الكاظمي في حقل الألغام العراقي

الكاظمي في حقل الألغام العراقي

الكاظمي في حقل الألغام العراقي

 العرب اليوم -

الكاظمي في حقل الألغام العراقي

بقلم - خير الله خير الله

في سياق البحث عن قواعد ثابتة تساعد في بناء علاقة مستقبلية ذات طابع صحّي بين البلدين، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي واشنطن والتقى الرئيس دونالد ترامب وكبار المسؤولين فيها. كانت لافتة اجتماعاته بشخصيات بارزة في الكونغرس، بمن في ذلك الديموقراطية نانسي بيلوزي رئيسة مجلس النواب التي تكره ترامب... وترامب يكرهها.

معنى ذلك ان لدى رئيس الوزراء العراقي وعيا لما هي الولايات المتّحدة وكيف تعمل واشنطن من داخل. الإدارة مهمّة، من البيت الأبيض، الى مجلس الامن القومي، الى وزارتي الخارجية والدفاع... الى الأجهزة الأمنية مثل وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. إي). لكن ما لا يمكن تجاهله هو موقع الكونغرس بمجلسيه. يمتلك الكونغرس دورا على صعيد تحديد السياسة الأميركية وتسهيل مهمة الرئيس ووزرائه ومساعديه او عرقلة ذلك. لهذا السبب، نجد ان إسرائيل تركّز على نفوذها في الكونغرس بمقدار ما تركز على البيت الأبيض والـ"سي. أي. إي" وربّما اكثر من ذلك.

الأكيد انّ مهمّة مصطفى الكاظمي لم تكن سهلة، على الرغم مما يبدو انّه تحضير جيّد لزيارته لواشنطن. كشفت الزيارة انّ على الكاظمي القتال على غير جبهة، خصوصا الجبهة الداخلية في العراق. اعادته الزيارة الى المربّع الاوّل وذلك بغض النظر عن الاتفاقات التي توصّل اليها الوفد العراقي مع الاميركيين. ترتدي هذه الاتفاقات اهمّية خاصة نظرا الى انّها لا تقتصر على الوجود العسكري الأميركي في العراق مستقبلا، بل تشمل مجالات أخرى، بما في ذلك الاستثمارات الأميركية في حقول النفط والغاز العراقية والتعليم. لا مستقبل للعراق وللعراقيين من دون العودة الى رفع مستوى التعليم والاستعانة بالخبرات الأميركية والاوروبية بعيدا كلّ البعد عن كلّ ما تحاول فرضه ايران على العراق من اجل انتاج أجيال جديدة من اشباه المتعلّمين، حتّى لا نقول اشباه الامّيين، الذين تسيّرهم الغرائز المذهبية.

هل يمكن استعادة العراق كدولة ذات سيادة قادرة على لعب دور إيجابي في المنطقة بدل ان تكون مجرّد مستعمرة إيرانية؟ طرح هذا السؤال نفسه مجددا، قبل زيارة مصطفى الكاظمي لواشنطن وبعدها وفي اثناءها، خصوصا في اثنائها.

كان لافتا تلك الجرائم التي ارتكبت في العراق بعيد توجّه رئيس الوزراء الى واشنطن. كانت تلك الجرائم رسائل إيرانية الى مصطفى الكاظمي الذي لم يتمكن سابقا من حماية هشام الهاشمي في بغداد في مطلع تموز – يوليو الماضي، ولم يتمكن قبل بضعة ايّام من حماية الدكتورة رهام يعقوب في البصرة. قتل الهاشمي، وهو احد القريبين منه بدم بارد في بغداد. واغتيلت الدكتورة رهام بالطريقة ذاتها في البصرة، فيما كانت مع اربع صديقات لها قضت احداهنّ. ليس أكيدا ان الإجراءات التي يتخذها رئيس الوزراء العراقي ناجعة على الرغم من كلّ النيّات الحسنة التي يظهرها والشجاعة الكبيرة التي تدفع به الى النزول الى الشارع ليرى بنفسه ما يدور على ارض الواقع. فبعد انتهاء زيارته لواشنطن، توجّه مصطفى الكاظمي الى بغداد ومنها مباشرة الى البصرة التي شهدت اضطرابات شملت احراق مقرّ مجلس النوّاب فيها. كان غضب اهل البصرة كبيرا الى درجة لم يوفروا مقرا لحزب موال لإيران الّا وهدموه. شمل ذلك حزب الدعوة، المجلس الأعلى. منظمة بدر، حزب الفضيلة، الخراساني، العصباء، النجباء، حزب الله، انصار الله الاوفياء.

