تحولت محاولات الحكومة البريطانية في إعادة السياح البريطانيين الذين تقطعت بهم السبل من شرم الشيخ إلى حالة من الفوضى بعد تناقض تصريحات المسؤولين البريطانيين والمصريين بشأن زعم أن القاهرة تعرقل رحلات الإنقاذ المفاجئة.
وغادرت رحلتان جويتان من "إيزي جيت" شرم الشيخ الجمعة صباحًا، ولكن بعض الركاب في المطار أرسلوا مرة أخرى إلى الفنادق بعد أن أوضحت شركة الطيران أن السلطات المصرية منعت وصول ثماني طائرات أخرى.
ونفت وزارة الطيران المدني المصرية، حجب أية رحلات لكنها أشارت إلى أن العدد محدود بالقدرة الاستيعابية للمطار، وفي مشهد غير عادى تعرض السفير البريطاني في القاهرة جون كاسون إلى المقاطعة من قبل الركاب الغاضبين الذين صاحوا: "ما المشكلة ومتى يمكننا العودة إلى الوطن".
ويعاني حوالي 3500 بريطاني من تأخر رحلاتهم وسط مزاعم الحكومة البريطانية بأن تحطم الطائرة الروسية وعلى متنها 224 راكبًا كان نتيجة وجود قنبلة على متنها.
ووجهت البريطانية كارلا دبلن، التي تسافر مع ابنتيها حديثها إلى السفير كاسون قائلة: "قيل لنا إننا سنغادر اليوم والآن يقال لنا إن الحكومة المصرية تبحث مع ديفيد كاميرون إمكانية السماح لرحلات الطيران، لماذا هذا التناقض".
وذكر وزير الطيران المدني المصري حسام كمال: "شركة الطيران البريطانية إيزي جيت تريد جدولة 18 رحلة جوية في الوقت نفسه وتريد نقل الركاب البريطانيين من شرم الشيخ دون أمتعتهم، والتي يجب علينا نقلها في وقت لاحق، ما يشكل عبئًا على المطار الذي لا تسمح قدرته بذلك، ومن المقرر أن تتجه 8 رحلات جوية إلى بريطانيا الجمعة".
ونفى كاسون حظر الرحلات الإضافية إلى المطار، مكررًا تصريحات كمال عن حجم العملية، وأخبر الصحافيين: "هناك تحد لوجستي يتعلق بالتأكد من وصول ومغادرة الرحلات في المطار المزدحم بما يتوافق مع اللوائح الدولية وبطريقة آمنة، ونحن نعمل على حل هذه القضايا ولدينا تعاون جيد جدًا، ونتوقع نقل أكبر عدد ممكن من الناس إلى وطنهم في أقرب وقت ممكن، ولم يتم حظر الرحلات الجوية، ولكننا نتأكد من الأمور اللوجستية حتى تصل كل رحلة بتنظيم جيد".
ولفتت شركة "إيزي جيت" في أحدث بياناتها على موقعها الإلكتروني صباح الجمعة، إلى أن القيود على الرحلات البريطانية إلى شرم الشيخ تعني تعليق 8 رحلات، وترسل شركات الطيران الأخرى الطائرات إلى شرم الشيخ الجمعة لنقل السياح البريطانيين بما في ذلك الخطوط الجوية البريطانية و"مونارش"، وبيّنت الشركات أنها تعمل وفق ما هو مخطط لها، حيث ترسل شركة "مونارش" خمس طائرات بينها ثلاث رحلات للإنقاذ.
ويشير ذلك إلى أن القضايا المصرية مع شركة "إيزي جيت" ذات طبيعة تنفيذية أكثر من أي تهديد محتمل، ويحاول المطار التعاون مع الرحلات الإضافية المتدفقة فضلًا عن الإجراءات الأمنية الإضافية.
وتدور شركة "مونارش" حول طائراتها في شرم الشيخ في فترة أكثر هدوءا من اليوم في وقت لاحق الجمعة، وخططت "إيزي جيت" لإطلاق ثماني رحلات إضافية عن المقرر، وتنصح "إيزي جيت" الركاب بتمديد إقامتهم لمدة يومين بحيث يغادرون خلال 48 ساعة.
