باريس ـ مارينا منصف
استهدف هجوم متطرف مصنع "ار بروداكت" الأميركي للغاز في منطقة سان "كانتان فالافيي" في "ليون" الفرنسية، أمس الجمعة، وأسفر عن سقوط قتيل وجريحين، قبل توقيف متشدد معروف يدعى ياسين صالحي للاشتباه في أنه منفذ الهجوم. وأعاد الهجوم مخاوف السلطات من تكرار العمليات المتطرفة لاسيما أنَّه جاء بعد نحو ستة أشهر على اعتداءات باريس التي خلّفت 18 قتيلًا في مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي.
ووقع الهجوم على رغم استمرار حال الاستنفار القصوى في البلاد منذ كانون الثاني، وتأكيد أجهزة الأمن إفشال اعتداءات عدة، آخرها على كنيسة أو أكثر في ضاحية "فيل جويف" قرب باريس في نيسان/ أبريل الماضي، وتوقيف مشبوه جزائري يدعى سيد أحمد غلام.
وبدأ الهجوم باقتحام سيارة مدخل المصنع قبل سماع دوي انفجار نجم على الأرجح من تفجير عبوات غاز، ما أدى إلى جرح شخصين. أما القتيل الذي لم تكشف هويته، فوجد مقطوع الرأس وعلى جثته كتابات باللغة العربية، كما عثر في المكان على علم عائد لتنظيم متشدد لم يعلن عن اسمه.
وتبين أنَّ الرجل الذي قطع رأسه خلال الهجوم هو مدير الشركة التي كان ياسين صالحي يعمل فيها. وعثر على رأس الضحية، معلقا على سياج قرب الموقع في منطقة سان كانتان فالافييه تحيط به رايتان فيما وجدت الجثة داخل المصنع. وكان الضحية الأربعيني يدير شركة نقل تنظم الدخول إلى موقع "اير بروداكتس"، وتمكن صالحي من دخول حرم الموقع عبر إحدى السيارات التابعة للشركة. وهذه هي المرة الأولى التي يقطع فيها رأس شخص في فرنسا في هجوم متطرف.
وتفقد وزير "الداخلية" برنار كازنوف موقع الاعتداء لمعاينة عمل المحققين، معلنًا أنَّ رجل إطفاء أوقف صالحي بـ"تعقل ودم بارد"، ما سمح له بالسيطرة عليه.
وكشف الوزير عن أنَّ صالحي "خضع لمراقبة أجهزة الاستخبارات بين عامي 2006 و2008 للاشتباه في علاقته بالتيار المتشدد، لكن الأجهزة لم تتوصل إلى تشكيله خطرًا، كما أنه ليس من أصحاب السوابق".
وتبلغ الرئيس فرنسوا هولاند نبأ الاعتداء خلال مشاركته في القمة الأوروبية في بروكسيل، فعقد مؤتمرًا صحافيًا شدد فيه على ضرورة "حماية الفرنسيين وكشف الحقيقة واقتلاع المسؤولين عن هذه الأفعال"، ثم قطع مشاركته للعودة إلى باريس حيث رأس اجتماعًا مصغرًا لمجلس الدفاع في حضور الوزراء والمسؤولين المعنيين خصِّص للبحث في كيفية منع حصول اعتداءات أخرى.
وأبدى هولاند تأثره لما حصل، لكنه استدرك أن "التأثر ليس وحده الرد، ولا بد من العمل والردع ورفع القيم، وعدم السقوط في الخوف وتفادي انقسامات غير مجدية".
وكانت اعتداءات "شبكة الشقيقين سعيد وشريف كواشي" في باريس مطلع هذا العام، أحدثت بلبلة وريبة كبيرتين نجمت عنهما انقسامات وسجالات لا تزال مستمرة حتى اليوم وتتمحور حول الإسلام وموقعه في فرنسا.
وفي محاولة لتدارك السجال الحتمي بشأن جدوى إجراءات الأمن التي تتخذها الحكومة، أكد وزير "الداخلية" كازنوف، أنَّ "التهديد لا يزال مرتفعًا، في مقابل استمرار تعزيز القوانين، وآخرها قانون تعزيز صلاحيات الاستخبارات الذي أقرّ قبل أيام ويزود أجهزة الاستخبارات بـ"أدوات جديدة كانت تفتقدها".
وأوضح وزير الدفاع جان إيف لودريان، أنَّ "الترابط بين الأمن الداخلي والخارج بات وثيقًا جدًا، لأن التهديد يشمل مالي والشرق الأوسط وبلدنا"، داعيًا إلى الإبقاء على "العزم والتروي".
أرسل تعليقك