بان كي مون في المغرب العربي أو غياب الرؤية

بان كي مون في المغرب العربي.. أو غياب الرؤية

بان كي مون في المغرب العربي.. أو غياب الرؤية

 العرب اليوم -

بان كي مون في المغرب العربي أو غياب الرؤية

خير الله خير الله

لا بدّ من وضع الأمور في نصابها، خصوصا بعد التحرّك الذي قام به الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في منطقة المغرب العربي في سياق الجهود التي يظنّ أنه يبذلها لتسوية قضية الصحراء المغربية. كلّ ما فعله بان والمجموعة المرافقة له يتمثّل في الانضمام إلى لعبة منحازة لا أفق سياسيا لها تستهدف المغرب، كما تستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة كلّها.

لم يكن التحرك الذي قام به بان كي مون والذي توّج بلقاء مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة موفقا، خصوصا أن المغرب لم يكن مرتاحا لطروحاته وسدّ أبوابه في وجهه. كيف يمكن لشخص عاقل تجاهل أن قضية الصحراء هي نزاع مغربي – جزائري وأن الباقي تفاصيل، خصوصا بعدما خسرت الجزائر الحرب التي تشنّها بالواسطة على المغرب. هل جاء بان كي مون إلى المنطقة لمكافأة العدوان الجزائري على المغرب؟

غابت الرباط عمدا، عن الجولة المغاربية للأمين العام التي يبدو أن الهدف الوحيد منها تجاهل المبادرة المغربية الخاصة بالصحراء. تقوم هذه المبادرة التي سبق للأمم المتحدة أن اعتبرتها جديرة بالاهتمام على الحكم الذاتي للصحراء وذلك في إطار السيادة المغربية.

جاء بان كي مون إلى المنطقة للإيحاء بأنّ هناك لعبة أخرى في المدينة، كما يقول الأميركيون. لا وجود لمثل هذه اللعبة من قريب أو بعيد. كلّ ما هناك أن الأمين العام للأمم المتحدة سعى إلى تسويق أفكار بالية عفا عنها الزمن تقوم على تنظيم استفتاء في الصحراء بغية إعطاء أهلها حق تقرير المصير. من الصحراوي، ومن غير الصحراوي، الذي سيشارك في الاستفتاء، ما دام والد محمّد عبدالعزيز الأمين العام لجبهة “بوليساريو”، التي ليست سوى أداة جزائرية، كان عسكريا برتبة صف ضابط في القوات الملكية المغربية، وهو من منطقة جديدة الساحلية التي لا تبعد كثيرا عن الدار البيضاء.

كان مهمّا أن ينهي بان كي مون ولايته بطريقة أخرى تعكس رغبته في استيعاب المتغيرات التي تطرأ على القضايا والملفّات العالقة في أروقة المنظمة الدولية. مثل هذا الاستيعاب للأمور يسمح بتحقيق إيجابيات والتوصّل إلى حلول وتسويات.

استعاض عن ذلك بممارسة لعبة الموظّف الكبير الذي لا يمتلك أي موهبة سياسية من أي نوع كان، باستثناء قراءة الدرس الذي عليه تغييبه والتزام نص هذا الدرس بحرفيته من دون طرح أي أسئلة مفيدة من أيّ نوع كان. إنّه انعدام الرؤية بأبشع صوره لا أكثر.

في ضوء هذه المعطيات التي لا تبشّر بالخير، جاء بان كي مون إلى منطقة المغرب العربي للتأكّد من أن الأمم المتحدة عاجزة عن اتخاذ أي خطوة تصبّ في اتجاه الانتهاء من ملف الصحراء بشكل إيجابي. أراد، بكل بساطة، تأكيد أن الملفّ سينتقل إلى خلفه وسيبقى معلّقا من أجل تحقيق هدف واحد هو استنزاف المغرب المهتمّ أوّلا وأخيرا بالتنمية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطن. تشمل هذه التنمية سكان المحافظات الصحراوية، وهم مواطنون في المملكة مثلهم مثل أي مواطن آخر في وجدة أو تطوان أو طنجة أو الرباط أو الدار البيضاء أو فاس أو مكناس أو مراكش.

لم يكن لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس يوما أي طموح باستثناء الاهتمام بالمواطن المغربي ورفع مستوى معيشته. لذلك، ليس طبيعيا أن ينضمّ الأمين العام للأمم المتحدة إلى الحملة الجزائرية على المغرب.


