"ضربنا الحصار بين ليلة وضحاها والمحاصيل بقيت في الحقول"، بكلمات قليلة يلخص كونستاتين فوركوليتا منتج التفاح في راكوفات (شمال مولدافيا) مأساة المزارعين المولداف الذين ضربتهم في الصميم العقوبات التي فرضتها موسكو على هذه الجمهورية السوفياتية السابقة.
ويروي هذا الرجل البالغ 35 عاما الذي استثمر مليوني دولار في بستان يمتد على 42 هكتارا "حتى العام 2014، كان 99 % من انتاجي موجه للسوق الروسية".
لكن في تموز/يوليو ، فرضت موسكو حصارا على استيراد الفاكهة والمعلبات المولدافية في رد على توقيع السلطات المولدافية اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي.
ويقول شاكيا ان نتيجة لذلك "باتت العائدات بالكاد تغطي النفقات في حين ان الزراعة في الاساس لا تدر الكثير من المال".
وكلفت هذه الاجراءات التي طالت افقر بلد في اوروبا والزراعي بغالبيته، 145 مليون دولار اتت كلها تقريبا على حساب مزارعي التفاح.
وقد اهترأت عشرات الاف الاطنان من التفاح في الحقول اذ لا يملك صغار المزارعين القدرة على حفظها.
وقد زاد من الطين بلة تراجع في قيمة العملة المحلية بنسبة 30 % تقريبا منذ تشرين الثاني/نوفمبر مما ادى الى ارتفاع في كلفة التسليفات المصرفية وفي استيراد المبيدات. ولتعويض هذه الخسائر حاول الكثير من المزارعين التوجه الى اسواق اخرى.
وفتح اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي الذي دخل حيز التنفيذ منذ ايلول/سبتمبر بابا، "الا ان الدخول الى السوق الاوروبية امر صعب وبطيء" على ما يؤكد آسفا رئيس جمعية "يوني اغرو بروتيكت" السكندرو سلوساري.
ويوضح لوكالة فرانس برس ان مولدافيا "صدرت بالكاد اربعة الاف طن من التفاح الى اوروبا وبالتحديد الى رومانيا. وهذه كمية ضئيلة جدا "بالمقارنة مع انتاجها السنوي البالغ 400 الف طن من التفاح.
وفي مبادرة غير متوقعة استثنت موسكو "بصفة تجريبية"، من الحصار نهاية شباط/فبراير عشرة مصدرين مولداف للتفاح. وقال نائب وزير الزراعة فلاد لوغين ان حوالى عشرة شاحنات ثقيلة محملة 200 طن من التفاح توجهت الى روسيا.
وقبل الحصار كانت السوق الروسية تمتص 200 الف طن تقريبا من التفاح سنويا فيما بقية الانتاج يستهلك محليا ويشمل مصانع الاغذية المعلبة ، او يصدر الى دول رابطة الدول المستقلة من بينها كازاخستان.
ويوضح سلوساري ان المستهلك الروسي لم يحرم كليا من الفاكهة المولدافية "فنحن ندرك جيدا ان غالبية ما نرسله الى بيلاروسيا وكازاخستان ينتهي في الواقع في روسيا".
الا ان هذا الامر يفرض تكاليف اضافية مرتبطة بالنقل واسعارا اقل بنسبة 30 % بالمقارنة مع تلك التي كانت معتمدة سابقا في عمليات التصدير من دون وسيط باتجاه موسكو.
ويؤكد سلوساري "من دون دعم الدولة سيموت جزء كبير من البساتين".
في نهاية اذار/مارس، تظاهر الاف المزارعين في مناطق مختلفة من مولدافيا للمطالبة بمضاعفة الاموال المخصصة لدعم هذا القطاع في العام 2015 لتصل الى 60 مليون يورو.
ويعتبر فوركوليتا ان الدولة ينبغي ان تبذل المزيد في سبيل الزراعة " القطاع الاقتصادي الوحيد الكفيل بتحقيق الارباح".
الا ان الكارثة الناجمة عن الحصار الروسي اظهرت ايضا ضرورة تنويع الاسواق.
ويوضح المسؤول نفسه "السوق الروسية غير مستقرة ولا يمكن الاعتماد عليها. صحيح ان المنافسة ضارية في الاتحاد الاوروبي الا ان ذلك يدفعنا الى ان نصبح مهنيين اكثر وان نزيد قدرتنا على المنافسة. ويجب ان نتواجد فيها الان".
في بوكوفات على بعد ثلاثين كيلومترا من العاصمة كيسيناو اقام يون كيليانو مزرعة تتمتع بقسم للتوضيب وببرادات حديثة جدا.
ويتم فرز التفاح بحسب اللون والحجم لتصديرها الى ليبيا ومصر وكازاخستان.
وهو يؤكد انه بحث عن اسواق جديدة في دول الاتحاد الاوروبي "الا ان البيروقراطية الاوروبية" عرقلت مساعيه.
ويختم قائلا "نحن المولداف لطالماعانينا من اننا نقع عند تقاطع مصالح مختلفة. هذا قدرنا".
أ ف ب
أرسل تعليقك