بعد أكثر من شهر على إعلانه عن نيته طرح فكرة اعتماد "نظام فيدرالي في لبنان" وما سبقها وتلاها من طروحات حملها رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، تحت شعار "المحافظة على حقوق المسيحيين"، عاد ليتراجع عن طرحه محملا المسؤولية للصحافة التي "اجتزأت كلامه".
وأتى موقف عون بعد ردّ حلفائه المباشر عليه رافضين ومنتقدين خياراته الأخيرة وعلى رأسها "الفيدرالية"، وهذا مع العلم أنه كان بدوره قد شنّ هجوما غير مباشر عليهم لعدم وقوفهم إلى جانبه في آخر معاركه التي يخوضها ضدّ رئيس الحكومة تمام سلام متهما إياه بتجاوز صلاحياته فحمل لواء المواجهة وحيدا ووصلت إلى حد الهجوم على الجيش
وذكر عون في تصريحات أدلى بها أمس أننا "تحملنا مسؤولياتنا الوطنية في كل الظروف، ولكن لا عمل إيجابيًا تجاهي ولا يمكن أن نستمر على هذا المنوال"، لافتًا إلى أن "الصحافة اجتزأت كلامي، مثل العنوان الذي تحدث عن مطالبتي بالفيدرالية، وهذه كذبة، فأنا لا أزال أقول إنها حل لكنها تحتاج إلى توافق، وعندما تسد الأمور بوجهي أي حل يصبح ممكنا".
وأعلن أن فكرة إنشاء الفيدرالية هي لحماية حقوق المسيحيين في الدولة وضمان بقائهم في الوطن في ظل ما يتعرض له مسيحيو الشرق من تهديد وتهجير، مع الدفع باتجاه القبول بما يعرف بـ"القانون الأرثوذكسي" في الانتخابات النيابية الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها.
وتعليقا على موقف عون الأخير، قال النائب في تكتل التغيير والإصلاح وليد خوري إنّ "طرح الفيدرالية لم يكن رسميا ولم يبحث في التكتل، كما أنه ليس خيار التيار الوطني الحر بل كان تحذيرا من أن الوصول إلى حائط مسدود قد يؤدي إليه". وأوضح أن كلام عون عن الفيدرالية جاء نتيجة وقائع عدّة حصلت بعدما كنا قد فتحنا صفحة جديدة كدنا نصل فيها إلى اتفاقات وتحديدا بين النائب عون ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بدءا من التعيينات الأمنية وصولا إلى الانتخابات الرئاسية مرورا بالانتخابات النيابية، لكن تيار المستقبل كان في كل مرة يخلّ بالتفاهمات، وهذه أمور تؤكد أن هناك يدا خفية هي التي تمنع هذا التقارب ومحاولات دائمة لتهميشنا وإقصائنا منذ 10 سنوات.
وأضاف خوري "تحذير عون كان لدق ناقوس الخطر"، داعيا إلى عدم إيصالنا إلى اليأس والخيار الذي لا نريده لأن الإحباط الذي يشعر به المسيحيون اليوم قد يؤدي إلى ثورة، مؤكدا "نحن مع التعددية والدولة المدنية والفيدرالية ولم ولن تكون الفيدرالية مشروعنا".
وبينما أمل خوري أن يحمل الأسبوعان المقبلان، قبل موعد جلسة الحكومة المقبل، بعد عيد الفطر، حلولاً على صعيد عمل مجلس الوزراء بعدما يكون كل فريق قد راجع حساباته، بيّن أن "ما نريده هو أن يبقى البلد وتبقى الحكومة لكن وفق آلية معينة تحافظ على صلاحيات رئيس الجمهورية".
وعن عدم دعم الحلفاء المسيحيين لتحركات عون الأخيرة، قال النائب خوري "لم نطلب من أحد دعمنا أو النزول معنا إلى الشارع في التحركات التي قمنا بها خلال انعقاد جلسة الحكومة الأخيرة، وكان تحركنا أساسا مقتصرا على الحزبيين فقط ولم يشمل مناصري التيار".
وأوضح وزير الخارجية جبران باسيل، "خيارنا هو الوحدة الوطنية وليس الفيدرالية، ولكن لا أحد يدفع الأمور، لا في البلد ولا في المنطقة، كما هو ظاهر إلى هذا المنحى. ومن هنا فإن حمايتنا هي تمسكنا بالدستور وبالقوانين وعندما نخرج عنهم فإننا بذلك متجهين إلى الكيانات والدويلات".
في المقابل، لا يرى جان أوغاسبيان، النائب في تيار المستقبل، في توضيح عون لموقفه تراجعا عن "الفيدرالية"، معتبرا أنّه سيعود إلى هذا الطرح عند كل مفصل أو محطّة سياسية أو تعيينات معينة تحت شعار استعادة حقوق المسيحيين، ولفت أوغاسبيان إلى أن "خطاب عون اليوم ذكرنا بخطابات السقف العالي في العام 1989 تحت عنوان (حقوق المسيحيين والمنطق الاتهامي والتحدي)، التي أدّت في النهاية إلى تدمير المجتمع المسيحي وهجرة المسيحيين وانزوائه في السفارة الفرنسية ومن ثم نفيه".
وسأل أوغاسبيان "لغاية الآن لم نعرف ما هي حقوق المسيحيين التي يدافع عنها عون"، مضيفا "هل هي محصورة بشخصه وحقوق صهريه، في إشارة إلى وصوله إلى رئاسة الجمهورية وتعيين صهره العميد شامل روكز قائدا للجيش وجبران باسيل وزيرا للخارجية".
وبينما لم يشكّك أوغسابيان في نية حزب الله في عدم استعداد الحزب للنزول إلى الشارع والمحافظة على استمرار الحكومة، لما فيه من حاجة الحزب للاستقرار في هذه المرحلة، بانتظار التسوية الكبرى في المنطقة، وفق تعبيره، اعتبر أنّ مصلحة الحزب اليوم الذي هو جزء من المشروع الإيراني ولا يعترف أساسا لا بـ"اتفاق الطائف" أو أي ميثاق آخر، تقضي بترك الأمور معلّقة من دون انتخابات رئاسية وعدم إعادة بناء المؤسسات وتفعيل عملها إلى حين تبيان الجغرافية السياسية المقبلة في المنطقة.
هذا، وكان حليف عون المسيحي، رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية قد رفض اللجوء إلى الشارع، وقال في ردّ على عون "يجب أن نُستشار لنقرر، لا أن يقال لنا نفذوا"، مضيفا "الفيدرالية خطأ ودفعنا دمًا للوقوف بوجهها، وإذا كنا نحلم بالتقسيم فيعني أننا نرتكب الخطأ مجددًا، لأننا كمسيحيين لا يمكننا القول لشريكنا أننا نرفض العيش معك"، متمنيا أن يكون هذا الطرح "زلة لسان"
أرسل تعليقك