثلاثة أشهر بعد انتهاء فريق من المسؤولين من المراجعة الأمنية للتقرير.
وصرّح السير جون "سنكمل هذا العمل في أسرع وقت ممكن وفور الانتهاء من فحص الأمن القومي للتقرير سيتم نشره في تموز/يوليو، وألتزم مع زملائي بإعداد تقرير يتناسب مع الشروط المرجعية واسعة النطاق بما يعكس الجهد والوقت المبذول من قبل الأطراف المعنية".
وأرجع تأخير صدور التقرير إلى عملية تعرف باسم 'Maxwellisation' بمعنى إعطاء حق الرد لمن تعرضوا إلى النقد قبل نشر التقرير تجنبا للظلم، ونفى منح الشهود بما فيهم رئيس الوزراء السابق طوني بلير فرصة للتفاوض بشأن نتائج التقرير.
وأعرب ديفيد كاميرون، عن رغبة أسر من لقوا حتفهم في القتال في الحصول على مزيد من الإجابات بشأن وفاة ذويهم قائلا في خطابه إلى جون اليوم "أشعر بالإحباط وأعلم أن عائلات من خدموا في العراق تشعر بالإحباط أيضا بسبب عدم إمكانية نشر التقرير حتى أوائل الصيف المقبل".
ورحّب رئيس الوزراء بحقيقة وجود نهاية واضحة الأفق لكنه حث فريق العمل على بذل قصارى جهدهم للإسراع في المراحل النهاية للتحقيق، وأوضح السير جون الذي اتهمه النواب في وقت سابق بالفشل في إنهاء آلام عائلات القتلى، أن هناك استجابات فتحت خطوطًا جديدة من التحقيق، موضحا أن الحكومة البريطانية كانت سببا في التأخير من أجل الحصول على وثائق سرية، إذ بدأ التحقيق في عام 2009 ونجح في الحصول على الأدلة الرئيسية بعدها بعامين.
وأعرب أقارب القتلى في حرب العراق عن خيبة أملهم بعد أن اتضح لهم أن تحقيق تشيلكوت لن ينشر قبل الصيف المقبل، واعتبرت روز جينتل التي قتل نجلها غوردون البالغ من العمر 19 عامًا في انفجار قنبلة في البصرة عام 2004 "أشعر بخيبة الأمل من هذه الأخبار".
وأضافت السيدة روز التي نجحت في حش عائلات العسكريين ضد الحرب "نعتقد أنه كان ينبغى التعجيل بالأمر، كنت أظن أنه سيتم الإعلان عن التقرير في نهاية العام، ولكن الآن علينا الانتظار للمعاناة لبضعة أشهر".
وأوضح ريج كيز، والد العريف توم كيز، الذي قُتل في العراق في عام 2003 أنه تصرف بغضب نتيجة تأخر التحقيق كل هذه الفترة، وبيّن في تصريحات صحافية "نحن لا نعرف سببًا لعدم الإعلان عن التقرير مع حلول عيد الميلاد، وهناك فارق بين تسليم التحقيق ونشره".
وتابع كيز "في الواقع كل ما نحصل عليه من التقرير هو انتقادات مخففة من قبل السير جون للمسؤولين المدنيين وكبار السياسيين، وما سيحدث هو وجود بعض القضايا في محاكم مصغرة في إطار التحقيق وينتهي الأمر بنشر انتقادات مقبولة من الطرفين، وعند الذهاب إلى قاعة المحكمة لمشاهدة الدعوى القضائية فإننا لن نسمع التهم الحقيقية ولكننا سنسمع نسخة مخففة منها، كل هذا برمته يعتبر خداعًا، وقتل الكثير من الشباب والشابات في هذا الصراع".
ويركز التحقيق بشكل أساسي على الأحداث التي أدت إلى غزو العراق عام 2003 بما في ذلك مشروعية العمل العسكرى والمعلومات الاستخباراتية الخاطئة، وعما إذا كان طوني بلير أعطى أي تعهد للرئيس الأسبق جوج بوش حينها بدعم الغزو.
