منعت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، الجمعة، قرارًا في مؤتمر لحظر انتشار الأسلحة النووية، بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من النووي حتى موعد أقصاه آذار/مارس 2016، وجاء ذلك في أعقاب معارضة "إسرائيل"، وبالرغم من أنّ الصيغة النهائية للقرار تضمنت بنودًا كثيرًا تتجاوب مع المطالب "الإسرائيلية".
وأكدت مصادر صحافية عبرية، السبت، وجود مخاوف شديدة في أوساط كبار المسؤولين "الإسرائيليين" من احتمال أن يتخذ مؤتمر مراجعة ميثاق حظر انتشار السلاح النووي في نيويورك، قرارات إشكالية في نظر "إسرائيل"، وتنتهي الليلة أعمال هذا المؤتمر الدولي الذي تطالب فيه دول مختلفة، بينها مصر وإيران، بتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي.
وأوضحت المصادر، أنّ مصر كانت تقدمت في بداية المؤتمر، قبل نحو شهر، بمشروع قرار "متطرف" يفرض انعقاد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي، ويركز على البرنامج النووي "الإسرائيلي"، وحظي الاقتراح المصري بردود فعل حادة من "إسرائيل"، والولايات المتحدة ودول أخرى، وطلبت "إسرائيل" ألا يركز المؤتمر الدولي على النووي فقط؛ بل على الأمن الإقليمي عمومًا، وأيضًا على مواضيع كالصواريخ والتطرف.
كما طالبت أن يتم اشتراط انعقاد المؤتمر بتحقيق إجماع من كل الدول المشاركة على جدول أعماله؛ ولكن إسبانيا في الأيام الأخيرة عرضت بعد التشاور مع مصر، صيغة حل وسط تقوض عمليًا الشرط "الإسرائيلي"، وتتضمن بندًا يقول إنه في حالة عدم تحقق إجماع حتى كانون الأول/ديسمبر المقبل، ينقل القرار إلى الأمين العام للأمم المتحدة؛ ليحدد إذا كان سينعقد هذا المؤتمر، وفي أي ظروف.
وأضافت، أنّه في اليومين الأخيرين أدارت "إسرائيل" مع الولايات المتحدة اتصالات مكثفة في محاولة للوصول إلى تفاهمات في الموضوع، ونقلت عن موظف "إسرائيلي" رفيع المستوى ضالع في الاتصالات، أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منع انتشار السلاح النووي طوماس كانتريمان، موجود في "إسرائيل"، منذ الثلاثاء الماضي، ويجري اتصالات مع المسؤولين في وزارة "الخارجية"، في قيادة الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء ولجنة الطاقة الذرية.
وتابعت، أنّ المحادثات التي جرت الأربعاء استمرت حتى الساعة الثالثة فجرًا، والخميس أيضًا جرت محادثات على مدار اليوم بأكمله، ومن المتوقع للمفاوضات الجارية على صيغة القرار أن تستمر حتى ساعات الليل المتأخرة، في حين يختتم المؤتمر أعماله في نيويورك، وحتى الآن لم تتحقق تفاهمات ترضي "إسرائيل".
وأشار مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، يشارك في الاتصالات، إلى أنّ هناك تخوف كبير في القدس من "بث مُعاد" للأحداث في مؤتمر المراجعة الذي عقد في العام 2010، وفي حينه نجحت مصر في لي ذراع الولايات المتحدة فأدخلت إلى البيان الصحافي الختامي فقرة تعنى بقدرة "إسرائيل" النووية، ودعتها إلى وضع منشآتها النووية تحت الرقابة الشاملة للأمم المتحدة، ودعا البيان في العام 2010 إلى عقد مؤتمر في شأن موضوع شرق أوسط خال من السلاح النووي في غضون عامين.
وغضبت "إسرائيل" من القرار، وادَّعت بأن الإدارة الأميركية تراجعت فيه عن التزاماتها السابقة تجاهها، وطلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "تعويضًا أميركيًا"، وتلقاه أثناء زيارة واشنطن في تموز العام 2010، وفي اجتماعه مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض تعهد في حينه الرئيس الأميركي ألا يكون هناك أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة في مسألة النووي "الإسرائيلي"، وأن واشنطن لن تعمل على المس بسياسة "الغموض" النووي "الإسرائيلية".
