أكد قضاة متخصصون في عقود الزواج، تراجع دعاوى المفقودين خلال السنوات الأخيرة، لافتين إلى أن زواج المرأة التي لم تحصل بعد على حجة إثبات وفاة زوجها يعدّ فاسخًا لا يترتب عليه أثر إلا النسب، فيما شددّوا على سهولة إجراءات حجة المفقود ورمزية نفقات إعلانها في الصحف.
وذكر قاضي الأحوال الشخصية مهند صالح في تصريح خاص لـ "العرب اليوم "أن "ملفات المفقود نظمها قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980، وتندرج أحكامه مع الغائب".
وتنص المادة 86 من هذا القانون على أن "المفقود هو الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته أو مماته"، بينما تعرّف المادة 85 الغائب بـ"الشخص الذي غادر العراق أو لم يعرف له مقام فيه مدة تزيد على السنة من دون أن تنقطع أخباره وترتب على ذلك تعطيل مصالحه أو مصالح غيره".
وعلى الرغم من أن قانون رعاية القاصرين لم يشر إلى الزوجة، إلا أن صالح يرى أن "من حقها أن تقدم طلب إصدار حجة مفقود".
كما أكد صالح إمكانية أن "تقدم المرأة التي فُقد زوجها طلبًا إلى المحكمة لإصدار حجة مفقود.. لكن عليها أن تنتظر 4 سنوات من تاريخ صدور الحجة لتصبح أرملة، إذ تقيم دعوى لإثبات وفاة المفقود وتسمى حجة إثبات وفاة المفقود.. وهذه الدعوى تميّز تلقائيًا".
ويعد قانون رعاية القاصرين في المادة 95 "يوم صدور الحكم بموت المفقود تاريخًا لوفاته".
وحول إمكانية زواج امرأة المفقود بعد صدور هذا الحكم، يقول صالح "هنا المرأة ملزمة بالعدة الشرعية للأرملة وهي 4 أشهر و10 أيام وقبل هذه المدة لا يحق لها الزواج من رجل آخر لأنها مازالت على ذمة زوجها المفقود".
ولفت القاضي إلى أن "المرأة إذا تزوجت قبل أن تصدر حجة إثبات وفاة المفقود وبالتأكيد سيكون الزواج خارج المحكمة لأنها لا تستطيع الزواج أمام قاض، فإن القانون يعد عقد الزواج فاسخًا ويبقى من آثاره إثبات النسب فقط".
وأضاف أن "المرأة حين تصدر حجة المفقود تصبح قيمة على زوجها ووصية على أولادها القاصرين وتستطيع إدارة أموال الزوج وكذلك لها جميع حقوق الرعاية الاجتماعية".
وتابع صالح "قبل أن تصدر حجة إثبات الوفاة فإن المرأة لا تستطيع التصرف في الإرث، لأن الزوج يعد قانونيًا على قيد الحياة ولكن بعد إصدار الحجة يحق لها ولورثته التصرف".
ورأى صالح أن "حالات الفقدان في تناقص، إذ أن ما سجلته المحاكم العراقية خلال السنتين الأخيرتين لم تتجاوز العشرات، عكس ما كانت عليه الحال عامي 2006 و2007، إذ كانت الأعداد بالمئات خلال السنة الواحدة".
وأشار إلى أن "أبرز حالة سجلتها المحكمة خلال العام الماضي إصدار حجة قيمومة لإحدى زوجات المفقودين في حادثة سبايكر".
وأفاد صالح أن "مدة الـ4 سنوات منصفة للمرأة والرجل، لأنه من الممكن أن يظهر المفقود خلالها"، مشيرًا الى أن "المشكلة تكمن في أن أكثر النساء تقدّم الطلب بعد فترة طويلة من فقدان زوجها وبهذه الطريقة سوف يفوتها وقت كبير بين إجراءات المعاملة والمدة المطلوبة لإصدار حجة إثبات الوفاة، فضلًا عن العدة".
من جانبه، يرى القاضي قاسم جروب كاظم أن "دعاوى المفقود تأتي ممّن لديه مصلحة في إصدار حجة المفقود وليس من الزوجة فقط وأن حجة القيمومة تصدرها الزوجة لإدارة أموال الزوج ورعاية الأطفال"، منوهًا إلى أنه "إذا كان والدا المفقود على قيد الحياة ندخلهم كطرف ثالث في الدعوى إذا ما كانوا يمتلكون معلومات عنه".
ولكي تتأكد المحكمة من أن الشخص مفقود فعلًا، بيّن كاظم لـ"العرب اليوم " "نطلب إرفاق أوراق التحقيق من قاضي التحقيق وكذلك الشهود فضلًا عن صورة قيد"، لافتًا إلى أنه "في بعض الحالات تكتشف المرأة أن شريكها لديه زوجة أخرى وفي هذه الحالة إن أصدرت إحداهن حجة القيمومة لا يمكن للأخرى إصدارها".
ولفت قاضي الأحوال الشخصية إلى أنه "في حال كانت الفتاة ترتبط بالمفقود بعقد زواج في المحكمة من غير أن يدخل بها الخلوة الشرعية، أي أنهما في مرحلة الخطوبة، هنا أيضًا تنطبق عليها قوانين الزوجة ولكن هي غير ملزمة فقط بعدة الأرملة"، منبهًا إلى أنها "تستطيع أن تقيم دعوى أخرى، إذ أن من حق الزوجة إذا مرت عليها سنتان ولم تُطلب إلى الزواج، أن ترفع دعوى تفريق".
أرسل تعليقك