أكّد رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، أنّ حكومته لم تفشل في تنفيذ مهامها، مشيرًا إلى أنه جرى إطلاقها في مطلع حزيران/يونيو من العام المنصرم، وتولت مهمة استكمال المصالحة، فضلا عن استكمال بناء وتوحيد المؤسسات، والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية.
وأضاف الحمد الله، في حديثه إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، "بعد أسابيع قليلة، حدثت حرب قطاع غزة واستمرت 50 يوما وما ترتب على هذه الحرب من دمار هائل وشهداء ومئات آلاف البيوت المدمرة كليا وجزئيا. كان هذا عبئا كبيرا. ورغم ذلك، بدأنا بخطوات عملية لإنهاء الانقسام، وذهبت إلى قطاع غزة للحديث عن استيعاب الموظفين الذين تم تعيينهم بعد عام 2007".
وبيّن "أذكر اجتماعي مع هنية وقيادة حماس، اتفقنا على حل موضوع الموظفين وموضوع المعابر. حماس قالت لي بأنه ليس لديها أي مشكلة في تسليم المعابر إلى حكومة التوافق الوطني. وكان هذا شرطا مهما لعملية إعادة الإعمار. عدت من غزة بهذا الاتفاق لكن لم يتم تسيلم المعابر. ذهبت في زيارة أخرى في أبريل (نيسان) 2015. واجتمعت مع قيادة حماس وتحادثنا حول نفس النقطتين ، الموظفين والمعابر. للأسف لم يوافقوا على الخطة التي تقدمنا به وعرضتها شخصيا على حماس. ولو وافقوا كنا قطعنا شوطا مهما في عملية المصالحة وعملية التوافق".
وأبرز رئيس الوزراء الفلسطيني "انتقلنا إلى مرحلة ثانية لتوحيد المؤسسات والوزارات، ولو نجحنا لانتقلنا طبعا إلى مرحلة ثالثة، وهي الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يجب أن تجرى. كما هو معلوم هذا هدف نهائي".
وتابع "نحن نتحدث عن 54 ألف موظف بينهم 23 ألف موظف مدني والباقون موظفون عسكريون. في المرحلة الأولى، قلنا لهم دعونا ننهي ملف الموظفين المدنيين، وذهبت بخطة واضحة إلى حركة حماس، اجتمعت مع إسماعيل هنية (قائد حماس في غزة). قلنا لهم نحن كحكومة جاهزون لحل موضوع الموظفين على 3 مراحل".
وأوضح الحمد الله "المرحلة الأولى هناك 28 ألف موظف مدني معينون قبل 2007 (سيطرة حماس على غزة)، هؤلاء جالسون في بيوتهم ويتقاضون رواتب. دعونا نبلغهم بأن عليهم العودة إلى العمل، ومن لا يعود يعتبر خارج الوظيفة".
واسترسل في حديثه "في الخطوة الثانية نستبدل الذين لم يعودوا ويتاقضون رواتب فورا بموظفين من موظفي حماس الذين عينوا بعد 2007، نتحدث عن آلاف هنا، وفي الخطوة الثالثة أي موظف لا توجد له فرصة عمل نحن ملتزمون بشكل كامل، بإيجاد حلول لهم، سواء عبر مكافآت أو إيجاد فرص عمل. قلنا لهم نحن جاهزون، وربطنا هذا الموضوع بموضوع تسلمنا للمعابر".
وقال "خطتنا مدتها 3 شهور وأنا اتفقت مع كثير المؤسسات الدولية والأمم المتحدة على إنشاء صندوق لدفع رواتب وإيجاد حلول لكافة الموظفين، كنا سنبدأ في 20 نيسان/ أبريل، لكن لم تسمح حماس بعملية التسجيل لو سمحت لكنا أنهينا الموضوع الآن".
وبيّن في حديثه "حماس تصر على أن أي حل أو تقدم في عملية المصالحة وتوحيد المؤسسات، لن يتم إلا باستيعاب الموظفين. وأنا أقول لك عملية استيعاب الموظفين ليست سهلة. عندما تتحدث عن 23 ألف موظف مدني جديد؟ أي حكومة في العالم.. حتى الحكومات الغنية لن تستطيع استيعاب هذا العدد دفعة واحدة".
واعتب أن "الإعمار موضوع وقد أضيف إلى مهمات الحكومة. كما هو معلوم في 13 تشرين الأول / أكتوبر في القاهرة، تم التعهد بـ4.9 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع. لم يأت من هذه الأموال سوى 27 % فقط. الدول المانحة تقول: إنها تريد أن ترى السلطة على المعابر، بعض الدول الأخرى لم تف بالتزاماتها، ولكن رغم كل ذلك، أريد أن أرد على الذين يقولون: إنه لا يوجد إعمار بالأرقام. لغاية اليوم ما تم إعادة بنائه من البيوت المدمرة جزئيا، هو 95 ألف شقة، وهذا رقم ليس سهلا. خذ القطاع الاقتصادي 62 % من المؤسسات المدمرة تم تعويضها".
وتابع حديثه "عندما انتهت الحرب كان هناك 400 ألف مواطن في مراكز الإيواء، اليوم يوجد 231 فردا فقط، واستأجرنا لهم منازل وسيخرجون. لا يوجد أي مواطن في مراكز الإيواء، استأجرنا منازل للبعض وأصلحنا منازل البعض الآخر. هذا إنجاز في ظروف صعبة، إنجاز رغم قلة الموارد المالية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات. (يسأل) أي حكومة في العالم (تستطيع) في اليابان عندما حدث زلزال تسونامي، آثاره لليوم، ما زالوا يعملون. فما بالك نحن دولة فقيرة ونعتمد على المساعدات والتبرعات".
وأشار إلى أن "الدمار ليس بسيطا، هناك 16 ألف منزل هدمت بالكامل، وأنا كنت في زيارة للكويت والسعودية وقطر وبدأنا في إعمار البيوت المدمرة، هناك 700 شقة سنبدأ فيها فورا.. لدينا وعود من الكويت بـ1500 شقة ووقعنا عقودا مع الإخوة في الكويت. الإخوة في السعودية سيعيدون بناء 800 شقة، وقطر بدأت بـ1000 شقة وقد تزيد إلى آلاف، وكل هذا في شهور قليلة. من الظلم أن نقول: إن الإعمار لم يبدأ. طيب كانت في حرب 2008 لم يعمل أحد أي شيء و2012 لا شيء، نحن في 2014 الآن، وبصراحة نحن عمليا نعيد إعمار ما خلفته 3 حروب".
وأكد رئيس الحكومة "هناك حصار ظالم وإسرائيل تسيطر على المعابر، وفق ذلك بدأنا نخطط كيف سندخل المواد إلى غزة. روبرت سيري منسق الأمم المتحدة لعملية السلام السابق، قام بمفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والأمم المتحدة، وتوصلوا إلى اتفاق ينص على أن أي مواد تدخل إلى القطاع ستتم بمراقبة الأمم المتحدة ومن خلال مراقبة الجانب الإسرائيلي، حتى عندما يتم توزيع المواد في قطاع غزة سيتم تحت مراقبة وإشراف الأمم المتحدة. هذا الاتفاق وافقت عليه جميع الجهات، الحكومة وحماس ولم يعترض عليه أحد. لكن ما نطلبه الآن هو إعادة النظر في هذا الاتفاق. نحن مثلا نريد 100 طن إسمنت يوميا حتى نبدأ إعمارا حقيقيا، وما نطلبه هو رفع الحصار كاملا، وأن تسمح إسرائيل بإدخال جميع المواد المطلوبة. بصراحة نحن نطالب بوقف العمل بهذه الآلية وتحسينها والأهم رفع الحصار".
وأوضح "إذا تم رفع الحصار ووصلت الأموال التي تعهدت بها الدول الآن وفي الحروب السابقة، سنعيد غزة إلى عهدها السابق في أقل من 3 سنوات".
ولفت إلى أن "حماس جزء مهم من الشعب الفلسطيني ومكون من مكوناته. نحن نريد حوارا حقيقيا ومصالحة حقيقية. نريد تجانسا. أنا أعتقد أن المخرج هو انتخابات رئاسية وتشريعية. علينا تهيئة الأجواء وأن نمهد لهذه الانتخابات. اليوم أقول هناك فرصة عبر حكومة وحدة وطنية. هذا مهم جدا، وأنا أدعو حماس للمشاركة في حكومة وحدة وطنية وعدم وضع عقبات. الاشتراطات التي وضعتها حماس اشتراطات مستحيلة".
وأبرز "هناك اشتراطات بالنسبة للانتخابات وقانون الانتخابات. كما أبلغوني في شهر 4 يريدون انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلسا وطنيا في آن واحد، نحن قلنا لهم رئاسية وتشريعية نعم، لكن مجلس وطني لا. أنت ترى الأوضاع في الدول العربية وهي معروفة. كيف نستطيع إجراء انتخابات في الدول العربية، هذا صعب، تحدثوا معي في قانون الانتخابات، هم وافقوا في 2011 في القاهرة على قانون التمثيل النسبي 75% والباقي دوائر، والآن يريدونه جميعه دوائر. هذه المسائل اتفقت عليها الفصائل في 2011 ويجب أن لا يكون هناك الآن اشتراطات، بل الذي يجب هو تمكين حكومة الوفاق الوطني، لو قبلوا خطتي لاختلف الوضع الآن".
