أكد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، على أهمية إعادة صياغة الطريقة التي تحكم العلاقات المصرية الأميركية، مشددا على عدم إتباع الطريقة التقليدية القديمة في إدارة العلاقات، موضحًا أنها "لا يمكن أن تنتج المستوى الذي نرغبه لنصل إلى الشكل الذي يتيح مصالح مشتركة وليست مصلحة الطرف الواحد".
جاء ذلك خلال مشاركته في ورشة العمل التي أقيمت تحت عنوان "مصر والولايات المتحدة الأميركية، العلاقات الثنائية، الفرص والتحديات وآفاق المستقبل".
وأضاف موسى "مصر ستتطور خلال الأعوام الخمسة المقبلة، كما أن الشرق الأوسط سيكون في وضع مختلف بعد الأزمات التي مر بها، فلا يمكن أن تظل أجندة المنطقة تحكمها مصالح أحادية الطرف ويتم التعامل معها بازدواجية دون النظر لمصالح شعوب المنطقة".
وأوضح "كي نحقق هذه التغيرات يجب أن نتحدث عن أبعاد جديدة للعلاقات، وتوضع على الطاولة تحت عنوان مستقبل المصالح بين الدولتين مصر والولايات المتحدة الأميركية ،حتى يطمئن المصريون بأن هناك تجديدا في وجهة النظر الأميركية تجاه الإدارة المصرية، خصوصًا بعد موقف أميركا عقب رحيل الرئيس مرسي، بمعاقبة مصر من خلال بعض التعقيدات الخاصة بالمعونة الأميركية وتحفظ الأمريكان على قرارات وإرادة الشعب المصري فتحركت الدول العربية لتمنح مصر المساعدات الواجبة لعبور هذه المرحلة.
وأشار إلى أن "ما اغضب المصريين هو الموقف الأميركي تجاه قرارهم بعزل الجماعة من حكم مصر، فلم نكن نستطيع تحمل تكلفة عام آخر من التدهور بعد فشلهم في إدارة البلاد، ولم يقم احد باستشارة أي دول ومنهًا أميركا قبل اللجوء لعزله، وبعدها قامت السعودية بمساعدة مصر ولم تأخذ الاستشارة من أميركا أيضا، وهاتان رسالتان مهمتان ومفادهما أننا غاضبون من الموقف الأميركي".
ورحب موسى بالاتفاق النووي الإيراني، موضحًا "ليس هناك أي مصلحة لأي طرف في المنطقة لتطوير السلاح النووي، ولكن تظل هناك مشكلة ثابتة لم يتم التطرق إليها، وهي السلاح النووي الإسرائيلي، والتي تعد الأخرى طرفًا مؤثرًا في العلاقات العربية الأميركية".
وأردف "الجميع يشعر أن هناك تمييزًا بين الموقف الأميركي تجاه إيران النووية، وتجاه إسرائيل النووية، بالرغم من خطورة انتشار السلاح النووي الإسرائيلي على المنطقة".
وشدد على "أننا نحتاج معايير جديدة لقيادة العلاقة، فلسنا في عداء مَع أميركا، ولكننا من منطلق أننا دول صديقة نحتاج خطة أفضل لتأصيل العلاقات على المدى البعيد"، وأضاف أن "المنهج الاقتصادي الذي تشرع فيه مصر اليوم يشمل تنمية الاستثمارات في شتى القطاعات".
وتابع موسى "نعتقد أن الشرق الأوسط الجديد الذي نأمله يختلف عن الشرق الأوسط الذي وصفه تيار المحافظين الجدد في أميركا، بأنه سيشمل فوضى خلاقة ولكن شرقنا الأوسط الجديد هو ما يشعر فيه المواطنون العرب بأنهم سعداء".
وواصل "اقتربنا من ١٠٠ مليون نسمة، وهذا رقم كبير يضع مصر في مصاف الدول الكبرى سكانيا، ويشكل مسؤولية ضخمة على عاتقنا، ولذلك سنكون مطالبين بان نقوم بأفضل ما لدينا حتى يشعر كل مصري بالاستقرار والحياة السعيدة، اليوم مصر لديها دستور يعكس إيماننا ومعتقداتنا وأننا جزء من القرن الـ ٢١ بمبادئ راسخة ومحددة".
وحول التهديدات التي تمس الدولة المصرية أوضح موسى أن "البيروقراطية والافتقار إلى الديمقراطية والتطرف، كلها مخاطر تعيق التقدم ولكن ليس لدينا أي اختيار إلا التعامل معها وردع التطرف، وهو اتفاق غير معلن بين كافة أطياف الشعب، وأرى أن الخطر الكبير على المنطقة ومنها مصر هو داعش وأمثالها".
وبيّن موسى أن هناك دور آخر لعبته الولايات المتحدة وكان سببا في تأثر العلاقات العربية معها سلبيا، وهو السماح بالتدخل الإيراني في العراق واختيار أشخاص متشددين وطائفيين يحكمون، ما يتسبب في دخول البلاد في بحيرة من الدماء وقد كان ؛ وبعدها نشاهد بكل وضوح التدخل الأجنبي في الشأن العراقي وإعطاء ميزات متفاوتة بين السنة والشيعة بالعراق بالتأكيد زاد ذلك من الاحتقان الداخلي وهيأ الوضع لظهور "داعش" .
واستطرد "حديث الرئيس أوباما عن أن بشار هو جزء من الحل في المسألة السورية والحرب الدائرة هناك، ذلك لم يكن رأي أميركا، ولكننا نعلم انه كان رأى إيران، ثم يأتي التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وأزمة عدم وجود رئيس حتى اليوم من المتسبب بها، نرى تمدد غير مقبول للسياسة الإيرانية الخشنة في المنطقة".
وأكد أن رد الفعل جاء بالعمل الثنائي المشترك بين السعودية ومصر خلال الفترة الماضية لتجميع القوى العربية ودعم تعاونهم جميعا ضد التغيرات الحادثة في المنطقة، وأضاف " لن ننتظر حلول مزمعة بعد انتخابات الكونغرس الأميركي أو الإدارة القادمة كما يتم الترويج لذلك نحن العرب لا يجب أن نعول على احد فاليوم نرى تدخل صارخ إقليمي ودولي في الشأن العربي.
وزاد "لا يمكن أن نترك لأميركا أن يكون لهم ٩٩٪ من كروت الحل المزعوم بغير حق لحل مشكلة الفلسطينيين وإعطاء الفرصة لجدل جديد ينتهجه نتنياهو لكسب الوقت كما يفعل في كل مناسبة، الإسرائيليون لا يبحثون عن الحل، ويزايدون من اجل اكتساب الوقت وتعطيل الاتفاقات السابقة".
أرسل تعليقك