انقلاب «داعش» على الأتراك

انقلاب «داعش» على الأتراك

انقلاب «داعش» على الأتراك

 العرب اليوم -

انقلاب «داعش» على الأتراك

عبد الرحمن الراشد

بخلاف ما يقوله المشككون، فإن الرواية الرسمية التركية معقولة. الأرجح أن تنظيم داعش هو وراء التفجير في بلدة سروج، جنوب شرقي البلاد، والذي خلف أكثر من ثلاثين قتيلاً. فانقضاض التنظيم ليس مفاجأة بل إنه متوقع، حتى إن الرئيس الأميركي لم يفوّت الفرصة للاتصال بالرئيس التركي، وإقناعه بوقف تدفق المقاتلين عبر الحدود إلى سوريا.

وهذا يدفع للمراجعة والتساؤل، أين الخلل في الأحداث الماضية؟
الحقيقة أن موقف تركيا ضد النظام السوري جاء طبيعيًا حتى ازدادت القضية تعقيدًا مع مرور الوقت. ففي السنة الأولى، وإلى منتصف الثانية، كانت الانتفاضة سورية خالصة؛ شباب سوري حمل السلاح بعد عمليات القتل الواسعة ضده من قبل قوات النظام وأجهزته. وكان موقف أنقرة مؤيدًا للحركة المعارضة التي تشكلت من عدة تنسيقيات محلية وتظللت تحت مظلة «الائتلاف» و«الجيش الحر». وبنهاية السنة الثانية كان النظام يترنح، فقد خسر الكثير من المدن الرئيسية، وكانت أطراف العاصمة دمشق تشهد معارك ليلية بين الجانبين. بعد هذا التاريخ، أمران حدثا في نفس الفترة؛ الأول، سوريا صارت تمثل قضية كبيرة في العالم الإسلامي، تشبه مأساة البوسنة في التسعينات، بسبب عمليات القتل والتدمير الواسعة التي ارتكبها النظام، وأشاعت غضبًا ضد اللامبالاة الدولية، وفشل الوساطات بلا عقوبات، ومنع تسليح المعارضة. الأمر الثاني، دخول إيران وحلفائها عسكريًا في سوريا لرفد النظام المتهاوي في دمشق. وصار المقاتلون من «الجهاديين» على الجبهتين يتدفقون إلى الداخل.

في الوقت الذي كانت الطائرات الإيرانية تنقل مقاتليها، وميليشيات العراق ولبنان تعبر الحدود بالآلاف، كان مقاتلون يعبرون من الجانب التركي ضد النظام. وهكذا تحولت سوريا إلى مغناطيس جاذب ومحور حرب إقليمية وطائفية. وكان الغرب يراها حربًا داخل معسكر المسلمين لا شأن له بها.

تركيا أغمضت إحدى عينيها عن العابرين لدعم الثورة السورية، ثم مالت إلى أهون الشرين: «جبهة النصرة»، كما يقول ناقدوها. و«النصرة» ليست إلا تنظيمًا آخر لـ«القاعدة» لكن دون فيديوهات ذبح الرهائن. ظنت أنقرة أنه لا يمكن مواجهة ميليشيات عراقية ولبنانية وأفغانية وإيرانية «جهادية» إلا بجماعات تشابهها، مثل «داعش» و«النصرة»، وهذا التفكير الخاطئ تسبب في إضعاف وتجاهل أهل القضية: «الجيش الحر» والقوى المماثلة، التي لا ترفع شعارات دينية، لكنها صاحبة قضية وطنية ومشروع سياسي يستطيع أن يلم معظم السوريين تحت شعاره.

بالطبع، من يعرف سيرة تنظيم «القاعدة» ليس صعبًا عليه أن يتنبأ كيف سينتهي «داعش». مثله، بادر «داعش» مبكرًا باختطاف وقتل غربيين، مثل العبث بذيل الثعبان جلب على نفسه أعداء يفوقونه قدرات. وهذا طبع التنظيمات الإرهابية، فهي لا تملك قضايا وطنية، ولا أخلاقية، بل جماعات فوضوية تدميرية تعتقد أنها قادرة على هزيمة العالم كله، وهي في طريقها إلى الجنة. كما أن أنقرة انخرطت في خلافات المنطقة وفوضى الربيع العربي. مع هذا تركيا تبقى الدولة الوحيدة القادرة على تحقيق التغيير في سوريا. وليس غريبًا انقلاب «داعش» على تركيا، ولاحقًا «النصرة»، لأن التنظيم صار محاصرا بعد أن منعت آلاف المقاتلين من المرور عبر أراضيها، وأوقفت مواقعه الإلكترونية.

ويجب ألا ننسى أن «داعش» الذي حقق انتصارات كبيرة، حقق أيضًا للنظامين السوري والإيراني ما يريدانه؛ تخريب الثورة، وتشويه صورة الحركة الوطنية السورية، والإضرار بمعسكر الحلف المضاد، مثل تركيا ودول الخليج.

ورغم الفوضى والضغوط أعتقد أن أنقرة، مثل بقية حكومات دول المنطقة، هي في وسط معركة التوازنات، لا تستطيع ترك جارتها الجنوبية، سوريا، تحت سيطرة إيران، خاصة بعد توقيع الغرب الاتفاق حول برنامجها النووي، الذي يفك كل القيود عن نظام طهران، وقد يزيد ثقتها للمزيد من التمدد في المنطقة. بإمكان الأتراك أن يعيدوا علاقتهم مع القوى السورية الوطنية لأنها تملك شرعية وقضية حقيقية، ولا يستطيع العالم تجاهلها.

arabstoday

GMT 12:19 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 12:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 12:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

GMT 12:13 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

هل سيتغير ترامب؟

GMT 12:11 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ما بعد العودة الميمونة

GMT 12:09 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السير «مجدى يعقوب».. أوكتاڤُ الحياة

GMT 12:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمى تراجع عن هجومه ضد النجمات الغائبات عن الافتتاح!!

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القمع الإسرائيلى الداخلى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقلاب «داعش» على الأتراك انقلاب «داعش» على الأتراك



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 11:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان
 العرب اليوم - حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab