تحكي الأسطورة أن بلدًا يرقص طربًا عندما تنتقل عمادة لاعبي كرة القدم في العالم من أحد عناصره إلى آخر، لم يكن أغلب أفراده يدرون بأن لديهم لاعبًا هو الأكثر مشاركة في بطولة كأس العالم للعبة أخرى تلعب بالكرة أيضًا.
ولن يكون الأمر مستغربًا- أو ربما قد يزيد الاستغراب، فالأمر يبدو سيان- إذا كان نفس البلد يبكي بمرارة إخفاق الساحرة المستديرة في الظهور ببطولة كأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالي، بعد تتويج ثلاث مثلها، فيما يبكي لاعبوه لكرة اليد أنهم لم يخرجوا في بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة بالجزائر سوى بالمركز الثالث.
لكن حمادة النقيب لا يأبه بالمكانة التي يوليها له الإعلام أو التاريخ، لأنه يرتضي بالمكانة التي يحتلها في قلوب زملائه السابقين والحاليين: «حتى لو لم أشارك في مباراة أو أكثر، يكفيني الانتماء للفريق، ومعرفتي بأن اختياري للمنتخب لم يأت من فراغ فقد قدمت أداء جيدا في الموسم الماضي مع نادي الجيش القطري».
يقول حارس مرمى المنتخب المصري لكرة اليد عن إنجازه: «منذ بطولة العالم عام 1995 في أيسلندا لم أغب عن أي نسخة مونديالية، إلى جانب ذلك شاركت في أربع دورات أوليمبية»، وذلك بتواضع يشعر محدثه أن كل ما فعله كان إعادة أبنائه من المدرسة.
ويضيف أكبر لاعبي بطولة العالم الرابعة والعشرين المقامة حاليًا بقطر سنًا، حيث ولد في السادس من إبريل 1974 «أحمد الله أنه منحني الصحة والقدرة على الاستمرار لكل هذه الفترة، هو إنجاز يحسب لزملائي في اللعبة ولأصدقائي خارجها ولاتحاد كرة اليد ولعائلتي».
كما تكبر علامة التعجب في ظل عدم وجود صفحة لـ«موكا» أو «كيبو»، الاسمين اللذين يعرف بهما محمد بكير النقيب- مدير الإدارة في الشركة المصرية للغازات الطبيعية بالإسكندرية- بين زملائه اللاعبين، على موقع «ويكيبيديا»، باللغة العربية، رغم وجودها باللغات الإنجليزية والألمانية والدنماركية والسلوفينية.
وكلمة السر وراء البقاء في ملاعب الاحتراف على مستوى بطولات العالم بالنسبة للنقيب واضحة تمامًا، «لا أتأخر في النوم عن الساعة الحادية عشرة ليلًا، وفي الاستيقاظ عن الثامنة صباحًا. وأبتعد تماما عن المدخنين»، فضلًا عن ذلك: «نحن لا نتحدث سوى عن كرة اليد، ونحن داخل الملعب أو خارجه».
يلي ذلك المنافسة الصحية، التي تعني بالنسبة له: «أن يكون لديك دائما منافس واحد قوي على الأقل على المركز، على أن تكون علاقتكما طيبة. لقد تنافست على حراسة المنتخب مع أسماء مثل أيمن صلاح وحمادة الروبي، والآن كريم هنداوي ومحمود خليل، وهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر. كما أن هذه المنافسة الصحية لا تنطبق فقط على مركزي وإنما على جميع عناصر لاعبي المنتخب المصري لكرة اليد».
ويضيف حارس سبورتنج السكندري الحالي: «ما يسعدني حقًا هو أنني أعرف مدى تمتعي بمكانة كبيرة في قلوبهم. أنا أتعلم الآن من كريم هنداوي وأستفيد منه كما أفيده تمامًا»، معتبرا أن مستقبل حراسة المرمى في أمان في وجود الأخير لأنه «مجتهد ومثابر ومداوم على التدريب. كما أنه شخص رائع داخل الملعب وخارجه».
ويضيف أن الأمر نفسه ينطبق على بديليه محمود خليل، وهادي رفعت الذي غاب عن البطولة بداعي الإصابة.
ولم يحدد النقيب الهدف المقبل بعد، عندما يسئل عن دورة ريو 2016 الأوليمبية «أتعامل دائما مع أهدافي خطوة بخطوة، عقدي ينتهي هذا الموسم مع نادي سبورتنج. قد أجدده وقد أرحل إلى ناد آخر وقد أتحول إلى التدريب، الذي أتلقى فيه عروضًا كثيرة»، ويتحضر له من الآن.
يوضح «قبل تسعة أشهر قضيت فترة معايشة في نادي لايبزج الألماني. أستاذي هناك بعث لي برسالة يؤكد لي أن الفريق المصري يجب أن يذهب بعيدا بهذا المستوى في المونديال القطري».
ولا تتوقف الإشادة بأداء فراعنة اليد على من يراقبون البطولة من الخارج «زاملت (لاعب برشلونة، سيدريك سوراندو، في باريس سان جيرمان في الماضي، وقد قال لي قبل أيام: أنتم فريق شاب وواعد وسريع جدًا. أنا متأكد أنكم قادرون على الأقل على بلوغ الدور المقبل» وذلك بعد فوز بلاده فرنسا على مصر في الجولة الثانية.
لكن الغريب أن النقيب ليس لديه حلم بعينه لمصر في قطر «نشعر بأننا قادرون على مواجهة أي خصم، بأننا قادرون على الفوز على أي منافس. لكن إذا لم يأت الفوز، تكفينا العقلية الجديدة التي زرعناها في الفريق».
ويحاول توضيح وجهة نظره قائلا: «ما نفكر فيه هو أن مصر حاليًا تبنى من جديد. ما نريده هو التصديق بأننا كشعب نستطيع. والرياضة هي المقياس الأوضح لإبراز ذلك».
ولم تتم الاستفادة من جيل سابق وصل إلى المركز الرابع في مونديال فرنسا 2001 كأول فريق غير أوروبي يبلغ المربع الذهبي، ليتراجع اليد المصري لنحو عقد، والآن مع قرب قيامه بحزم حقائبه والرحيل، واعتزام مصر الترشح لاستضافة مونديال 2021، ينظر الحارس الأسمر إلى المستقبل بتفاؤل.
يقول «ما أراه هو أن الترشح لتنظيم بطولة مثل مونديال 2021 لابد وأن يكون قرارًا حكوميًا قبل أن يكون رياضيًا لأنه يرتبط بخطابات ضمان. وبالتأكيد لن نعود إلى الوراء وسنتعلم من أخطاء الماضي».
ويسوق دليلًا آخر على تلك النظرة «مباراة مصر والجزائر كانت الأروع في مونديال قطر خارج الملعب على مستوى الجمهور، لم يحدث فيها شيء يعيد إلى الأذهان ما أعقب مواجهة تصفيات كأس العالم 2010 في كرة القدم. أخطاء الماضي لن تتكرر».
وليت الجميع يتعلم أن أخطاء الماضي لن تتكرر ويمنحون رياضيا- قد يكون بين الأهم في تاريخ بلاده- المكانة والتكريم اللائقين به، مع قرب انتهاء مشواره.
أرسل تعليقك