اعتبر الجبوري ما حدث في جلسة تصويت اختيار محافظ ديالى أنّه "إنهاء للشراكة ومرحلة التوافق السياسي"، بينما حمَّل الجهات التي وصفها بأنها "انفردت بالسلطة" كامل المسؤولية في إدارة المحافظة.
يأتي هذا بينما أبرز مصدر محلي انتشار الأمن على نحو كثيف وسط مدينة بعقوبة؛ تحسبًا لاستهدافها بعد انتخاب مثنى التميمي محافظًا لديالى.
وأكد الجبوري، في بيان صحافي ورد إلى "العرب اليوم" نسخة منه، أنَّ ما جرى خلال جلسة التصويت لاختيار محافظ ديالى أثار الاستياء، واصفًا ذلك بأنه "إيذان بانتهاء مرحلة التوافق السياسي وعدم الاعتراف بالشراكة السياسية والاتفاقات السياسية التي أبرمت بين الكتل".
وأوضح بقوله: كنا نتوقع أنَّ يكون هناك تعاونًا وتوافقًا داخل هذه المحافظة يسهم في حل مشاكلها وتعزيز روح التعايش السلمي بين جميع مكوناتها؛ إلا أن ذلك كله لم يحدث، كنا نأمل في أن تستنفد جميع الأطراف كل سبل الحوار من أجل الوصول إلى صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف.
ودعا جميع الأطراف إلى إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح والالتزام بالاتفاقات السابقة، مطالبًا كتلة عراقية ديالي بـ"عدم تسلم أي منصب"، ومشددًا على أنَّ على الجهات التي انفردت بالسلطة في ديالى أن تتحمل بمفردها كامل المسؤولية في إدارتها، سواءً في الملفات الأمنية أو الخدمية أو ملف إعادة النازحين.
وأشار مصدر أمني إلى انتشار كثيف وسط مدينة بعقوبة؛ تحسبًا لاستهدافها بعد انتخاب مثنى التميمي محافظًا لديالى، مؤكدًا أنَّ انتشارًا أمنيًّا واسعًا ومكثفًا من الجيش والشرطة وسط مدينة بعقوبة، على خلفية ورود معلومات عن استهدافها من مجموعات مسلحة، ولافتًا إلى أنَّ هذه الإجراءات تأتي على خلفية انتخاب مثنى التميمي محافظًا لديالي.
كانت عضو كتلة عراقية ديالى في مجلس المحافظة نجاة الطائي، أعلنت مقاطعة كتلتها جلسات مجلس ديالى وتقديم طلب إلى البرلمان بحل المجلس وإجراء انتخابات مبكرة، عازية ذلك إلى انتخاب محافظ لديالى على نحو "مخالف" للاتفاقات السياسية.
كان مجلس ديالى قرر نهاية شهر آذار/مارس الماضي، إقالة المحافظ السابق عامر المجمعي بعد جلسة استجوابه في ملف إنفاق أموال النازحين.
ومن جانب آخر، توقع رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، الثلاثاء، استمرار الانهيارات الأمنية حال عدم محاسبة المقصرين المتسببين فيها، الأمر الذي قد يؤدي إلى حلّ الجيش العراقي، مشيرًا إلى عدم قدرة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي على "الإمساك بزمام تسيير الحشد الشعبي".
وفي معرض جواب الجبوري، في مقابلة صحافية بشأن اقتراب موعد حلول عام على سقوط الموصل في يد تنظيم "داعش"، وعن المطالبات بمساءلة المسؤولين عن ذلك، أكد أنه "طال التقرير الموضوع من قِبل اللجنة البرلمانية المختصة التي فتحت الملف ولكن سينتهي هذا الشهر"، مشيرًا إلى أنه "قدم تقرير أولي يحدد ملامح التقصير وأسبابه ومن كان يقف وراءه وتم تحديد الأسماء، ولا يمكن الإفصاح عنها الآن ولكن تم تحديد ذلك".
وأوضح أنه "ستقدم توصيات للتصويت عليها تحاسب المقصرين، وفعلاً هناك من استهان بأرواح العراقيين ولم يعر بدرجة كبيرة الأهمية للصلاحيات الممنوحة له وأدى إلى ما أدى إليه الوضع في نينوى، وإذا لم تكن هناك مساءلة ومحاسبة للمقصرين، نتوقع المزيد من الانهيار، الوضع الحالي سيء، ولكن سيتراكم إلى درجة لن يكون لنا عندها سبيلًا لتجاوز المشكلة إلا بحل الجيش".
