مات قاسم سليماني شيِّعوا الخمينية

مات قاسم سليماني... شيِّعوا الخمينية

مات قاسم سليماني... شيِّعوا الخمينية

 العرب اليوم -

مات قاسم سليماني شيِّعوا الخمينية

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

قُتل قاسم سليماني... ثلاث كلمات أنجزت، من الأيام الأولى للعشرية الثانية للقرن، تعريف العقد المقبل في الشرق الأوسط. من الصعب تخيل حدث يتجاوز في نتائجه، الأثر الذي سيتركه غياب قاسم سليماني عن المسرح، بل عن المسارح الكثيرة في الشرق الأوسط.
تجاوز الرجل كونه كناية عن الطموح الإيراني الإمبراطوري. لم يعد صورة المشروع وحسب. لا يتعلق الأمر بمنصب أو بصلاحيات أو بالمكانة التي يحتلها الاسم ضمن هرمية السلطة في إيران.
لم يكن الرجل قائداً لمهمة وحسب. كان هو المهمة نفسها... قاسم سليماني هو المشروع نفسه، الذي يلتحم عنده الإمبراطوري من المشروع بالديني والعقائدي. هو المشروع، وهو الخمينية في حالتها القصوى، وما أُردي في بغداد هو المشروع نفسه، داخل إيران قبل أن يكون خارجها.
دقيقاً كان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في استعراض «الأطلس السليماني»، من فلسطين إلى أفغانستان وما بينهما لبنان والعراق وسوريا واليمن... نزق نصر الله أوقعه في فخ الاعتراف بالدور الإيراني المباشر عبر قاسم سليماني في اليمن، وهو ما تثبته كل التقارير الدولية المحترمة وتنفيه كل التصريحات الإيرانية الرسمية...
سيكون لهذا الاعتراف بالدور السليماني معنى خاص في لحظة اغتيال الدور نفسه، الذي قام على نظرية عبقرية لقاسم سليماني، وهي الدمج بين الميليشيات ومؤسسات الدولة في كل دولة من الدول التي طالها الخراب الإيراني، والتي نموذجها التوأمة القاتلة بين «حزب الله» ومؤسسات الدولة اللبنانية أو «الحشد الشعبي» والدولة العراقية.
بين الدول جميعها الفاعلة على خرائط الشرق الأوسط، لإيران ميزة تفاضلية عن غيرها. فهي الدولة الوحيدة الموجودة على كل الجبهات من دون أن تكون موجودة بجيوشها مباشرةً، كتركيا أو روسيا أو الأوروبيين أو أميركا أو السعودية أو الإمارات أو غيرها!
أكثر من ستين ميليشيا عراقية مموّلة ومدرّبة وموالية لإيران تتجمع تحت مظلة «الحشد الشعبي» وحدها في العراق، والتي تم تشريعها وضمها إلى أجهزة الدولة مع احتفاظها باستقلالية عملانية واسعة. في المقابل يتوزع مئات آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا على عشرات الميليشيات الشيعية المماثلة.
لم يكن ذلك ممكناً لولا عبقرية قاسم سليماني وحياكته المحترفة لسجادة الميليشيات المزركشة هذه، كالسجاد البهي الآتي من كرمان، مسقط رأسه. ما قتله دونالد ترمب بقراره هو هذه المدرسة بالذات. هذا الغموض الذي أتاح لإيران أن تكون على كل الجبهات وألا تكون عليها في الوقت نفسه. استهدف ترمب هذا الالتباس في المشروع الإيراني الذي أتاح لطهران هامشاً كبيراً للإنكار. لم يردّ على كتائب «حزب الله» التي حرّضت على المظاهرات أمام السفارة الإيرانية. لم يستهدف «الحشد الشعبي» الذي قاد قادتُه المظاهرات علناً وفي وضح النهار. صدّق التوقيع على جدار سفارته في بغداد: «قائدي قاسم سليماني». وذهب خلف الرجل وقتله.