وأفاد عاملون في "داوننغ ستريت" في وقت سابق من هذا العام أنهم يتوقعون أن يشكل التقرير اتهاما مدمرا لحكومة بلير وقطاعات واسعة من منشأة "وايت هول"، ومن المعلومات الساخنة التي يضمها التقرير تفاصيل 30 رسالة سرية وملاحظات ومحادثات بين بلير والرئيس الأميركي جورج بوش في الفترة التي سبقت الحرب، ومثَل طوني بلير الذي أمر بالغزو الأصلى للعراق عام 2003 أمام لجنة التحقيق مرتين.
وعلى الرغم من بداية التحقيق في فترة العمليات البريطانية في العراق إلا أنه كان هناك المزيد من التركيز على قرار الإطاحة بصدام حسين، وأوضح السير جون أنه لن يحكم على مدى قانونية الصراع من عدمه، وزعم النقاد أن بلير هو المسؤول جزئيا عن تأخير نشر التقرير في إطار عملية ""Maxwellisation التي تعطى للشهود الحق على الرد على الانتقادات الموجهه لهم قبل إعلان النتائج، وهو ما نفاه رئيس الوزراء السابق بقوة.
وبيّن متحدث باسم بلير "أن المسؤول السابق كان يريد نشر التحقيق بأسرع ما يمكن وبشكل صحيح وكان يستجيب لاستفسارات لجنة التحقيق، ويوضح بلير أن طول الجدول الزمني للجنة التحقيق لم يكن نتيجة المراسلات بينه كرئيس للوزراء حينها وبين الرئيس بوش في ذلك الوقت، ولم يكن التأخير أيضا نتيجة عملية Maxwellisation".
وتابع المتحدث باسم بلير "كان السؤال الوحيد من قبل لجنة التحقيق بشأن كيفية نشر المزيد من المراسلات في التقرير النهائي وليس عن محتوى المراسلات، ويتم حل هذا التساؤل بين مكتب رئيس الوزراء ولجنة التحقيق في أيار/ مايو عام 2014، وتلقى بلير مداولات لجنة التحقيق في إطار عملية ماكسويل بالكامل فقط في كانون الثاني/يناير، وذلك بعد 4 سنوات من انتهاء لجنة التحقيق من جمع الأدلة، ورد بلير في آب/ أغسطس ولم يكن هذا سببا في التأخير كما أوضح تشيلكوت".
وأضاف "نحن نتفهم وجود شهود آخرين وصلت إليهم المعلومات في وقت متأخر في هذه العملية، ولذلك أي اقتراحات بأن الشهود كانوا سببا في تأخير التقرير غير صحيحة، وهذا ما أوضحه السير جون بشكل علني".
ويتوقع تعرض آخرين للنقد في التحقيق مثل وزير الخارجية السابق، جاك سترو، إلى سياسيين في حزب العمل ومسؤولين دبلوماسيين في الحكومة البريطانية وكبار الشخصيات العسكرية.
وقدّم طوني بلير اعتذارا جزئيا عن سير الحرب في مقابلة له نهاية الأسبوع المنصرم مع التليفزيون الأميركي، موضحا أنه يتحمل مسؤولية حقيقة أن المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها الصراع كانت خاطئة، وأعرب عن أسفه لحدوث بعض الأخطاء أثناء التخطيط وعدم وجود استيراتيجية لمرحلة ما بعد الصراع، التي اعترف أنها كانت عاملًا مساعدًا لصعود تنظيم "داعش"، لكنه برر الإطاحة بالطاغية صدام حسين، واعتبرت تصريحاته محاولة لمواجهة النقد الذي سيتعرض له في تحقيق السير جون.
وأدانت عائلات الجنود الذين خدموا في حرب العراق تأخير إعلان نتيجة التحقيق، وأمهل أقارب القتلى لجنة التحقيق أسبوعين لنشر جدول زمني للنتائج أو مواجهة الإجراءات القانونية، ويتوقع المزيد من التأخير بعد أن زعم كبار الشخصيات العسكرية الذين شاهدوا المسودة الأولى من التقرير أنه يلقي باللوم عليهم بسبب قرار اتخذ بواسطة السياسيين، فضلا عن شكاوى بكتابة التقرير بشكل غير مفهوم، ما يجعل السير جون وفريقه في حاجة إلى إعادة النظر في الأدلة الخاصة بشكواهم.
أرسل تعليقك