على الرغم من إيجابيات ممارسة الألعاب الالكترونية في تنمية خيال الطفل ومهاراته العقلية والإبداعية وغرس روح التصميم والإرادة على الفوز والصبر لتحقيق النجاح باعتبارها رياضة فكرية حركية تساعد على نمو الذكاء إلا أنها تنطوي على العديد من المخاطر لكونها ذات مضامين بعيدة عن سلوكيات مجتمعاتنا وأخلاقنا باعتبارها مصممة لسلوكيات وأنماط حياة المجتمعات الغربية.
ومع تزايد الإقبال على هذه الألعاب وانتشارها الواسع بين مختلف شرائح المجتمع وخاصة الأطفال تتزايد المخاوف منها لما لها من دور كبير في تنميط سلوك الأطفال وتغيير مبادئهم التربوية إذ أصبح الكثير من الأطفال مدمنا على هذه الألعاب التي تحمل مضامين عنف وقتل وتسعى إلى جعل الأطفال يتقمصون شخصيات دموية تعمل على قتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص أو تدمير ما يمكن تدميره بطريقة بارعة ومتقنة.
ووفقا للعديد من الدراسات والأبحاث فإن ممارسة الألعاب الإلكترونية ذات مضامين العنف أو الخيال تعمل على توليد نزعة الجبن لدى الأطفال وتقوية نزعة العنف لديهم فضلا عن أنها تبعدهم عن الحياة الواقعية كما أن ممارستها تعود على الأطفال بنتائج بدنية ونفسية سلبية مع ظهور مشاكل صحية تتعلق باليدين والظهر وقد تسبب السمنة ومشاكل في البصر عدا عن التوتر والتركيز الشديدين .
ويوضح محمد أمين صاحب محل لبيع ألعاب الأطفال أن أغلب الأهالي يقومون بشراء الألعاب دون الانتباه لمضامينها والتي في أغلبها دموية تشجع على القتل والتخريب لافتا إلى ضرورة توعية الأطفال وباقي الشرائح العمرية بمخاطر هذه الألعاب الالكترونية.
وتلفت سوزان ابراهيم طالبة جامعية إلى أن أساس المشكلة يتمثل في عدم وعي الأهل بضرورة ملء أوقات فراغ الأطفال بما هو مفيد مشيرة إلى أن العديد من الآباء لا يعرفون مضامين الألعاب الالكترونية التي يلعب بها أولادهم لذلك لا بد من توعيتهم بما هو مناسب لأطفالهم .
ويرى مكسيم علي طالب في كلية التربية أن بيئة الألعاب الإلكترونية لا تؤثر فقط على من يستخدمها إنما تمتد آثارها إلى البيئة المحيطة لكونهم سيتأثرون بمضامين هذه الألعاب وسيحملون أفكارها وسلوكياتها التي يغلب عليها الطابع العدواني والمادي ما يستدعي ضرورة توجيه الطفل في ماهية الألعاب الالكترونية التي يقتنيها .
وتلفت رؤى سلوم طالبة في كلية التربية إلى الآثار السلبية الشائعة لانتشار الألعاب الالكترونية وأهمها تقمص الأطفال لشخصيات عدوانية وخيالية بعيدة عن الواقع تكون مبنية وفق مبادئ وقيم البطل الذي يفضلونه وهذا ما يجعلهم يميلون إلى التقليد الذي يؤثر في المستقبل على تكوين شخصياتهم واعتمادهم على أنفسهم وثقتهم بها فضلا عن تأثيرها في انخفاض مستوى تفاعلهم مع المحيط الأسري والاجتماعي و ميلهم إلى العزلة وزيادة الوزن وقلة الذكاء .
وهناك من يرى أن الألعاب الالكترونية تحمل العديد من الإيجابيات فهي تنمي القدرات المعرفية والإدراكية للأطفال إضافة إلى القدرة على التخطيط والتعامل مع المواقف التي قد تكون غير معتادة ومعقدة وتعلمهم الصبر وتكرار المحاولات لتحقيق الفوز والانتصار على المنافس على حد تعبير الطالبة في كلية التربية هزار خضور موضحة أن اللعب يعمل على تحفيز الدوافع الذاتية للطفل كالسرعة والانتباه وله دور مهم في إثارة تفكيرهم وتوسيع مجال تخيلاتهم وبناء التصورات الذهنية للأشياء.
وتقول سميرة الأحمد مدرسة وأم لطفلين أن الألعاب الالكترونية باتت تستحوذ على عقول أطفالنا وهمهم وقد انتشرت بسرعة في مجتمعاتنا حتى أصبح لا يكاد يخلو بيت من بيوتنا منها وهي سلاح ذو حدين ولكن سلبياتها فاقت إيجابياتها بكثير لأنها في أغلبها ذات مضامين سلبية كما يستخدمها الطفل والمراهق لمدة طويلة فتؤثر على كل مراحل نموه وتطوره.
ويبين عامر المحمود أب لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية معاناته اليومية مع أطفاله بسبب إدمانهم على هذه الألعاب حيث يقضون أغلب أوقاتهم مع هذه الألعاب ما افقدهم التواصل الخارجي مع أصدقائهم وأقربائهم وجعلهم يميلون إلى العزلة و العنف.
وتقول ريما الحسن موظفة وأم لطفل في المرحلة الإعدادية أن ابنها بات أكثر عنفا منذ بدء لعبه بهذه الألعاب الالكترونية حيث أن أغلبها يعتمد على العنف والعدوان الإستمتاع بقتل الآخرين والإعتداء عليهم دون وجه حق وهي تعلم الطفل حيل وأساليب ارتكاب الجريمة كما تؤدى إلى تبلد المشاعر وقسوة القلب فلا يخاف من المشاهد المخيفة أو البشعة كما يصاب الطفل بالقلق ويفقد الطمأنينة والأمن.
وتشير عبير موسى اختصاصية تربوية إلى تأثير الألعاب الالكترونية على الطفل من الناحية العقلية حيث أن هذه الألعاب تؤثر على معدلات النوم الهادئ للأطفال إضافة إلى تأثيرها على الانتباه لدى الطفل نتيجة استمراره لفترة طويلة بالتركيز على اللعبة ما قد يسبب لديه مشكلة قد تظهر فى تشتت الانتباه أو حتى تزيد من معدلات ظهور ما يعرف بفرط الحركة مع تشتت الانتباه مبينة أن لهذه الألعاب أيضاً تأثيراً على الأطفال من الناحية البدنية حيث تسبب الإجهاد للعين الحاصل من تغير وميض اللعبة كذلك تسبب اضطرابا لأعضاء الجسم الأخرى نتيجة للشد العصبي الذى يحدث فتتأثر الأطراف وعضلات الوجه نتيجة لاستجابة الطفل العشوائية لحركات اللعبة ليتمكن من متابعتها.
وتضيف الإخصائية التربوية أن هذه الألعاب الالكترونية تؤذي الطفل من الناحية النفسية و الاجتماعية فقد تؤدي لانعزاله كما أنها قد تصنع طفلا أنانيا لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجته من هذه اللعبة وقد تدفعه للعنف أيضا وذلك لما تحويه من مشاهد عنف يرتبط بها الطفل.
وتؤكد الاختصاصية موسى أن هناك بعض الحلول لتجنب أخطار هذه الألعاب على الأطفال والتي تبدأ من المنزل حيث تستطيع الأم التقرب من الطفل من خلال محاولة التحدث معه عن اللعبة التي يحبها واكتشاف سبب تعلقه بها ومن ثم مشاركة الطفل تلك اللعبة لإحياء روح الصداقة بداخله من جديد بالإضافة إلى النظر على غلاف كل لعبة قبل شرائها واختيار ماهو مناسب لعمر وعقل الطفل داعية إلى تشجيع الأطفال على ممارسة الألعاب التي تنمي الذكاء والإبداع وعدم الاقتصار على الألعاب الترفيهية.
وتضيف الاختصاصية أنه يجب على الأهل تشجيع أطفالهم على الألعاب الجماعية بدلا من الفردية ليكون لديهم حب المجتمع و الأصدقاء بعيداً عن العزلة و الاكتئاب وتشجيع الأطفال كذلك على ممارسة التمارين الرياضية التى تحافظ على رشاقة أجسامهم وتخرج الطاقة الكامنه بداخلهم في شئ مفيد بالإضافة إلى تنمية المهارات الأخرى لدى الأطفال كالرسم والموسيقا من أجل إشغال الأطفال عن هذه الألعاب بأشياء أكثر فائدة مؤكدة على أهمية بناء الحصانة فى نفس الطفل دائما ليبتعد ذاتيا عن كل ما هو ضار ومخالف للعادات والتقاليد.
أرسل تعليقك