وشدد المسؤول، أنّ هناك تخوفًا كبيرًا من أن تؤدي رغبة الولايات المتحدة أن يتضمن البيان الختامي بندًا حول موضوع تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي إلى تنازلات أميركية لمصلحة مصر تضر بالمصالح الأمنية "الإسرائيلية".
أما في الإدارة الأميركية فرفضوا المخاوف "الإسرائيلية"، وبيّنت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض براندت نيهام، أنّه لم تتحقق بعد صيغة البيان الختامي، وأن الولايات المتحدة تعمل على التأكد من أن تلبي الصيغة المصلحة الأميركية والمصلحة "الإسرائيلية".
ولفتت مصادر صحافية عبرية، إلى أنّ واشنطن أرسلت كانتريمان إلى "إسرائيل"، حيث التقى مطولًا مع المدير العام لوزارة "الخارجية" للبحث في مداولات مؤتمر مراجعة المعاهدة ومحاولة بلورة مسودة قرار، وقالت إنه واضح أن الهدف من الزيارة؛ ممارسة الضغط على "إسرائيل"، للبحث في أمر تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي، ما تعتبره الثانية موضوعًا "بالغ الحساسية".
ووجهت المصادر، إلى أنّه منذ أعوام تبذل محاولات لعقد مؤتمر دولي لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، وتؤيد "إسرائيل" عقد المؤتمر، وذلك خشية من أن يقود رفضها إلى انهيار نظام المعاهدة الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، ويلحق الضرر برؤية أوباما لعالم خال من السلاح النووي؛ ولكنها تضع اشتراطات لعقد المؤتمر تفرغه من مضمونه.
ودعت رئيسة مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي طاووس فروخي من الجزائر، دول العالم للتجسير على الخلافات القائمة، ووضعت حدًا أقصى ينتهي مساء الأحد؛ للاتفاق على مسودة يمكن تسليمها للدول، وشاركت "إسرائيل" في مؤتمر مراجعة المعاهدة، بالرغم من أنها ليست بين الدول الموقعة عليها، كمراقب، وكان مسؤول "إسرائيلي" أعلن الشهر الماضي أنّ "إسرائيل" تحضر المؤتمر بصفة مراقب على أمل أن تحث الحوار مع الدول العربية، معتبرًا أن المؤتمر فرصة لترسيخ المعارضة مع دول عربية عدة للاتفاق النووي مع إيران.
وركز الرئيس أوباما، داخل كنيس "أداس إسرائيل" واشنطن خلال شهر التراث الاميركي- اليهودي، أنّ التزامه بضمان أمن "إسرائيل لا يتزعزع" في محاولة لتعزيز التأييد له بين اليهود قبل مهلة تنتهي في حزيران/يونيو للتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني.
وقال أوباما إن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تتفقان على ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، لكنه اعترف بوجود جدل في شأن كيفية تحقيق ذلك، مردفًا: "التزامي بضمان أمن "إسرائيل لا يتزعزع"، وسيظل دائماً هكذا"، مؤكدًا أنّ "شعب إسرائيل يجب أن يعلم دائمًا أنّ أميركا تدعمه، وستدعمه دائمصا".
وزاد: "يهمني التوصل إلى اتفاق يسد كل الطرق أمام حصول إيران على سلاح نووي. كل الطرق، وبعبارة ثانية، اتفاق يجعل العالم والمنطقة بما فيها "إسرائيل"، أكثر أمانًا، هذا هو تعريفي للاتفاق الجيد".
وألمح إلى خلافه مع رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو في شأن أهمية حل الدولتين لكسر الجمود في عملية السلام، واسترسل: "أشعر بالمسؤولية للتحدث بصراحة حول ما الذي سيقود برأيي إلى الحفاظ على ديمقراطية حقيقية في الوطن اليهودي، أعتقد بأن ذلك وجود دولتين لشعبين، إسرائيل وفلسطين، والعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، وتمامًا كما بنى "الإسرائيليون" دولة في وطنهم، فإن للفلسطينيين أيضًا الحق في أن يكونوا شعبًا حرًا على أرضهم".
وبعدما غادر أوباما "الكنيس" وقع مشروع قانون يمنح الكونغرس السلطة لمراجعة، وربما عرقلة، أي اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران.ح.
أرسل تعليقك