ما يجعل المرء يشعر بخيبة، أنّ هذه الحملة لا تستهدف مواطني المملكة فقط، بمقدار ما أنّها تستهدف بقاء الصحراويين الموجودين في تندوف في حال من البؤس والتعبئة، بدل السماح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم والعيش بسلام وأمان في محافظات تتمتع بحكم ذاتي موسّع في ظل دستور عصري لا يختلف اثنان على أنّه يوفّر كل الضمانات المطلوبة للمواطن. هل قرأ بان كي مون نصّ الدستور المغربي الجديد، وما يتضمنّه من ضمانات للمواطن وللأحزاب السياسية على كلّ صعيد؟

لو كان لدى الأمين العام للأمم المتحدة مقدارا من الفكر السياسي الخلاّق، لكان اعتبر أنّ واجبه الأول يتطلب إنقاذ المقيمين في مخيمات تندوف من الأسر. في استطاعته خدمة الصحراويين، بدل البقاء في أسر نصوص لا علاقة لها بالواقع.

بالنسبة إلى المغرب، انتهت حرب الصحراء منذ فترة طويلة. ملفّ الصحراء جزء من الماضي. هناك من حاول استخدامه ورقة ضدّه وفشل في ذلك. لن ينجح بان كي مون حيث فشلت الجزائر التي ترفض الاعتراف بأنّ مشكلتها مع شعبها ومع الإرهاب، وليست مع المغرب. هناك صفحة طواها المغرب منذ استطاع الانتصار في هذه الحرب التي كان يغذّيها في مرحلة معيّنة مجنون اسمه معمّر القذافي.

معركة المغرب من نوع آخر. هذا ما لم يستطع الأمين العام للأمم المتحدة استيعابه بأي شكل. معركته مع الإرهاب والتطرّف. معركة المغرب مع الفقر الذي يولد منه الإرهاب والتطرف ويوفّر حاضنة لهما. معركة المغرب مع تطوير البرامج التعليمية وخلق فرص عمل للشباب المغربي. معركة المغرب في الرهان على الطاقة الشمسية.

جاء بان كي مون إلى المغرب العربي في التوقيت الخطأ من أجل معالجة الملفّ الخطأ. جاء لافتعال قضيّة في حكم المنتهية منذ فترة طويلة. هل مهمّة الأمين العام للأمم المتحدة إحياء قضايا معيّنة طواها الزمن من أجل الإساءة إلى دول معيّنة ليس إلا؟

إذا كان من خدمة يستطيع بان تقديمها إلى الصحراويين، لماذا لا يطلب من الجزائر أن تقيم لهم دولة في أراضيها. كل الجنوب الجزائري مليء بالصحراويين. كل الشريط الممتد من موريتانيا وصولا إلى جنوب السودان، شريط صحراوي. أما لماذا هذا الانحياز إلى الجزائر ضدّ المغرب، فهذا أمر أقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّه في غاية الغرابة.

في الأشهر القليلة الباقية من ولايته الثانية والأخيرة، يجدر بالأمين العام للأمم المتحدة النظر إلى بعيد. لعلّ أوّل ما يفترض به النظر إليه هو كيفية إيجاد إطار إقليمي تتعاون فيه كلّ دول المنطقة، من بينها الجزائر، من أجل مكافحة الإرهاب. المشكلة مرتبطة إلى حدّ كبير بالأراضي الليبية التي صارت مسرحا لـ”داعش” وما شابه “داعش”. المشكلة الموازية في الساحل الصحراوي حيث لا يمكن القول إن الجزائر تلعب دورا إيجابيا في مجال مكافحة الإرهاب. أكثر من ذلك، لم يعد سرّا أن وجود جبهة “بوليساريو”، التي ليست سوى أداة جزائرية، والتي تستخدم المساعدات الدولية لأغراض خاصة بها لا تخدم بأي شكل الصحراويين الأسرى في تندوف.

هل فات بان كي مون هذا الواقع، أم أنّ كل همّه محصور في ضمان بقاء ملف الصحراء مفتوحا، أقلّه نظريا، في غياب القدرة على الاعتراف بأنه صار من الماضي منذ زمن طويل، علما أنّه في حال كان مطلوبا التوصل إلى حلّ نهائي، فإن هذا الحلّ في متناول اليد اليوم قبل غد. إنّه الحل المغربي الذي لا وجود لحل غيره في حال كان المطلوب خدمة المنطقة والاستقرار فيها، بما في ذلك خدمة الجزائر وإخراجها من أزمتها المستعصية.

arabstoday

GMT 21:46 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عربية مهمة برسم القارئ

GMT 05:43 2019 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

أخبار مهمة للقارئ العربي

GMT 03:28 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

ثورة الابتسامة فى الجزائر

GMT 04:24 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وضع حدّ للملهاة الجزائرية…

GMT 04:31 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

الغضب مستمر فى الشارع الجزائرى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بان كي مون في المغرب العربي أو غياب الرؤية بان كي مون في المغرب العربي أو غياب الرؤية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab