بقلم - طارق الشناوي
بدون أن تبذل أى جهد صارت آمال ماهر واحدة من ثلاثة يمتلكون قمة الغناء المصرى، سبقها إلى نفس المكانة شيرين وأنغام، ربما يرى البعض أن آمال فى الرصيد أقل كثيرا من أنغام وشيرين وهذا قطعا حقيقى، كما أن الحضور العربى لشيرين وأنغام أكثر وهذا أيضا حقيقى، ولكن ما يؤهلها لتعويض هذا الفارق أن الأيام القادمة ستلعب لصالحها، فهى تمتلك سلاح (الكاريزما)، القادر على اختصار الزمن، تابعناها فى السنوات الأخيرة، تغيب أكثر مما تحضر، اختياراتها الشخصية فى الحياة تعرقلها، قد تتقدم فنيا خطوة، إلا أنها قد تتأخر فى نفس اللحظة خطوتين.
تابعت حفلها الأخير على سفح الهرم، أنا لا أستطيع التجاوب بسهولة مع العالم الافتراضى، تكوينى الشخصى يرفض أن أحيل المؤقت إلى دائم، المسافة التى تخلقها أداة التشبيه (كأن) تحول بينى وبين الدخول ببساطة إلى هذا العالم، عقلى الواعى يرفض الاندماج الكامل.
االبديل المتاح هو التوقف وبقاء الجميع رهن البيت، ومن لا يرضى بالخوخ فعليه أن يرضى بشرابه، ولهذا أتجرع مرغما شراب الخوخ، ليس من الذكاء أن نرفضها ولكن نتعامل معها، لدينا جميعا أمل أن المؤقت سينتهى قريبا، رغم أن تلك الكلمة (قريبا) غير محددة بدقة زمنيا.
قبل آمال شاهدنا حفلات مماثلة لمنير وأنغام وهما أكثر احترافية فى العمل تحت تلك المظلة الافتراضية، فكانت الحفلات أكثر تواصلا، يبقى لآمال الصوت والحضور، وهو ما يفرض عليها ألا تترك نفسها لما يعرقل المسيرة والمكانة.
كانت آمال فى نهاية التسعينيات مشروع دولة، فى وقت لم تكن فيه الدولة تفكر فى مثل هذه المشروعات، ولكن الإذاعة المصرية بتوجيهات عليا، تبنتها، وصارت ورقة دائمة فى الحفلات الوطنية، مكتشفها الأول صلاح عرام قائد الفرقة الموسيقية الذهبية فهو الذى لعب دور حلقة الوصل مع الإذاعة أولا ثم مع عمار الشريعى ثانيا، كان عمار فى الماضى أحد العازفين فى فرقته، وجد عمار فى آمال (ملمح كلثومى) حرص على تأكيده، وارتبطت عند الناس بهذا الرداء، كما أنه قدم لها بعض الأغنيات الخاصة فى نفس الإطار (عربية يا أرض فلسطين) كنموذج، هو أيضا فى اللحن انتحل شخصية رياض السنباطى حتى تكتمل الحالة الكلثومية، إلا أنها وقبل نحو 15 عاما تحررت من (الكلثمة)، انطلقت لآفاق أرحب وبدأت تستقبلها القلوب كمطربة لها خصوصية، وليست استنساخا لكوكب الشرق، إلا أن الحلو وأيضا الحلم ما يكملش، تعثرت فى مشاكل شخصية، وبددت طاقتها، وانطلقت أخبارها من صفحة الفن لصفحة الحوادث.
عمرها لم يتجاوز الـ35 عاما، وهذا طبعا يفتح أمامها الطريق للقادم، لتعود مجددا للصراع الثلاثى، تستطيع أن تدرك أن أكثر هذا الثالوث ذكاء هى أنغام وهى أيضا أكثرهن رصيدا على المستوى المصرى، بينما شيرين مكانتها العربية أكبر.
عودة آمال ماهر ستمنح الحياة الغنائية قوة دفع وستصبح دافعا إيجابيا لأنغام وشيرين، علينا أن ننتظر، حفلات واقعية أكثر سخونة وحميمية، وفى النهاية سيكسب الوجدان المصرى والعربى.