عمان ـ العرب اليوم
انتقد منظّر التيّار السلفي الجهادي في الأردن عاصم بن محمد بن طاهر البرقاوي، الملقب بـ"أبو محمد المقدسي"، إعلان تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) عن "الخلافة الإسلامية".
واعتبر المقدسي، في بيان هو الأول له بعد قضاء محكوميته، قبل أسابيع في سجن الرميمين، التي استمرت خمسة أعوام، أنَّ "هذا الإعلان يهدّد بفلق هامات المسلمين بالرصاص".
ويأتي خروج هذا البيان بعد ترقب وانتظار لما سيفصح عنه منظّر التيار السلفي، الذي حمله عنوان "هذا بعض ما عندي وليس كله"، ونشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وبشأن رؤيته لمسألة الخلافة، أوضح "إننا نتمنى رجوع الخلافة وكسر حدود رايات التوحيد، وتنكيس رايات التنديد، ولا يكره ذلك إلا منافق، بيد أنّ التساؤل هو ماذا سيرتب القوم على هذا الإعلان، والمسمى، الذي طوروه من تنظيم إلى دولة عراق، ثم إلى دولة عراق وشام، ثم إلى خلافة عامة"
ووجه المقدسي أسئلة للتنظيم، منها "هل ستكون هذه الخلافة ملاذًا لكل مستضعف وملجأ لكل مسلم؛ أم سيتخذ هذا المسمى سيفًا مسلطًا على مخالفيهم من المسلمين؛ ولتشطب به جميع الإمارات التي سبقت دولتهم المعلنة، ولتبطل به كل الجماعات التي تجاهد في سبيل الله في شتى الميادين قبلهم".
وأشار إلى "ما سبق وأعلن في القوقاز من إمارة إسلامية، ولم يرتبوا على ذلك شيئًا يلزم عموم المسلمين في نواحي الأرض، ولا سفكوا لأجل هذا المسمى أو به دمًا حرامًا، فما مصير إمارة القوقاز الإسلامية عند هؤلاء القوم بعد الصدح بمسمى الخلافة".
وتساءل بشأن ما أعلنته طالبان في أفغانستان قبلهم، "ولا زال أميرها الملا عمر حفظه الله، يقارع الأعداء هو وجنوده"، حسب تعبيره.
وتمحور بيان المقدسي على سبعة بنود، أولها أنَّ "كل طرف كان حريصًا على السعي للحصول على ما يتمناه من نصرة للفصيل الذي يواليه، واجتهد في الإدلاء بأدلته وتعداد بيناته وذكر براهينه، وكثير منها بطبيعة الحال لا يصلح كبينات شرعية؛ وأكثره كان قد نقل لي واطّلعت عليه قبل خروجي من السجن".
وفي الثاني، بيّن أنّه "استمع إلى كلا الطرفين، ومنهم عقلاء وأفاضل"، لافتًا إلى أنّهم "يريدون الحق ونصرته؛ ولا يتعصبون للباطل بل يتبرؤون منه، وهم من يعول عليهم في الإصلاح وسداد الثغر".
وأبرز المقدسي أنَّ "في تلك الأطراف متعصبين ممن ينطبق عليهم مقالة (المتحيز لا يميز)، لم يعطوا المجالس كثير فائدة، بل زادوها في بعض الأحيان اشتعالاً وحدّة؛ فهؤلاء يجب عليهم أن يتعلموا الاستماع والاستيعاب"
أما الثالث، فيؤكد فيه على تعرضه لـ"ضغوطات معنوية كي يتراجع عن البيان الذي أصدره، بعد ثمرة التواصل الطويل مع الأطراف المعنية للصلح أو التحكيم الذي رفضته جماعة الدولة، وزعم قوم في خضم هذه المحاولات أن البيان لاغ أو سيلغى؛ وكل ذلك لم يصدر عني ولم أعد أحدًا به".
وأوضح أنَّ "البيان ليس بمعصوم، وصاحبه ليس بمعصوم بطبيعة الحال؛ ولكنه جاء ثمرة تواصل ومراسلات مع الأطراف كافة، لاسيما الطرف الرافض لمبادرات سابقة، والممتنع عن التحاكم للشرع".
ونوّه إلى أنَّ "دعوى بعضهم أني كنت أسمع من طرف واحد مردودة، فقد كان معي في غرفتي في السجن من أنصار تنظيم الدولة من كان يتواصل مع الشام في مكالماته الأسبوعية، ويأتينا بأخبار متحيّزة لجماعة الدولة".
وأردف "متى ما ظهر لي أني ظلمت طرفًا في بياني، أو حدت فيه عن جادة الحق، فسأتراجع عنه فورًا دون تردّد لأن الحق ضالتي".
وهاجم، في البند الرابع، مفتين وشرعيين للأطراف المتنازعة، مطالبًا بإقصائهم لما "برز عنهم من ظواهر سيئة، انتشرت بين شباب التيار في كثير من البلاد، فقد وجدوا قدوات سيئة يقتدون بها في نهج السباب وقلة الأدب وسوء الظن والافتقار إلى أدب الحوار".
واستطرد "سمعت قبل الإفراج عني عن إساءات بعض الناطقين الإعلاميين والشرعيين في كلتا الطائفتين المتنازعتين، ورددت على بعض ذلك وأنكرته".
وكشف المقدسي، في البند الخامس، عن أنَّ "بعض الناس في الشام حاول التأثير علي للتراجع عن البيان، وبأن دماء سفكت بسببه أو على إثر إصداره، وأن عملية تفجيرية أهديت لي باسم (ملة إبراهيم)، من أطراف معادية لتنظيم الدولة؛ وهذا كلام للتهويل والضغط بأقصى ما يمكن، لتحصيل أكبر قدر من التنازلات".
وفي السادس، بيّن أنّه "حين سئل عن انتصارات تنظيم الدولة في العراق أجاب (لا يوجد مؤمن لا يفرح بانتصارات مسلمين مهما كان حالهم ووصفهم على روافض ومرتدين؛ وإنما الخوف على مآلات هذه الانتصارات وكيف سيعامل أهل السنة والجماعات الأخرى الدعوية أو المجاهدة وعموم المسلمين في المناطق المحررة، وضد من ستستخدم الأسلحة الثقيلة التي غنمت من العراق وأرسلت إلى سورية، هذا هو سؤالي وهمي، ونتخوف من الإجابات عليه على أرض الواقع، لأننا لا نثق بالعقليات التي تمسك بذلك السلاح لأسباب كثيرة)".
وحذّر المقدسي، في البند السابع الذي ورد في ختام بيانه، الوالغين في دماء المسلمين كائنًا من كانوا، وخاطبهم "لا تظنوا أنكم بأصواتكم العالية ستسكتون صوت الحق؛ أو أنكم بتهديدكم وزعيقكم وقلة أدبكم وعدوانكم ستخرسون شهاداتنا بالحق، لا وألف لا، سنبقى حرسًا مخلصين لهذا الدين؛ وحماة ساهرين على حراسة هذه الملة نذب عنها تحريف المحرفين وانتحال المبطلين وتشويه الغلاة والمتعنتين وغيرهم من المشوهين، فإما أن تصلحوا وتسددوا، وتتوبوا وتؤوبوا، وتكفوا عن دماء المسلمين، وعن تشويه هذا الدين، أو لنجردن لكم ألسنة كالسيوف السقال، تضرب ببراهينها أكباد المطي ويسير بمقالها الركبان".
أرسل تعليقك