كنا نتمنى أن تخلو لائحة الناخب الوطني بادو الزاكي ، للمباراتين الوديتين الدوليتين، أمام كل من قطر وليبيا، على التوالي، في الثالث والسابع من أيلول/سبتمبر المقبل، من أية مفاجأة غير سارة، وأن تنبني الاختيارات على معايير الواقعية والاستحقاق، إلا أن ذلك لم يتحقق للأسف الشديد.
إسقاط بوصوفة والمهدي كارسيلا، يمكن أن نتقبله، وأن نجد له أكثر من مبرر، لاسيّما أنَّ التجربة أثبتت أن هذين اللاعبين غير مؤهلين لتقديم أيّة إضافة نوعية وفعالة للمنتخب الوطني، فضلاً عن أنَّ مسارهما لا يشفع لهما بأن يكونا في مفكرة الناخب الوطني، لكن إسقاط اسمي لاعب "الوكرة" القطري محسن متولي، ولاعب "مونبوليي" الفرنسي عبد الحميد الكوثري ، غير مفهوم وغير مبرر على الإطلاق، بالنظر إلى أن أسماء عديدة في قائمة الـ23 لاعبًا، هي التي تفتقد للجاهزية والتنافسية، بينما متولي والكوثري يلعبان في فريقيهما بصورة رسمية.
الأول خاض المباراة الثانية مع فريقه القطري في الموسم الجديد، وتألق وأبدع وسجل وحاز الإعجاب والإشادة، والثاني فرض نفسه كلاعب أساسي في "مونبوليي"، واختير في الدورة الأولى من البطولة الفرنسية كأحسن ظهير أيسر.
لا نريد أن نحط من قدر أي اسم من الأسماء التي حظيت بثقة الزاكي، لكن من الضروري أن نتساءل، على سبيل المثال لا الحصر، هل برابح لاعب الوداد البيضاوي ، والأحمدي العائد لفينورد الهولندي، وعبد العزيز برادة يتمتعون بعنصري التنافسية والجاهزية؟.
الأخير لم يخض إلى اليوم سوى مدة ربع ساعة مع فريقه الجديد مارسيليا، وصرح أنه مازال يفتقد للجاهزية للعب كأساسي مع مارسيليا، ومادام الشيء بالشيء يذكر، لا بد أن نتساءل هل بنعطية الذي التحق أخيرًا بنادي "بايرن ميونيخ" يتمتع هو الآخر بهذا العنصر، مع أنه لم يخض إلى اليوم أي مباراة في الموسم الجديد؟؟!!.
من المؤكّد أنَّ الناخب الوطني هو المسؤول عن اختياراته، وهو الذي سيحاسب عليها، سواء اتفقنا معه أم لم نتفق، لكن من واجبنا أن نثير الملاحظات الأساسية والموضوعية، بصورة لا تفقد للود قضية، مادام الهم الأول والأخير هو أن نرى المنتخب الوطني في أحسن حلة، مع ضربة البداية في الاستحقاق الهام والكبير، المسمى نهائيات كأس أفريقيا للأمم.
عندما يبرر الناخب الوطني عدم استدعائه لمتولي والكوثري بفقدان التنافسية، مع أن الموسم الكروي الجديد سواء في أوروبا أو آسيا أو المغرب، قيد البداية، ويخطو خطواته الأولى، فإن المسألة تثير جملة من التساؤلات المشروعة، بشأن مدى صواب الاستناد على مبرر "عدم الجاهزية" لإسقاط أسماء واختيار أخرى!!.
ولذلك، كنا نتمنى أن يسمي الناخب الوطني الأشياء بمسمياتها، عن سبب صرفه النظر عن لاعبين وازنين كانا ضمن قائمته الأولى، وشاركا في المحطة الأولى من البرنامج التحضيري، في الديار البرتغالية، في الوقت الذي تخلف عنها لاعبون، مفضلين الراحة والاستجمام والتفكير في مستقبلهم الكروي، لكنهم حاضرون اليوم في تشكيلة المنتخب الوطني!!.
متولي يلعب، والكوثري يلعب، وهما معًا، كسائر اللاعبين الآخرين، على درب اكتساب التنافسية مع بداية الموسم الكروي الجديد، والأكثر من ذلك أن الرجاوي السابق تألق من جديد، الخميس، مع فريقه القطري، وسجل وسرق الأضواء، والمفارقة الكبيرة أن كل ذلك تم مساء اليوم الذي كشف فيه الزاكي عن لائحته، لمباراتين المقبلتين.
ربما أن رد متولي لم يتأخر على إسقاطه من لائحة المنتخب الوطني، ومن غير المستبعد أن يتولى الكوثري المهمة نفسها، للتأكيد على أنه يستحق أن يكون حاضرًا في المنتخب الوطني، المقبل على امتحان قاري صعب داخل بلده ووسط جماهيره.
إذا كان إسقاط متولي والكوثري وبوصوفة وكارسيلا له علاقة بمحاولة "التمرد" و"العصيان" التي قادها بعض اللاعبين في روسيا، على هامش المباراة التي خاضها المنتخب الوطني ضد نظيره الروسي، فإن الزاكي مطالب بكشف الحقيقة وتقديم التوضيحات الضرورية في هذا الباب، لأن المنتخب الوطني له حرمته وهيبته ومكانته الاعتبارية والأدبية، وليس مجالاً لإثارة الفوضى والتمرد على قرارات وتوجهات الناخب الوطني.
الفترة الراهنة، وحتى المقبلة، لا تقبل بأنصاف الحلول، ولا بالاستمرار في منطق التجريب إلى ما لا نهاية، لأنه من المستبعد جدًا أن يأتي لاعب لم يسبق له أن حمل القميص الوطني، وأن يتمكن من انتزاع الرسمية في ظرف وجيز، لذلك، من الضروري الثبات على الاختيارات والتشكيلة، وأن تكون منهجية العمل قوية بعنصر الاستقرار، من أجل أن تتضح الرؤية أكثر، ويشق المنتخب الوطني طريقه نحو الاتجاه الصحيح بتفاؤل وأمل كبيرين.
لقد أكدنا، في مناسبة سابقة، أنَّ مصلحة المنتخب الوطني فوق المصالح الشخصية والفئوية، وأهم شيء هو أن يواصل الزاكي عمله الميداني، وأن يترك "العاطفة" جانبًا، وأن يفرض روح الانضباط، وأن يستمر في تقوية الروح الجماعية، وأن يعزز عنصر الثقة وعنصر الانسجام في أفق ربح منتخب وطني متكامل ومتجانس ومتناغم.
من حق المتتبعين والمهتمين أن يبدوا ملاحظاتهم، وأن يطرحوا التساؤلات المشروعة، وأن يمارسوا النقد البناء، لأن الناخب الوطني في أمس الحاجة إلى المساندة النقدية، وليس إلى المدح والإطراء والتملق وبيع "الأوهام"، فهذه المساندة هي الكفيلة بأن يستمد منها القدرة على المراجعة وتقوية مواطن الضعف، وتعزيز مواطن القوة، قبل فوات الأوان!!
حظ سعيد.