قدم قائد الجيش المتنفذ في بورما الاربعاء التهنئة لحزب اونغ سان سو تشي على "فوزه بالاغلبية" في الانتخابات التاريخية، ووافق على اجراء محادثات بعد ظهور مؤشرات على تحقيق حزبها المنادي بالديموقراطية على اغلبية ساحقة.
وتحمل هذه التهنئة اهمية كبيرة نظرا لانها صادرة عن مين اونغ هلاينغ قائد الجيش الذي يحكم البلاد منذ اكثر من ربع قرن بقبضة من حديد وفرض على اونغ سان سو تشي الاقامة الجبرية لاكثر من 15عاما.
وكانت سو تشي التي يتوقع ان يحقق حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية الذي تتزعمه، فوزا ساحقا في الانتخابات بعد 25 عاما من النضال، دعت في وقت سابق الى "المصالحة الوطنية".
وكتبت زعيمة المعارضة في رسالة موجهة الى الجنرال مين اونغ هلاينغ والرئيس ثين سين ورئيس مجلس النواب شوي مان "ان المواطنين عبروا عن ارادتهم اثناء الانتخابات".
ودعتهم الى الاعتراف بارادة الشعب.
وردا على ذلك وفي وقت لاحق من الاربعاء نشر قائد الجيش رسالة على صفحة الجيش الرسمية على موقع فيسبوك، وسيلة الاتصال المفضلة بين السلطة الحاكمة والشعب، في البلد الذي اغلقه الجيش عن العالم.
وقال في الرسالة "نهنئ حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية على الفوز باغلبية المقاعد"، مضيفا انه سيلتقي سو تشي بعد اعلان السلطات الانتخابية النتائج الرسمية للانتخابات.
وبات حزب الرابطة الوطنية للديموقراطية على وشك الفوز بالاغلبية بعد فوزه باكثر من 85% من المقاعد التي اعلنت نتائجها حتى الآن.
واضافت سو تشي في رسالتها الالكترونية التي نشرها حزبها السياسي، الرابطة الوطنية للديمقراطية، "اود دعوتكم الى حوار المصالحة الاسبوع المقبل في الوقت الذي يناسبكم".
في الاثناء ترد نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد تدريجيا كل يوم لكن النتائج الجزئية اظهرت تقدما كاسحا لحزب الرابطة الوطنية للديمقراطية بزعامة سو تشي.
ووفق النتائج الجزئية حصل الحزب على 256 مقعدا في مجلسي البرلمان اي نسبة 85% من المقاعد المعلنة نتائجها، بحسب اخر تعداد نشر الاربعاء وهو ما يفتح امامه الطريق للحكم. وفي التفاصيل حصل حزب الرابطة الوطنية حتى الان على 179 مقعدا مقابل 17 مقعدا لحزب الاتحاد والتضامن والتنمية الموالي للحكم في المجلس النيابي الذي يعد 323 مقعدا. وحصلت الرابطة على 77 مقعدا من اصل 168 في الغرفة العليا للبرلمان مقابل 4 للحزب الحاكم وفق النتائج الجزئية.
ولا تزال المعارضة بحاجة الى 73 مقعدا في المجلسين لتحصل على الاغلبية المطلقة الامر الذي بات مضمونا بالنسبة لها.
اما الحائزة على جائزة نوبل السلام وتحظى بتقدير كبير في بلادها فقد اعيد انتخابها نائبة في دائرتها كاوهمو، وهو مقعد انتزعته في الانتخابات التشريعية الجزئية في 2012، ما اعتبر فوزا كاسحا لحزب الرابطة الوطنية واول اختبار ديمقراطي للنظام الانتقالي.
لكن الشكوك تتكاثر حول بطء اللجنة الانتخابية الذي قد يكون متعمدا في هذا البلد حيث تبقى الادارة الى حد كبير تحت هيمنة موظفين من ذوي الماضي العسكري.
الا ان الحكومة البورمية المنتهية ولايتها وعدت من جهتها الاربعاء ب"نقل الحكم سلميا" ان تأكد فوز المعارضة اونغ سان سو تشي في انتخابات الاحد. واعلن وزير الاعلام يي هتوت "سنخضع كحكومة لخيار الناخبين وسننقل الحكم سلميا".
- لقاء ثنائي -
ورد الرئيس ثين سين وهو جنرال سابق في المجلس العسكري الحاكم سابقا والذي حل نفسه في 2011، الاربعاء على رسالة اونغ سان سو تشي وعرض على المعارضة "لقاء ثنائيا عند انتهاء العملية الانتخابية" بحسب رسالة بثها وزير الاعلام على فيسبوك.
ويبدو ان المسيرة التي ستفضي الى تداول السلطة الذي يعد حدثا تاريخيا قد بدأت لكنها تبقى مرهونة باعلان النتائج النهائية للانتخابات.
لكن انصار سو تشي يشعرون بالقلق لما قد يكون عليه رد الجيش على هزيمة تبدو مؤكدة في صناديق الاقتراع. ويبدو ان الرابطة الوطنية تعتمد استراتيجية مفادها اتاحة الوقت للحكومة التي تشكلت بعد المجلس العسكري "لاستيعاب الخبر" بدون ان تصب الزيت على النار في هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا حيث من الخطأ الاستراتيجي العمل على جعل الخصم يفقد "ماء الوجه".
من هذا المنطلق يمكن تفسير تصرف سو تشي الحذر من خلال تفادي الظهور العام وتفكيك الشاشة العملاقة ومكبرات الصوت امام مقر حزبها.
ويلتزم انصار "سيدة رانغون" الذين نزلوا الى الشارع باعداد كبيرة الاحد والاثنين للاحتفال بالفوز، حتى الان بالتعليمات بالبقاء في منازلهم.
وعادت الحياة الى مجراها الطبيعي في رانغون في انتظار النتائج. لكن اعلانها سيسمح لاونغ سان سو تشي باعطاء الضوء الاخضر لجمهورها للتعبير عن فرحته العارمة بالفوز التاريخي.
وتستعد سو تشي لمعاودة سلوك طريق نايبيداو التي تبعد مسافة خمس ساعات عن رانغون لاستئناف الدورة البرلمانية الاثنين ما سيتيح لها الفرصة للقاء الرئيس ثين سين بعيدا عن الاضواء.
والغرابة في النظام السياسي البورمي هو ان المجلس النيابي المنتهية ولايته سيجتمع اعتبارا من الاثنين فيما ستجد سو تشي والنواب الاربعون في الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية انفسهم في وضع حرج في دور المعارضة البرلمانية حتى اواخر كانون الثاني/يناير امام 331 نائبا من حزب الاتحاد والتضامن والتنمية المقرب من الحكم.
اسس المجلس العسكري السابق حزب الاتحاد والتضامن والتنمية في 2010 قبل عام من حل النظام السابق نفسه، استعدادا للمرحلة الانتقالية. لكن الحزب يبقى تشكيلا لموظفين بدون قاعدة شعبية حقيقية. وقد اعترف عدد من كبار قادته بصفة شخصية بفوز الرابطة الوطنية.
ولن يتسلم البرلمان الجديد مهامه قبل مطلع 2016، على الارجح في شباط/فبراير او اذار/مارس. وسيحين الوقت عندئذ لتطلق سوتشي وفريقها برنامج اصلاحات.
اما الان فالوقت هو للتفاوض مع حكم عسكري ما زال يحظى ب25% من المقاعد النيابية بموجب الدستور الذي يخصص ربع المقاعد للجيش، ما يعطيه في الواقع حق الفيتو الذي اعلنت سوتشي انها ستعمل على تغييره في الوقت المناسب.
ا ف ب
أرسل تعليقك