واعتبر أن "الحكومة الحالية تم تشكيلها على عجل في ظروف صعبة ومعقدة، وتم تشكيلها من 17 وزيرا بمن فيهم رئيس الوزراء؟ استقال وزير الاقتصاد، نحن الآن بـ16. تصور أن الوزير يدير 3 وزارت. هناك خلل، أنا أريد أداء أفضل. سنملأ الفراغات الموجودة، نحن نتحدث عن 8 حقائب فارغة، لكن على الأقل نريد تعبئة 5 لأنه بحسب القانون، مسموح لك أن تعدل أقل من الثلث فقط، سنغير حيث يوجد ضعف".
وكشف الحمد الله "لا يوجد ضرائب على الديزل مطلقا. نحن نساهم شهريا في الكهرباء التي تغذي غزة عبر إسرائيل من خط 161 إسرائيل تدفعنا شهريا من 50 إلى 60 مليون شيقل غير مستردة، (إضافة إلى 35) ندفع شهريا ما يقابل 80 مليون شيقل. هذه أرقام معروفة وهذا واجب. ولكن المطلوب أن يدفع من يستطيع من الناس الدفع".
وشدد على أن "أقصر الطرق لإنهاء الحصار هو تمكين الحكومة. بعدها نجري انتخابات للخروج من حالة الانقسام. ونحن نتعهد الآن بإجراء انتخابات رئاسية تشريعية".
وتحدث عن عقبات الحكومة مؤكدًا أن "الاحتلال عقبة أولى، انظر إلى تقسيم الضفة (أ ب ج)، كل مصادرنا الطبيعية من المياه والأراضي الزراعية، والبحر، والبترول أيضا، هناك حقل في رنتيس 400 كيلومتر مربع، كلها في منطقة سي، وإسرائيل لا تسمح لنا باستغلال مواردنا. 2.2 مليار دولار ممكن أن نجندها من خلال الاستثمار في مناطقنا التي تسيطر عليها إسرائيل. نحن نحكم 36 % من الضفة فقط. هناك الظروف المالية، لدينا مشكلة الضرائب مع الإسرائيليين".
وبيّن رامي الحمد الله "في أي لحظة نختلف معهم يحجزون أموالنا، وهذا يجعلنا بصراحة لا نستطيع أن نخطط للمدى البعيد أو المتوسط ولا القريب، (كل شغلنا) مربوط مع الاحتلال. يوجد موضوع اتفاق باريس، نحن بحاجة إلى إعادة النظر فيه، ناهيك عن التهرب الضريبي في مناطق سي، تهرب من أعلى المناطق في العالم، ورغم كل ذلك البنك الدولي يشهد أن مؤسساتنا أفضل من مؤسسات 80 دولة".
وأوضح "الحكومة يدخلها 800 مليون شيقل تصرف مليارا و150 مليون شيقل بعجز 100 مليون دولار . تأتي مساعدات متفاوتة ولكن يبقى عجز دوار، نرحل بعض المصاريف نتعامل بإدارة أزمة. لكن نحن قللنا المصاريف، عملنا ترشيد ووفرنا 300 مليون شيقل من الدين العام. أنا جئت على الحكومة وهي مديونة بـ4.8 مليار دولار. المساعدات قلت، والمصاريف زادت، ولكن تمكنا من سد عجز بقيمة 300 مليون دولار ودفعنا لصندوق التقاعد الذي استنفدته الحكومات السابقة، نسدد التزاماتنا كافة شهريا، وهذا يكلفنا مبالغ طائلة. لدينا ما نفخر به".
وشدد على أن "القدس من أولوياتنا، التدخلات كثيرة وتتم بالاتفاق مع مؤسسات دولية وأحيانا مباشرة. ورغم أننا ممنوعون من العمل هناك، نعمل في قطاع التعليم والترميم والمشاريع الصحية ودعم المستشفيات، وبدأنا بدعم تجار البلدة القديمة. ونحن نطالب جميع العالم بأن يقفوا معنا. أعلم أن التدخلات ليست كافية، نحن بحاجة إلى مليارات، إسرائيل تستثمر مليارات، نريد دعما"
وأضاف "بصراحة هناك من يحاول وضع العصا بالدواليب. لكن أنا تأقلمت مع التحديات وأتغلب عليها، هناك بالفعل من يضع عقبات لأمور شخصية وليست مهنية. هناك من يحاول نعم ولكن أنا لا أنظر إلى هذه الأمور، أنظر إلى المستقبل والمصالح العليا وأطالب الجميع بحوار هادئ وليس لأمور شخصية".
وأشار إلى أن "النظام الفلسطيني نظام رئاسي، الرئيس لديه صلاحيات في مواضيع، والحكومة لديها، ولكن للحقيقة لمست دعما كاملا من الأخ أبو مازن وأنا أشكره. لم يقف في طريقنا، هو دائما في حوار مستمر معي شخصيا وأتداول معه في القضايا اليومية والحياتية والسياسية، أنا أشكره على التعاون والدعم. هذا ساعدنا في عملنا".
واختتم حديثه بالقول "يجب أن تكون لديك إرادة قوية، من دون ذلك ستهزم خصوصا في فلسطين، تحديات لا تعد ولا تحصى".
أرسل تعليقك