وكان آلاف السياح البريطانيين الذين تقطعت بهم السبل في شرم الشيخ خلال الأيام الثلاثة الماضية يتوقعون العودة إلى الوطن الجمعة، ومر بعض الركاب على أمن المطار في حين تلقوا رسالة نصية من شركة الطيران تفيد بإلغاء الرحلات الجوية، وعاد السياح مرة أخرى إلى الفنادق في اضطراب واضح.
وشدد وزير النقل البريطاني باتريك ماكلوغلين على تعاون الحكومة المصرية، معربًا عن أمله في إنهاء تواجد السياح في شرم الشيخ السبت والذين ينتظرون العودة إلى بريطانيا منذ الأربعاء الماضي.
ونصحت وزارة الخارجية البريطانية بعدم السفر عبر المطار مساء الأربعاء، وبيّن ماكلوغين أن الطائرات ستعود دون الأمتعة وأنه على المسافرين الانتظار لمدة سبعة أو عشرة أيام حتى يتسلموا حقائبهم، ويرجع ذلك إلى عدم رضاء الحكومة عن عمليات التفتيش الأمنية في المطار.
وأكد ماكلوغين على تعاون السلطات المصرية من أجل تعزيز الأمن في المطار، لافتًا إلى أن بريطانيا على استعداد لتمديد حظر الطيران إلى مطارات الدول الأخرى إذا اقتضت الضرورة.
وأخبر الركاب الذين يستعدون للعودة إلى بريطانيا أنه سيسمح لهم بالسفر مع حقيبة بحجم "اللابتوب" فقط، وأنه سيتم إرسال أمتعتهم على متن رحلة جوية منفصلة وتسليمها في وقت لاحق بعد فحصها.
وفي مؤشر على مزيد من الحذر أخبرت الشركة الهولندية "كليم" الركاب بضرورة مغادرة العاصمة المصرية القاهرة الجمعة مع أخذ حقائب اليد فقط، وجاء في بيان على موقعها على الانترنت: "اتخذت التدابير بناء على المعلومات الوطنية والدولية وتوخي الحذر".
وتزايدت حدة الانفعالات بين الركاب الذين ينتظرون للمغادرة، وسألت طفلة (8 أعوام) والدتها: "لماذا لا يمكننا الذهاب إلى الوطن، وتحاول العائلة العودة إلى مطار جاتويك، بينما حاول الفندق إقناعهم بالبقاء في حين أنهم عالقون في منتجع البحر الأحمر".
وأفاد مدير للأصول المالية أيان غريفين (51 عامًا) والذي تواجد في المطار صباح الجمعة: "يبدو وأننا مذعورون ولكننا لسنا كذلك، ولكن الأمر أن الحافلات تصل في وقت واحد، ويفترض أن نكون على متن الطائرة المغادرة في الحادية عشرة إلى لوتون، وكل ما نعرفه بشأن الأمتعة هو ما شاهدناه على موقع إيزي جيت، واستعانت الشركة بموظفين إضافيين على متن طائرة خاصة للمساعدة في عودة العملاء".
وبيّن إبراهيم صديق غريفين: "نحن لسنا متأكدين من الإجراءات، لا نعرف هل يجب ملء استمارة أو نموذج ما، إنها نهاية مريرة للعطلة ولكننا نشعر بالأمان عند وجودنا على متن الطائرة".
وكان من بين الركاب المنتظرين كاي راميس (28 عامًا) الذي يملك سلسلة محلات لبيع الهواتف ويسافر برفقة زوجته هانا وابنته صوفيا (5 أعوام)، وأضاف راميس: "لا تبدو الإجراءات الأمنية مختلفة عن وصولنا، ومن الجيد وجود مسؤولي السفارة البريطانية هنا، ونحن لا نعرف ماذا يراجعون خلف الكواليس".
وأضافت صوفيا: "أصبح الأمر مخيفا في نهاية العطلة، ونحن غير منزعجين بشأن الأمتعة إنها ملابس صيفية ويمكننا التعايش دونهم".
وبعد أن علقت بريطانيا رحلاتها من وإلى شرم الشيخ تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما ليلة الخميس، موضحًا أن الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد احتمالية أن قنبلة أسقطت الطائرة الروسية، وتناول الأمر في حديثه خلال مقابلة مع محطة إذاعية في سياتل.
أرسل تعليقك