مقتل سليماني هو إسقاط لهذا الحصن الذي تحصن به الإيرانيون، وبه حصّنوا مشروعهم التوسعي والتخريبي في المنطقة. فلم تعصم الصفة الرسمية الدولتية، قاسم سليماني من المطاردة والقتل، مثله مثل بن لادن أو البغدادي أو أبو مصعب الزرقاوي. وهذا إسقاط استراتيجي لواحدة من قواعد التعامل مع الإرهاب. جزء رئيسي من «اطمئنان» سليماني، هو هذا الغموض بالذات وهذه الصفة الدولتية بالتحديد، وهنا الجديد في قرار تصفيته من قِبل الأميركيين.
قُتل سليماني في نهاية رحلة أتت به من بيروت، حيث التقى نصر الله قائد ميليشيا «حزب الله»، ثم دمشق حيث التقى مَن التقى، ثم بغداد حيث كان في استقباله أبو مهدي المهندس، نائب رئيس ميليشيا «الحشد الشعبي»، والرئيس الفعلي لها.
ماذا يفعل جنرال إيراني بصحبة قائد ميليشيا في دولة أخرى على أرض ليست إيرانية آتياً من اجتماعات مع قادة ميليشيات في دولتين أخريين على الأقل؟
في هذا السياق تتخذ التصفية معناها التجديدي في مسار الحرب على الإرهاب، ويعلن عن دخولنا مرحلة جديدة تماماً.
قتلت إيران رفيق الحريري عبر عصاباتها، كما تنبئنا القرارات الاتهامية للمحكمة الخاصة بلبنان، ولم تعترف باغتياله. في المقابل قتل ترمب رئيس الجهاز الراعي (بالحد الأدنى) لقتلة رفيق الحريري، وعقد مؤتمراً صحافياً تبنى فيه الاغتيال، كما يوم البغدادي أو بن لادن أو الزرقاوي أو اعتقال صدام حسين.
كيف يستوي أن تغتال دولة مسؤولاً في دولة أخرى بهذا اليسر والسهولة ومن دون الخشية من تبعات القانون الدولي أو انعكاس ذلك على العلاقات الدولية؟ القول لأنها أميركا لا يكفي. المسألة أعمق وأجد.
كان هنري كيسنجر يقول إن إيران ثورة وعليها أن تصير دولة. عدل ترمب هذا التوصيف بقرار قتل سليماني. ونقله عبر التنفيذ الواضح والمعلن من دائرة الأكاديمية إلى دائرة السياسة والسياسات. ترمب يقول إن إيران ليست دولة فقط. هي دولة وعصابة في آن. دولة - عصابة إذا صح التعبير... أو عصابة بإمكانات دولة ومواصفات دولة وشرعيات دولة، وإنه بهذه الصفة سيتعامل معها من الآن. المفارقة أن العالم لم يعترض كثيراً. وإنْ اعترض فمن باب رفع العتب.
قاسم سليماني هو الوجه الأخير للمشروع التوسعي الإيراني. واغتياله سيُدرس بوصفه أكثر القرارات عبقرية في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية.
لقد رفع الرئيس الأميركي سقف التحدي في وجه إيران إلى مكان ليس بوسع نظام الملالي ملاقاته عنده. فضح سر ضعفهم. لا عقلانيته المفترضة، عقلنة وستعقلن السياسات الإيرانية أكثر، وهو ما تفصح عنه الردود التي صدرت حتى الآن وآخرها الخطاب الهزيل لنصر الله والذي لا يليق بمن تلقى الكلمات باسمه.
هو كأس سم جديد على إيران أن تتجرعه كما فعل الخميني عام 1988... وستفعل!

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مات قاسم سليماني شيِّعوا الخمينية مات قاسم سليماني شيِّعوا الخمينية



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول

GMT 11:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 21:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab