غزة - محمد حبيب
أثارت الاتهامات المُتبادلة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والنائب المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، ردود فعل غاضبة في الشارع الفلسطيني، وعبَّر غزيون عن استياءهم الشديد مما يسمعوه من قبل الرجلين من اتهامات أذهلت المواطنين في قطاع غزة، والذين يعانون من أوضاع اقتصاديّة واجتماعيّة ونفسيّة صعبة جدًا، إضافةً
إلى ما اعتبروه شعورًا بانعدام الثقة في المسؤولين الفلسطينيين، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بالأيدي بين مؤيدي الرجلين.
وشهدت الضفة الغربيّة وتحديدًا رام الله وبيت لحم، مظاهرات مشابهة حرقت خلالها صور دحلان، بعد تهجمه على الرئيس الفلسطيني أبومازن.
وأكّد المواطن أحمد دلول، "ما سمعناه عيب وغير مقبول من الطرفين، وكلاهما يتحمل المسؤوليّة، لم يكتفوا بالحصار المفروض على قطاع غزة ومعاناة الناس، وانتشار الفقر والوضع الصعب الذي نعيشه جاؤوا لزيادة هذه الويلات فيما قالوه". وأوضح "لا أحد يتحدث عن القضيّة الفلسطينيّة ولا عن حقوق، الاحتلال الإسرائيلي ابتلع القدس، واللاجئين يموتون بالمخيمات، والاستيطان ينتشر في الضفة الغربية، وغزة جريحة، والمسؤولين يتهمون بعض، هذا عيب يستحوا على حالهم"، على حد قوله.
ويؤكّد الشاب محمد أبوغزال، "أنا استمعت لخطابي الرئيس أبومازن ودحلان وكلاهما غير صادق فيما قال، وينم عن خلافات شخصيّة ومصالح ليس لها علاقة لا من قريب ولا بعيد بالوطن". وذكر "إنّ كان الرئيس أبومازن يعلم كل هذه الأمور عن دحلان، لماذا عينه وزير للداخلية في حكومته من قبل ومستشار للأمن، هذه السؤال كل الشعب يطرحه وبدو إجابة مقنعة، إنا بحمل المسؤولية الأولى لأبومازن لأنه هو من بدأ في كيل الاتهامات ودفع دحلان للرد عليه".
وطالب المواطن محمد السموني بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في الاتهامات التي وردت، موضحًا "يجب أنّ تكون لجنة وطنية من شخصيات لا تتبع أي تنظيم سياسي ومستقلة، تحقق فيما قاله أبومازن ودحلان، ويتم استدعاء كل شخص ورد اسمه على لسانهما لتقديم شهادة، ليعرف الشعب الفلسطيني الحقيقية".
وشهدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أراءً متعددة للنشطاء والمواطنين في الفلسطينيين، تارة تُحمل الرجلين المسؤولية وتارة أخرى تظهر اصطفافات لأحدهما وانقسامًا في الآراء.
فيرى الصحافي والمدون المقرب من حركة "فتح" هشام ساق الله، أنه من غير المستبعد في ظل هذه الأوضاع أن ينتقل الصراع الإعلامي إلى صراع في الميدان وعلى الأرض في غزة، خصوصًا مع وجود تعلق بين أنصار "فتح" بأشخاص معينين، نتيجة التربيّة الحزبية للحركة. وتوّقع أنّ تتصاعد الخلافات بين المؤيدين والمناصرين لكل فريق، وأن تشهد الساحة الغزيّة تشاحناً واختلافاً في انعكاس للأزمة التي تتصاعد إعلامياً، لافتاً إلى أنّ الخلاف بدأ شخصياً ومن ثم انتقل إلى التنظيم. وأشار إلى أنّ ما يحدث في "فتح" فضيحة من العيار الثقيل، والانجرار خلفه سيؤدي إلى اقتتال داخلي في غزة وفوضى داخل أطر "فتح"، معتبراً أنّ هذا الأمر "سيفكك فتح وينهي دورها السياسي ويسيء إلى تاريخها كحركة وليس لأشخاصها ومسؤوليها فقط".
ولم يستبعد الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور، أن يأخذ الصراع الحالي في "فتح" شكل الانشقاقات أو الخروج من الجسم التنظيمي وليكون جسمًا آخرًا موازياً له، مشيراً إلى أنّ الصراع المتصاعد أضر بـ"فتح" أكثر من إضراره بعباس ودحلان. كما استبعد أنّ يتطور الخلاف بين الرجلين إلى صراع واسع على الأرض، متوقعاً أنّ تكون هناك خلافات محدودة بين المؤيدين والمعارضين، في ظل استقواء الرجلين بشخصيات ثانويّة داخل التنظيم. ولفت إلى أن ثقل "فتح" في غزة لم يعد ملكًا لعباس أو دحلان وما حدث مؤخرًا أدى إلى تآكل رصيد كلا الرجلين، والأهم من رصيد حركة "فتح"، منبهاً إلى أنّ "فتح" باتت بحاجة لقيادة جديدة وبرنامج جديد ودماء جديدة واستعادة الهدف الذي من أجله نشأت وتكونت.
وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخليّة والأمن الوطني في غزة المقدم إسلام شهوان، أنّ الحكومة لن تسمح لأي شخص أو تيار في "فتح" أن يستخدم القطاع لأغراضه انتقاماً من التيار الآخر، مشيراً إلى أنهم لن يسمحوا للفعاليات الاستقطابيّة بين التيارات المُتناحرة.
وأوضح شهوان "حجبنا أمس فعالية بغزة لفتح، كنا نتوقع أن يحدث خلالها مشاحنات واشتباكات، وما توقعناه حدث اليوم في جامعة الأزهر بغزة"، مؤكداً أنّ الداخليّة "لن تسمح لأحد أن يتجاوز القانون ويحدث أي فتنة أو يؤثر على حالة الأمن المستقرة بالقطاع".
ولفت إلى أنّ الداخلية إذا استشعرت أية خطوة يمكن أن تشكل خطراً على الأمن العام وتهدد الوضع الداخلي، ستتدخل بقوّة للحفاظ على الاستقرار في غزة، داعياً حركة "فتح" إلى حل خلافاتها الداخليّة عبر الأطر التنظيميّة بعيداً عن الشارع.
أرسل تعليقك