لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية

لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية ؟

لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية ؟

 العرب اليوم -

لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية

عبد الباري عطوان

لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم شاشات الفضائيات العربية واين سيتوقف العداد؟ ولماذا نرحب بالمبادرة الجزائرية لمنع “حرب اقليمية” وشيكة بين السعودية وايران انطلاقا من باب المندب؟

تزدحم شاشات محطات التلفزة العربية، والخليجية منها بالذات، بأخبار القصف الجوي في اليمن، والاهداف التي تدمرها، وسط حالة من النشوة غير مسبوقة، ولكن من النادر ان تعرض صورا للقتلى من المدنيين الابرياء الذين يسقطون من جراء هذا القصف، وتؤكد الامم المتحدة ان عددهم وصل الى ما يقرب الالف قتيل وثلاثة آلاف جريح حتى كتابة هذه السطور.

الشاشات نفسها كانت وما زالت تزدحم بجثث القتلى المدنيين الذين حولتهم الى اشلاء القذائف الصاروخية في سورية، او ضحايا تنظيم “الدولة الاسلامية” في العراق وجبل سنجار، ولكنها، ونعرف الاسباب حتما، لم تبث صورة واحدة لطفل يمني قتيل، او حتى مصابين، وهي التي تدعي المهنية والموضوعية، ويطرح بعضها شعار “الرأي والرأي الآخر”، وكأن الحرب الدائرة حاليا في اليمن لما يقرب من الاربعة اسابيع تستخدم قذائف الورود والرياحين، وليس صواريخ امريكية الصنع، تحمل رؤوسا شديدة التدمير للحجر والبشر معا.

الوضع الانساني في اليمن في ذروة السوء، وهذا ليس كلامنا وحدنا، وانما بان كي مون امين عام الامم المتحدة الذي طالب بهدنة فورية لايصال المساعدات الانسانية والمواد الغذائية لاكثر من 25 مليون يمني باتوا مقطوعين عن العالم بسبب هذه الحرب، ولكن جميع نداءاته هذه لم تجد آذانا صاغية.

غالبية المدن اليمنية، بما في ذلك العاصمتان الشمالية والجنوبية، المؤقتة والدائمة، تعاني من انقطاع شبه كامل للكهرباء والماء والوقود، ومعظم المواد الاساسية، الغذائية والدوائية، فالموانيء معطلة، والمطارات مدمرة، والبلاد تعيش حالة من العزلة المطلقة مع العالم الخارجي، والمواطنون اليمنيون، بغض النظر عن مذهبهم، ممنوع عليهم الهجرة للنجاة بأرواحهم، الى دول الجوار، مثلما يحدث في كل الحروب (باستثناء حرب غزة). ومن الغريب ان دول الجوار تقول انها تخوض هذه الحرب دفاعا عنهم وحقنا لدمائهم.
***
لا نفهم لماذا لم يتم التوصل حتى الآن الى هدنة انسانية تمكن الجميعات الخيرية من ايصال المساعدات الى المواطنيين اليمنيين، والاطباء من معالجة الجرحى، وهم بالآلاف؟ فأين قيم الرحمة والانسانية، ولماذا اختفت من قلوب المتصارعين؟

ما نسمعه هذه الايام هو الحديث عن تدمير اهداف ومخازن اسلحة هنا وهناك، ومناورات عسكرية جوية وبرية وبحرية، ومشاركة طائرات هذه الدولة او تلك في الغارات الجوية، في تسابق يتحسر عليه اهل غزة، وكأن صنعاء عاصمة الريخ الالمانية برلين في ذروة الحرب العالمية الثانية، وعدن مدينة ليننغراد او بطرسبرغ الروسية.

ثلاثة اسابيع اكتملت منذ بدء القصف، ونفاذ بنك الاهداف، ولم نشاهد اي جهد حقيقي لجمع المتحاربين الى مائدة الحوار للتوصل الى حل “سياسي” يضع حدا لسفك الدماء، وكأن اليمنيين الذين يقتلون في هذه الحرب ليسوا بشرا، ونحن هنا نتحدث عن جميعهم، دون اي تفرقة بين من يقف في خندق التحالف الحوثي، او خندق الرئيس هادي وداعميه في دول الخليج، فهؤلاء جميعا اهلنا واخواننا وابناؤنا واخواتنا وامهاتنا واطفالنا.

