بكين ـ شينخوا
دللت الولايات المتحدة مرة أخرى على تمسكها بعقلية الهيمنة في الفضاء الإلكتروني بعدما وجهت لخمس ضباط صينيين تهم القرصنة المعلوماتية والتجسس الاقتصادي.
في الواقع، المثير للدهشة أن ترى أكبر معتدى على الفضاء الإلكتروني، والذي لم يتبق له بالفعل أي مصداقية في العالم الإلكتروني، لايزال يقف على ارضية اخلاقية ينطلق منها لتوجيه الاتهامات للآخرين.
فقد وجهت الولايات المتحدة مرارا وعلى نحو استبدادى، اتهامات لا اساس لها بحق الصين بشأن قيامها بعمليات تجسس في السنوات الأخيرة وهو ما يعكس نفاقها وهيمنتها.
فالهيمنة الإلكترونية الأمريكية عدوانية وخطيرة في طبيعتها.
حتى مع الخفض الذي شهده الانفاق على الدفاع الأميركي، لاتزال وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تعزز قواتها في الفضاء الإلكتروني في القيادة الفضائية الأميركية مضاعفة ميزانيتها إلى 447 مليون دولار أميركي هذا العام، حسبما ذكرت صحيفة ((واشنطن بوست)) مطلع العام الجاري.
ووفقا للخطة من المتوقع أن يتم توسيع قوة الفضاء الإلكتروني من حوالي 1800 شخص اليوم إلى أكثر من 6000 بنهاية 2016.
والرئيس الأميركي لدية سلطة اصدار اوامر بتوجيه ضربات الكترونية وقائية، وفقا لصحيفة ((نيويورك تايمز)) العام الماضي.
واضافت صحيفة ((التايمز)) أن اوباما أمر بسلسلة تصعيدية من الهجمات الإلكترونية ضد منشآت التخصيب النووي الإيراني.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن تهديدات للامن الإلكتروني من الخارج، نجد أن وكالة الأمن الوطني الأميركية تعد واحدة من انشط مهاجمى أنظمة الحاسب الآلي حول العالم.
والصين في الحقيقة ضحية كبيرة للهجمات الألكترونية المستمرة والواسعة من الولايات المتحدة التي تستهدف المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات والشركات وحتى الأفراد في الصين.
وطلبت الصين مرارا من الولايات المتحدة تقديم تفسير واضح وعميق حول سبب استهدافها للمؤسسات والأفراد الصينيين، بيد أن بكين لم تتلقاه بعد.
وتتشابه الاتهامات التي لا اساس لها ضد الضباط الصينيين مع نفس الرياء الذي يطالب فيه اللص بتحقيق العدالة.
وحذر تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي منذ أكثر من عقد الأوروبيين من أن الولايات المتحدة تستخدم تقنيات تجسس ألكتروني معقدة لجمع معلومات اقتصادية سرية.
وشمل التقرير مزاعم كثيرة بان وكالة الأمن الوطني الأميركية تتعقب بشكل روتيني الهواتف وأجهزة الفاكس والرسائل الإلكترونية من جميع انحاء العالم وتمرر المعلومات المفيدة إلى الشركات الأمريكية.
ومن بين تلك المزاعم، فإن الوكالة قدمت معلومات إلى شركة بوينج وماكدونالد دوغلاس، وهي جزء الآن من بوينج، مكنتهما من الحصول على عقد قميته عدة مليارات من الدولارات من ايرباص الأوروبية.
وتمكنت وكالة الاستخبارات الأميركية بفضل المعلومات التي قدمتها تسع شركات للأنترنت منها ميكروسوفت وجوجل وآبل وفيس بوك وياهو وغيرها من شركات الاتصالات من مراقبة الاتصالات الشخصية للمواطنين والانشطة الاجتماعية بتهور، وفقا لصحيفة ((واشنطن بوست)).
تم الكشف عن عمليات التجسس الإلكتروني الأميركي المنتشرة على نطاق عالمي في اعقاب تسريبات نشرها عميل الاستخبارات السابق ادوارد سنودن.
وبعد تسريبات عن استهداف الوكالة الأميركية لعملاق النفط البرازيلي (بيتروبراس)، قالت الرئيسة البرازيلية ديلما روزسيف إن عمليات التجسس الأميركية كانت لاهداف اقتصادية واستراتيجية وليست بسبب مخاوف من الارهاب كما ادعت واشنطن.
وبدلا من تقديم "اعتذار" مخلص، لجأت واشنطن للتشهير بالدول الأخرى كطريقة لتحسين صورتها، التي شوهها برنامجها للتجسس.
واذا لم تتخل واشنطن عن عقلية الهيمنة في الفضاء الإلكتروني بتحويل الانترنت لآداة لمراقبة العالم بأسره وتدعيم وضعها الحالي، فسيكون من المستحيل بناء نظام دولي عادل او حتى تجنب ارتكاب سلوكيات شديدة الخطورة عبر الانترنت.
أرسل تعليقك