وأضاف الجبوري "الجيش خرج من معارك يحتاج بعدها فعلاً إلى إعادة تنظيم، بروح جديدة وبآلية وبقيادات جديدة منظمة، الحشد الشعبي له مصادر تمويل غير رسمية، ولا يقوى حتى الآن رئيس الوزراء بشكل واضح على أن الإمساك بزمام تسيير الحشد الشعبي، على الرغم من أن مهمته إسناد الجيش، لكن ليست لديه القدرة على توجيهه الوجهة التي يحقق فيها الأمن والاستقرار، وهذه مشكلة طبعًا".
وأكمل أنه "الأهم بحسب ما أفهم، دعوة المرجعية للناس للانضمام إلى الجيش والقطعات العسكرية لمواجهة داعش، الذي حدث أنهم استقطبوا من قِبل الأذرع المسلحة للأحزاب فتقوت تلك الأحزاب وأذرعها المسلحة بحكم ما لديها من ماكينة مالية وأصبحت على حساب المؤسسة الرسمية، وجود الحشد حتى وإن كان مفيدًا، وهو ضروري في لحظة من لحظات المواجهة مع داعش، لكن بالمنطق القانوني، لا يمكن أن يسمى قوة رسمية معترفًا بها، وهذا لا يكون إلا بعد تشريع قانون الحرس الوطني".
وفي السياق ذاته، تحدث نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الاثنين، لتأكيد دعم الولايات المتحدة للعراق بعد مرور يوم علي التصريحات المثيرة للجدل أدلي بها وزير الدفاع الأميركي، آش كارتر، التي أثارت حربا كلامية بشأن النجاحات العسكرية الأخيرة لـ"داعش".
كان كارتر أشار في تصريحٍ إلى "CNN" السبت الماضي، أنَّ القوات العراقية أظهرت عدم إرادة لقتال "داعش" وفرت في الرمادي على الرغم من زيادة العدد.
ورد متحدث باسم حكومة العبادي في وقت لاحق أنَّ كارتر قدم "معلومات غير صحيحة"، وأضاف: يجب أن لا نحكم على الجيش كله بناء على حادثة واحدة، حسبما ذكرت وكالة "اسوشيتد برس".
وأوضح بيان البيت الأبيض، الاثنين، أن بايدن يدرك قيام القوات العراقية بـ"تضحية هائلة وشجاعة" على مدى الأشهر الـ18 الماضية في الرمادي وغيرها. ورحب بالقرار العراقي لحشد قوات إضافية والاستعداد لعمليات هجوم مضادة.
وتداولت القوى المختلفة انتقادات لاذعة واتهامات بشأن نجاحات "داعش" الأخيرة، وسط تحذيرات من قيام التنظيم بإعدام مئات الرهائن.
ومن جانبه؛ كشف قائد فيلق القدس ذراع العمليات الخارجية للحرس الثوري، قاسم سليماني، أنَّ الولايات المتحدة "لا تظهر إرادة" لمحاربة "داعش".
وأضاف سليماني أنَّ مقاتلات الولايات المتحدة لم تفعل شيئا لوقف تقدم "داعش" في الرمادي، مشيرًا إلى أنَّ الولايات المتحدة متواطئة في توسع المجموعة.
من جانبه؛ شدد ضابط عسكري بريطاني بارز اللواء تيم كروس أنَّ الجيش العراقي افتقر "التماسك الأخلاقي" اللازم لقتال "داعش".
وفي واشنطن، زادت هجمات "الجمهوريين" على إدارة أوباما وعلى سياستها ضد "داعش". وسخر رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، جون ماكين، من الرئيس الأميركي باراك أوباما لقوله إنَّ تغير المناخ يمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي في حين لم يتم ذكر تقدم "داعش".
كان "داعش" سيطر على عاصمة محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، ما يعتبر أعظم انتصار للتنظيم في العراق منذ في الصيف الماضي، وإعلانها خلافة تمتد من العراق إلى سورية.
وتقدم "داعش" لم يقتصر على العراق فقط، حيث سيطر التنظيم على المدينة السورية التاريخية "تدمر" وحقول الغاز الإستراتيجية القريبة، بعد حصار دام لمدة أسبوع أسفر عن طرد القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، وهرب الآلاف من السكان.
وأعدم "داعش" أكثر من 200 شخص في المدينة والقرى المجاورة، بما في ذلك المدنيين فضلا عن المقاتلين الموالين للأسد، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة مقرها في المملكة المتحدة لديها اتصالات واسعة في سورية.
وأوقف "داعش" نحو 600 من الأسرى بعد المعارك في شرق مدينة حمص وتدمر، بما في ذلك المقاتلين والمدنيين الموالين للحكومة الذين يتهمهم التنظيم بمساعدة الأسد.
وقتل "داعش" 400 مدني في تدمر خلال عطلة نهاية الأسبوع، وشن سلاح الجو الحكومي أكثر من عشر غارات جوية على مدينة تدمر يوم الاثنين الماضي، بما في ذلك مداهمات بالقرب من الآثار القديمة من المدينة.
أرسل تعليقك