أنهى مؤتمر الرياض لتوحيد المعارضة السورية أعماله بإصدار بيان ختامي يعكس مواقف المجتمع الدولي لجهة طبيعة المجتمع والدولة في سوريا المستقبل.
لكن هذا المؤتمر يعكس بالمقابل مواقف المثلث الإقليمي السعودي ـ القطري ـ التركي لجهة طبيعة الحل السياسي للأزمة السورية.
أكد المجتمعون على "تمسكهم بوحدة الأراضي السورية وإيمانهم بمدنية الدولة السورية، وسيادتها على كافة الأراضي، والتزامهم بالديمقراطية من خلال نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، والحفاظ على مؤسسات الدولة، مع ضرورة إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وأن مؤسسات الدولة الشرعية والتي يختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة، هي من يحتكر حق حيازة السلاح".
وأكد البيان الختامي أيضا أن الحل "سياسي بالدرجة الأولى مع ضرورة توفير ضمانات دولية، وعملية الانتقال السياسي في سوريا هي مسؤولية السوريين ومساندة المجتمع الدولي بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية وفي ظل شرعية منتخبة".
ومع أن هذه المبادئ لا تشكل خروجا على مطالب المجتمع الدولي بما فيها روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول إقليمية، إلا أن حدود وطبيعة المرحلة الانتقالية شكلت خروجا على الإجماع الدولي الذي عبر عنه اجتماع "فيينا 2"، في أربع نقاط:
هيئة الحكم الانتقالي: تبنى البيان الختامي موقف الائتلاف بشكل واضح وصريح، من ضرورة تأسيس هيئة حكم انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية وفق بيان جنيف والقرار الدولي 2118، وتكون لها الصلاحية على المؤسستين الأمنية والعسكرية. وهذه النقطة ما تزال موضع نقاش بين روسيا والولايات المتحدة ولم يجري حسمها في اجتماع "فيينا 2" (دعم المجتمع الدولي لعملية بقيادة سورية من شأنها إقامة حكم شامل ذي مصداقية وغير طائفي، في غضون ستة أشهر، ووضع جدول زمني وعملي لإعداد مسودة دستور جديد).
مصير الأسد: أكد البيان على "أن يغادر بشار الأسد وزمرته الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية"، وتشكل هذه النقطة أيضا خروجا على تفاهمات "فيينا 2" التي أجلت عقدة الأسد إلى حين بسبب الخلاف الإقليمي ـ الدولي حول مستقبل الأسد، وإن كان هناك اتفاق على ضرورة بقائه في المرحلة الانتقالية من دون تحديد طبيعة دوره وصلاحياته، وهو ما عبر عنه كيري عشية المؤتمر، حين دعا المجتمعين إلى التعامل مع المقترح الروسي حول هذه المسألة بهدوء وليونة.وكانت هذه النقطة موضع خلاف بين الائتلاف وهيئة التنسيق التي أكدت أن الأسد لا دور له في مستقبل سوريا، من دون تفاصيل أكثر، أي لم تكن تتطرق إلى مصيره في المرحلة الانتقالية، لكن هناك تصريحات لأمين عام الهيئة حسن عبد العظيم خلال الفترة الأخيرة، تؤكد على بقائه في المرحلة الانتقالية وإن بشكل رمزي.
وقف إطلاق النار: أكد البيان على تنفيذ وقف إطلاق النار بناء على الشروط التي يتم الاتفاق عليها حال تأسيس مؤسسات الحكم الانتقالي، وفي إطار الحصول على ضمانات دولية مكتوبة بقوة الشرعية الدولية. والحقيقة أن مخرجات "فيينا 2" ليست واضحة في هذه المسألة وتركت فضفاضة قابلة لعدة تفسيرات، "اتفقت المجموعة الدولية على دعم العمل الساعي إلى تطبيق وقف اطلاق نار في كل سوريا، على أن يوضع في حيز التنفيذ عند بدء ممثلي الحكومة السورية والمعارضة بخطوات أولى نحو الانتقال تحت إشراف الأمم المتحدة، وعلى أساس بيان جنيف".وفي حين تؤكد روسيا وإيران، والولايات المتحدة إلى حد ما على أولوية وقف إطلاق النار، يؤكد المثلث الإقليمي الداعم للمعارضة على ربط وقف النار بانطلاق العملية السياسية.
وفد المعارضة: أعلنت مكونات المعارضة تشكيل "هيئة عليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية مقرها مدينة الرياض"، تكون بمثابة مرجعية للوفد المفاوض "وتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي".
وهذه النقطة أثارت استياء بعض الدول لا سيما روسيا التي وجدت في مؤتمر الرياض محاولة للالتفاف على جهودها الدبلوماسية التي بدأت مطلع العام في تشكيل وفد موسع للمعارضة السورية يضم كافة القوى، ولا يستثني أحدا.
كما أن السعودية استبقت الأردن المكلف في تحديد الجماعات الإرهابية، بضم "أحرار الشام" و "جيش الإسلام" إلى مؤتمر الرياض، في خطوة واضحة لإعطاء الشرعية لهما، وفيما تصر روسيا على وضع الفصيلين في قائمة الإرهاب، ما زال الموقف الأمريكي غامضا حول هذه النقطة، خصوصا مع تصريح الخارجية الأمريكية من أن السعودية هي من يقرر أي دور يعطى لأحرار الشام.
بكل الأحول، حدد مؤتمر الرياض الاصطفافات الإقليمية والدولية بشكل أوضح، وقد جاء الرد السوري سريعا على لسان الرئيس بشار الأسد الذي دعا إلى عدم الخلط بين المعارضة السياسية والجماعات المسلحة، متهما السعودية والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بضم المجموعات "الإرهابية" إلى المفاوضات.
أرسل تعليقك