مسلسل القتل في سورية بدأ بالعشرات ثم انتقل الى خانة المئات والآلاف ومئات الآلاف، ونتضرع الى الله ان يتوقف عداد الموت لابرياء اليمن عند الألف الاولى، لانه يكفي هذا الشعب العربي الاصيل المضياف الشهم الجوع والحرمان والفاقة، واحتلاله مكان بارزة في قائمة الدول العشرين الافقر في العالم، وهو المحاط بـ “اشقاء” يستعصي عليهم احصاء المئات من ملياراتهم الفائضة التي لا يعرفون ماذا يفعلون بها او كيف ينفقونها.

اسعدنا كثيرا ما كشف عنه مصدر دبلوماسي جزائري الجمعة من ان بلاده “نقلت رسائل متبادلة بين الرياض وطهران في الاسبوعين الماضيين تتعلق جميعها بوضع حدود صارمة للنزاع المسلح في اليمن، لمنع تحوله الى حرب اقليمية اوسع″.

وقال “ان احدى الرسائل تتضمن اجراء تم التوافق عليه، لمنع الصدام بين سلاح البحرية السعودي، وسفن شحن ايرانية تمر عبر مضيق باب المندب، واجراء ثان لمنع الصدام بين سلاح البحرية الايراني ونظيره السعودي”.

نقول اسعدنا هذا الكلام لان “الحرب الاقليمية” على ارضية الصراع في اليمن، هي آخر ما ننتظر او نتمنى، لانها ستكون كارثة اخرى على المنطقة وابنائها، تضاف الى كوارثنا الاخرى في العراق وسورية وليبيا.

***
نعم.. احتمالات الصدام واردة، فمضيق باب المندب بات يزدحم بالسفن الحربية السعودية والمصرية والايرانية، وهي سفن لم نسمع عن وجودها مطلقا في الحروب والعدوانات الاسرائيلية المتعددة، وسنظل نكرر ذلك حتى اللحظة الاخيرة من حياتنا، تماما مثل الطائرات الحربية التي باتت الانظمة تتبرع بارسالها للمشاركة في حرب اليمن في تسابق لم تشهد المنطقة له مثيلا.

التصادم وارد.. فهناك من يهدد (السعودية) بتفتيش سفن ايرانية بشبهة نقل اسلحة الى الحوثيين وحلفائهم، واي مبالغة في هذا التفتيش، او اي “تحرش” مقصود او غير مقصود، ربما يشعل فتيل هذه الحرب الاقليمة التي يكون حجم القتل والدمار فيها هائلا، وقد تستمر لسنوات دون ان يخرج منها منىتصر او مهزوم على غرار ما حرب الثماني سنوات العراقية الايرانية.

لهذه الاسباب، وغيرها، نتمنى ان تتطور المبادرة الجزائرية لكي تشمل وقفا لاطلاق النار، واعادة جميع الاطراف الى مائدة الحوار، دون اي شروط مسبقة، غير الحفاظ على الوحدتين الترابية والديمغرافية لليمن واعادة بناء مؤسسات الدولة على اسس الديمقراطية والعدالة والمساواة، وتكريس التعايش بين ابناء الشعب والامة الواحدة.

الشعب اليمني الذي يجسد قمة الكرامة والمروءة واحترام النفس، لن يستجدي العطف من اشقائه الذين جوعوه، وهمشوه، واغلقوا ابواب العيش في وجهه، ولكنه في الوقت نفسه لن ينسى، وان غفر، انطلاقا من اصالته وشيمه الاخلاقية في التسامح، واتقوا غضب هذا الشعب الذي هزم كل الغزاة على مر التاريخ، وظل شامخا مثل جباله الشماء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية لماذا يغيب قتلى الحرب اليمنية وجرحاها عن معظم الفضائيات العربية



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab