إيران تصفّي حساباتها مع السعودية

إيران تصفّي حساباتها مع السعودية

إيران تصفّي حساباتها مع السعودية

 العرب اليوم -

إيران تصفّي حساباتها مع السعودية

خيرالله خيرالله

اللعبة الإيرانية صارت مكشوفة في كل مكان. فليس عن طريق إثارة مشاكل للسعودية بسبب حادث منى، تستطيع إيران إلقاء دروس على الآخرين.

تندرج الحملة التي تشنّها إيران على المملكة العربية السعودية، بعد حادث منى، في سياق الحرب التي يتعرّض لها العالم العربي في هذه المرحلة. هناك حرب تشنّها إيران، مباشرة أو عبر الميليشيات المذهبية التابعة لها، في طول منطقة الشرق الأوسط وعرضها.

لا تترك إيران فرصة إلا وتستغلها من أجل تسجيل نقاط على قيادة هذه الدولة العربية أو تلك، وفي أرض تلك الدولة العربية أو تلك. العراق يعاني من التدخّل الإيراني، كذلك البحرين وسوريا ولبنان واليمن. حتّى السودان شكا، في مرحلة معيّنة، من التصرّفات الإيرانية ومحاولات اختراق المجتمع السوداني وتأليب السودانيين على بعضهم بعضا. ليس سرّا ما تعرّضت له الكويت التي عثرت في أراضيها على كمّيات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات المهرّبة من إيران. كذلك ألقت القبض على عناصر تدرّبت لدى “حزب الله” في لبنان.
    
    

ليست الحملة الإيرانية على المملكة العربية السعودية، التي تلت الحادث المؤسف الأخير الذي قضى فيه ما يزيد على سبعمئة وخمسين حاجا في منى، سوى فصل آخر من هذه الحرب الإيرانية على كلّ ما هو عربي في المنطقة. يمكن أن يكون الحادث، وهو مأساة حقيقية، ناجما عن تجاوز ارتكبته مجموعة من الحجاج لم تلتزم بالتعليمات المفترضة. كذلك يمكن أن يكون حصل خطأ… لكنّه ليس ما يبرّر تلك الحملة الإيرانية على السعودية التي شارك فيها السيّد حسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” في لبنان.

من المنطقي، في حال صفت النيّات، انتظار التحقيق الذي تجريه السلطات السعودية المسؤولة عن تنظيم الحج، بدل أن يبادر “المرشد” علي خامنئي إلى تحميل السعودية مسؤولية الحادث.

الثابت، إلى الآن، أن الرياض لم تحسم بعد في موضوع الحادث وأسبابه وهي على استعداد للذهاب إلى النهاية في تحديد المسؤوليات، على غرار ما حصل في قضية الرافعة التي سقطت قبل أسبوعيْن بسبب الرياح القويّة. لماذا لا تستطيع إيران الانتظار ولو قليلا، نتائج التحقيق السعودي؟

تكشف الحملة الإيرانية مدى الحقد على المملكة وكلّ دولة من دول الخليج، خصوصا مملكة البحرين التي تتعرّض لحملة ظالمة تستند أساسا على الترويج للطائفية والمذهبية. هذا النفس الطائفي والمذهبي يستخدمه النظام في إيران لضرب الاستقرار في منطقة الخليج وفي المشرق العربي وفي كلّ منطقة ينفع فيها الاستثمار البشع في إثارة الغرائز والفكر الميليشيوي المذهبي الذي بات يعاني منه لبنان والعراق وسوريا واليمن وكلّ مكان تتدخّل فيه إيران.

في استطاعة كلّ دولة من الدول التي لديها مجموعة من الحجاج المساهمة في إنجاح الموسم. هذا لا يكون عن طريق توجيه اتهامات وانتقادات للسعودية، بمقدار ما يكون بالمساعدة في ضبط الحجيج ومنعهم من أيّ تجاوزات وتعدّ على القوانين والأنظمة المعمول بها في حدث يشارك فيه ما يزيد على مليون ونصف المليون إنسان.