وفي الناصرية، التي انتفضت بدورها، حصل الشيء نفسه. اكثر من ذلك كانت الهتافات المعادية لنوري المالكي وقيس الخزعلي وهادي العامري واضحة كلّ الوضوح وبالاسم.

كان افضل ردّ على الجرائم التي ارتكبت في العراق، ردّ الشعب العراقي نفسه. بات هذا الشعب يعرف تماما انّ المطلوب إيرانيا افشال رئيس الوزراء الحالي، على الرغم من انّه ليس معاديا لـ"الجمهورية الإسلامية"، لكنّه يرفض ان يكون تابعا لها. يبدو واضحا ان ايران ترفض ان يكون في العراق رئيس للوزراء يمتلك هامشا للمناورة. لا يمكن ان تقبل التعاطي مع العراق تعاطي الندّ للندّ. تجهل ان لا مصلحة لها في معاداة العراق والعراقيين والسعي الى اخضاعهم. لم تربح ايران حربها مع العراق بين 1980 و1988، على العكس من ذلك، هناك نوع من الانتصار العراقي تحقّق في تلك الحرب التي قاتل فيها معظم الشيعة العراقيين ايران، خصوصا بعدما سعت الى دخول الأراضي العراقية من جهة الجنوب تحديدا.

سعى مصطفى الكاظمي في واشنطن الى التأسيس لوضع قانوني يحدد في اطاره مستقبل العلاقات الأميركية – العراقية. يشمل ذلك إعادة انتشار للقوات الأميركية في العراق مع جدول زمني محدّد. من الواضح انّه ينطلق من مصلحة العراق والعراقيين اوّلا. ما تنساه ايران في كلّ وقت انّها لم تحقّق انتصارا على العراق. من انتصر على العراق هو اميركا التي اجتاحت البلد بجيوشها ووصلت الى بغداد في التاسع من نيسان – ابريل 2003 وقلبت نظام الحكم... وسلّمت العراق على صحن من فضّة الى شريكها في الحرب، أي الى "الجمهورية الإسلامية" في ايران.

في السنة 2020، تتجاهل ايران البديهيات. تتجاهل اوّلا ان زعماء الميليشيات المذهبية الموالين لها عادوا الى بغداد على ظهر دبّابة أميركية. تتجاهل ثانيا انّها مرفوضة من العراقيين وان اهمّ دليل على ذلك احراق العراقيين القنصلية الإيرانية في النجف ثلاث مرات. تتجاهل أخيرا انّها لم تستطع فرض مرشّحها ليكون رئيسا للوزراء في العراق. تتجاهل انّ قاسم سليماني قتل وان الاميركيين قتلوه في العراق وانّها لم تستطع الردّ على الاميركيين. كلّ ما تستطيعه هو الردّ على العراقيين عن طريق ميليشياتها الموجودة في كلّ مكان، من بغداد... الى البصرة.

عاد مصطفى الكاظمي من واشنطن الى البصرة... بعد توقف قصير في بغداد. عاد عمليا الى حقل الألغام العراقي. هناك مشكلة كبيرة مع ايران، وهناك مشكلة أخرى مع تركيا، وهناك وضع داخلي معقّد الى ابعد حدود. ما قد يخدم رئيس الوزراء العراقي امران. أولهما ان ايران ليست بالقوة التي تعتقدها بعدما تبيّن انهّا ليست سوى نمر من ورق، لكنّها تستطيع فقط استخدام الميليشيات المذهبية التابعة لها استخداما جيّدا. امّا الامر الآخر، فهو ان مصطفى الكاظمي يختلف بعض الشيء عن اسلافه نظرا الى انّه من دون عقد، في ما يبدو. الدليل على ذلك قوله لصحيفة "واشنطن بوست" انّ "ليس هناك ما يدعو الى الحرج في ما يخص العلاقة بالولايات المتحدة. انّه امر يدعو الى الشعور بالفخر"... اين العيب عندما لا يشعر الانسان الطبيعي بالحياء بسبب العلاقة القائمة مع اميركا؟

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاظمي في حقل الألغام العراقي الكاظمي في حقل الألغام العراقي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab