قالت حكومة إقليم كردستان العراق في إن ما عرضه رئيس الوزراء حيدر العبادي من دفع رواتب الموظفين في حكومة الإقليم مقابل التوقف عن تصدير النفط بشكل مستقل " لا يعدو كونه مزايدة سياسية رخيصة".
وأعلنت حكومة الإقليم في بيان نشر الأربعاء الماضي قبولها مبادرة العبادي "بتحد لاقتراحه تأمين رواتب جميع موظفي إقليم كوردستان مقابل تسليم كافة إنتاج نفط إقليم كوردستان" للحكومة الفدرالية.
واتهمت العبادي بـ"الاستهانة" بقوات البيشمركة الكردية في الوقت الذي تواجه فيه الإرهاب.
وانتقدت أربيل عرض العبادي الحل عبر مقابلة تلفزيونية، مؤكد أن الأجدى "عرض هذه المسائل في القنوات والاجتماعات الرسمية"، خاصة أن وفدا ممثلا للإقليم التقى العبادي قبل فترة، وفق البيان.
وختم البيان بالتأكيد على أن حكومة الإقليم قبلت اقتراح العبادي بتأمين كامل رواتب مليون و400 شخص، تقدر بـ"890 مليار دينار"، وأن رواتب مقاتلي البيشمركة لشهر واحد تبلغ "336 مليار دينار".
وعرض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على حكومة إقليم كردستان العراق، سداد رواتب الإقليم، الذي يواجه نقصا في الموارد النقدية، مقابل سيطرة بغداد بالكامل على جميع الإنتاج النفطي للإقليم.
وتمثل هذه الخطوة من قبل العبادي، النيّة الحسنة لبغداد تجاه أربيل ، التي سعت إلى الابتعاد عن بغداد في نشاطاتها الاقتصادية والسياسية، لتضطر إلى العودة مجددا اليها وسط ضغط أحزاب المعارضة وتفشّي الفساد، وضياع أموال النفط المصدّر.
وعلى ما يبدو، فقد قبلت أربيل على مضض، في بيان لها الأربعاء الماضي، بالمقترح الذي قدّمه رئيس الوزراء العراقي، بتأمين جميع رواتب موظفي كردستان البالغ عددهم مليونا و400 ألف موظف، مقابل تسلم بغداد جميع إنتاجها النفطي.
وكان العبادي قد أعلن في مقابلة تلفزيونية في وقت سابق الأسبوع الجاري، استعداده دفع رواتب الموظفين في حكومة الإقليم إذا توقف الإقليم عن تصدير النفط بشكل مستقل.
وتوترت العلاقات بين بغداد وأربيل على مدار أعوام بسبب خلافات على تقاسم السلطة وسعي الأكراد الى استغلال الثروة النفطية خارج الاتفاقات والأطر الدستورية فبدأوا في بيع النفط بشكل مستقل منذ حزيران الماضي، برغم اعتراضات الحكومة الاتحادية.
وقال مواطن كردي ان بيان العبادي موجهًا لعامة الأكراد الذين تنامى إحباطهم تجاه حكومتهم بعد أن وضع انخفاض أسعار النفط والفساد، الإقليم، على شفا الانهيار الاقتصادي.
وفي حين وقفت النخب الفاسدة في الإقليم، بسلبية إزاء مبادرة العبادي، فإن مواطنين أكراد رحبوا بها بحرارة، بحسب استطلاع لـ"المسلة".
وقال خبير اقتصادي إن عرض العبادي ذو أهمية لأنه لا يوفر رواتب موظفي الإقليم فحسب، بل يقضي على الكثير من مظاهر الفساد المالي فيه.
كما ان العبادي دحض بخطوته هذه ادعاءات حكومة الإقليم بان بغداد ترفض مساعدة الأكراد على تخطي ازمتهم المالية.
وقال إبراهيم بحر العلوم عضو البرلمان العراقي إن عرض العبادي لا يمثل اتفاقا ملموسا لكن هناك "نوايا طيبة" خلفه.
ويتوقع البعض أن تؤدي الأزمة الاقتصادية لتضييق هوة الخلاف بين بغداد واربيل. لكن مصدرًا بقطاع النفط قال إنه قد يكون لها تأثير عكسي حيث أصبح النزاع على الموارد المحدودة أكثر شراسة.
على انه إذا حصل الإقليم على 890 مليار دينار عراقي (760 مليون دولار أمريكي) فإنها ضرورية لدفع الرواتب لكنها ان تغطي المصروفات الأخرى مثل مشتريات الوقود لتوليد الكهرباء ومدفوعات شركة النفط.
وشهدت كردستان ازدهارا اقتصادي استمر عقدا بسبب الإيرادات الضخمة التي تلقّتها من بغداد، الا ان الفساد وسوء التخطيط، والتبذير، جعلها تعاني من مصاعب مالية في مطلع عام 2014 لاسيما عندما قطعت بغداد تمويلها للأكراد، ردا على بنائهم خط أنابيب إلى تركيا لتصدير النفط.
وفق اتجاهات الأحداث المربكة لكردستان، فانه ليس بد بعد اليوم من خيار سوى الإذعان لاستحقاقات الوحدة العراقية، ومواصلة الحوار، وتنفيذ التعهدات، وتعزيز سبل المصلحة المشتركة، وعدم الانجرار وراء المخططات الإقليمية سياسيًا واقتصاديًا، لكي يصبح التمتع بالواردات الاتحادية وفق الدستور العراقي، حقًا مشروعًا للجميع.
أرسل تعليقك