في كلّ الأحوال، كشف ردّ الفعل الإيراني ما تكنُّهُ طهران لجيرانها. كانت إيران أمام خيارين. كان في استطاعتها المساعدة، لكنها فضلت اعتماد السلبية وتصفية حساباتها مع السعودية. هل هذا عائد إلى الهزيمة الإيرانية في اليمن… وقبل ذلك التصدي الخليجي للأطماع الإيرانية في البحرين؟

من الواضح، أنّ اللعبة الإيرانية صارت مكشوفة في كلّ مكان. فليس عن طريق إثارة مشاكل للسعودية، بسبب حادث منى، تستطيع إيران إلقاء دروس على الآخرين وتوزيع الاتهامات على أنواعها، خصوصا في منطقة الخليج.

في النهاية، يبقى حادث منى معزولا على الرغم من العدد الكبير للضحايا. السعودية تقرّ بالحاجة إلى تحقيق شفّاف، وهي على استعداد للقيام بهذا التحقيق بغية تلافي أي خطأ يمكن أن يقع مستقبلا… هذا في حال لم يتبيّن أنّ هناك جهات ذات أهداف معروفة تقف وراء المأساة. ففي كلّ مرة وقع حادث في المملكة، سارع الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى إعطاء توجيهات تفضي إلى تحمّل كلّ شخص في موقع المسؤولية مسؤولياته. كان ما حدث في منى، حيث بدئ التحقيق لتحديد المسؤوليات، مناسبة أخرى ليؤكّد سلمان بن عبدالعزيز أنّه لا يتهاون في مواجهة أي تقصير من أيّ نوع. أكثر من ذلك، أظهرت السلطات السعودية إلى أي حدّ تبدو مستعدة لاتخاذ كل الإجراءات المطلوبة في حال تبيّن أنّ هناك تقصيرا.

    ليست لدى دول مجلس التعاون، على رأسها السعودية، أي أوهام في شأن ما تريده طهران وما تسعى إلى تحقيقه

في المقابل، كانت مأساة موسم الحج فرصة أمام إيران لتثبت أنّ شيئا ما تغيّر فيها، خصوصا بعد توقيع الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي، على رأسه الولايات المتحدة. المؤسف أنّ كلّ ما فعلته إلى الآن يؤكّد أنّها مستمرّة في مشروعها التوسّعي الذي لا أفق له. الأفق الوحيد للمشروع الإيراني يتمثّل في التخريب ولا شيء آخر غير التخريب. مرّة أخرى سقطت طهران في الامتحان. تبيّن أنّ دول مجلس التعاون على حقّ في كلّ كلمة تضمّنها البيان الأخير الصادر عن وزراء الخارجية فيها، وذلك قبل وقوع حادث منى.

جاء في البيان: “شدّد المجلس على رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لدول مجلس التعاون ومحاولة بثّ الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطنيها والإضرار بأمنها واستقرارها ومصالح مواطنيها، سواء من خلال إيواء الهاربين من العدالة أو فتح معسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية أو تهريب الأسلحة والمتفجّرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دول المجلس كما حدث أخيرا في مملكة البحرين أو عبر دعم التخريب والإرهاب والتحريض على العنف أو من خلال التصريحات التي تصدر عن كبار المسؤولين الإيرانيين”.

لن يفيد التصعيد الإيراني مع السعودية في شيء. لا لشيء، سوى لأنّه ليست لدى دول مجلس التعاون، على رأسها السعودية، أي أوهام في شأن ما تريده طهران وما تسعى إلى تحقيقه.

كلّ ما في الأمر أن إيران اختارت التعاون مع “الشيطان الأكبر” والطلاق مع جيرانها. تدلّ كلّ تصرفّاتها منذ توقيع الاتفاق النووي على أنّها مصرّة على لعب دور القوة الإقليمية المهيمنة بدل الاهتمام بشؤون شعبها الذي يعيش نصفه، إن لم يكن أكثر، تحت خط الفقر. لم يعد السؤال هل يتغيّر النظام الإيراني، أو هل يمكن أن يتغير؟ السؤال إلى متى تستمرّ طهران في ملاحقة وهم اسمه الدور الإقليمي المهيمن القائم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية داخل المجتمعات العربية؟ هل يمكن بناء دور إقليمي على ميليشيات مذهبية… سيتبيّن يوما أنّها ليست سوى أدوات لسياسة سترتدّ على أسيادها؟

arabstoday

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تصفّي حساباتها مع السعودية إيران تصفّي حساباتها مع السعودية



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab