مدريد - لينا العاصي
كشفت صحيفة "الغارديان" عن أن نطاق التحقيقات التي يجريها الإدعاء العام الفرنسي في الفساد في عالم ألعاب القوى امتد ليشمل إجراءات التصويت وطرح العطاءات في دورة الألعاب الأولمبية التي تقام في ريو عام 2016 و طوكيو في عام 2020، وحتى الآن، فإن التحقيقات في المخالفات داخل الرابطة الدولية الاتحادات ألعاب القوى قد أدت إلى حملة اعتقالات واسعة شملت الرئيس السابق للاتحاد لاميني دياك، فضلًا عن إصدار أمر دولي من أجل إلقاء القبض على ابنه مستشار التسويق السابق في الاتحاد الدولي لألعاب القوى بابا ماساتا دياك.
ومع ذلك، فإنه من المعلوم الآن بأن نيابة الأموال العامة الفرنسية تبحث أيضًا في عمليات طرح العطاء التي اختتمت في عام 2009 وفازت خلالها ريو دي جانيرو بتنظيم أولمبياد عام 2016 مع منح طوكيو شرف تنظيم دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2020، وتعد هذه هي الإشارة الأولي بأن الأزمة ربما تمتد لما هو أبعد من الإتحاد الدولي لألعاب القوى "IAAF" وخلق مشاكل خطيرة للجنة الأولمبية الدولية التي تصر بشكلٍ دائم علي أنه قد أعيد تشكيلها في أعقاب الإجراءات التي تم اتخاذها علي خلفية فضيحة الرشوة في سولت ليك سيتي عام 1999.
وكانت صحيفة "الغارديان" كشفت في كانون الثاني / يناير عن أن بابا ماساتا دياك ظهر من أجل الترتيب لتسليم الطرود إلى ستةً من أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية "IOC" في عام 2008 ، وذلك عبر مستشارٍ خاص في موناكو "Monaco" من المرجح بأن يكون لاميني دياك، في الوقت الذي كانت تطرح فيه قطر عطائها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016، بالرغم من فشلها في تجاوز مرحلة إدراجها ضمن قائمة مختصرة، وقد أنكرت قطر ارتكابها أية مخالفات في هذا الشأن.
واستنادًا إلي البريد الإلكتروني الذي اطلعت عليه صحيفة "الغارديان" والمرسل من دياك الابن إلي المسؤول القطر، فإنه يمكن الإشارة إلي أن لاميني دياك وابنه كانوا قادرين علي العمل كوسطاء ما بين المدن التي يشملها العطاء ومجموعة من أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية، يذكر أن دياك الأب الذي تم إلقاء القبض عليه في كانون الأول/ ديسمبر قد وجهت إليه اتهامات بقبول رشاوي تزيد قيمتها عن مليون يورو من أجل التستر علي النتائج الإيجابية في تحليل المنشطات كجزء من مؤامرة تهدف إلى تأخير معاقبة الرياضيين الروس.
وعلى جانبٍ آخر، فإن بابا ماساتا دياك قد تم توجيه الاتهامات إليه بتسهيل دفع الرشاوي، فيما اعتقل أيضًا الرئيس السابق لوحدة مكافحة المنشطات داخل الإتحاد الدولي لألعاب القوى "IAAF" غابرييل دولي، فيما أكد المتحدث باسم اللجنة الأوليمبية الدولية علي أن هناك اتصال وثيق من جانب اللجنة مع الإدعاء العام الفرنسي منذ بداية التحقيقات العام الماضي، كما طلب رئيس القيم والامتثال داخل اللجنة بإعلامهم بكافة المستجدات عن كافة القضايا في وقتها.
ومن جانبهم، فقد أكد المنظمون لأولمبياد ريو دي جانيرو المقرر إقامتها هذا العام علي أنه لا توجد اتهامات مباشرة ضد عطائهم، كما أن إرساء تنظيم دورة الألعاب الأوليمبية علي ريو قد جاء نظراً لأنه كان المشروع الأفضل وتفوق علي المشروع الذي تقدمت به مدريد بفارق واضح 66 – 32، وردًا علي هذه الاتهامات التي وجهت إلي والده، فقد احتج دياك الابن بشدة في وقتٍ سابق من كانون الأول/ديسمبر خلال حديثه مع بي بي سي "BBC"، وأكد على براءته وبراءة أبيه لاميني الذي لم يتورط أبداً في أي نظام فاسد لابتزاز الرياضيين والحصول منهم علي المال، كما أكد أيضًا على العلاقة الطويلة مع قطر والتي تعود إلي عام 1995، رافضاً أي اقتراحات تشير إلي طلبه المال من قطر في عام 2011.
وأبرز تقرير المخالفات المحتملة في سباق عام 2020 والذي أشار إلي أن دياك قد أوقف دعمه لإسطنبول وتحول إلي طوكيو، وذلك علي إثر قيام الراعي الياباني بتوقيع اتفاق مع الاتحاد الدولي لألعاب القوي، وكجزء من التحقيقات التي يجريها ممثلو الادعاء الفرنسي، فإن فريق نيابة الأموال العامة يحقق في سباق العطاءات لبطولة العالم لألعاب القوى عن عام 2017 والمزمع إقامتها في لندن، فضلا عن نسخة البطولة لعام 2019 والتي سوف تقام في الدوحة وكذلك فعاليات الحدث لعام 2021 في يوجين "Eugene" في ولاية أوريغون.
وفي كانون الأول/ديسمبر من عام 2014، فقد كشفت صحيفة "الغارديان" عن أن بابا ماساتا دياك قد طلب خمسة ملايين دولار من الدوحة وقتها حينما كانت تتقدم للعطاء أمام لندن، إلا أنه أنكر القيام بأي طلب من هذا القبيل. ولضمان إرساء تنظيم بطولة العالم لعام 2019، فقد عرضت الدوحة في اللحظات الأخيرة حافزاً قانونياً علي هيئة مبلغ 23,5 مليون جنيهاً إسترليني نقدًا قيمة رعاية من بنك لم يستدل عليه. وهو الأمر الذي أثار انتقادات من مقدمي العروض المتنافسة.
ويأخذ ممثلو الإدعاء العام الفرنسيين بعين الاعتبار أيضًا الدور الذي قام به رئيس الاتحاد الدولي الحالي لألعاب القوي سيباستيان كو خليفة دياك، وذلك بسبب العلاقات الوطيدة مع شركة نايكي "Nike" والتي يقع المقر الرئيسي لها بالقرب من يوجين "Eugene"، إلا أن اللورد كو قد صرح إلى إلى بي بي سي BBC بأنه لم يمارس الضغط على أحد في العطاء الذي تم إرساؤه على يوجين.
وتأتي هذه الأخبار في الوقت الذي تعقد فيه اللجنة الأولمبية الدولية سلسلة من الاجتماعات التنفيذية الهامة قبل خمسة أشهر من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في ريو "Rio"، وتواجه التحضيرات للأولمبياد العديد من المشكلات منها تباطؤ النمو في الاقتصاد البرازيلي، إضافة إلي المخاوف من عدم الانتهاء في الوقت المناسب من إنشاء خط المترو وكذلك المخاوف من تلوث المياه ومبيعات التذاكر الضعيفة فضلًا عن تأثير انتشار فيروس زيكا.
أرسل تعليقك