بقلم : د. شهاب المكاحله
لا أدري إن كانت الحكومة الأردنية ترى الضبع فعلاً أم أنها تُصر على التعمية عليه واتباع الأثر؟ في كل يوم، نسمع تصريحات تفيد بتحسن الأداء الاقتصادي والمصادر الخاصة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشير إلى غير ذلك، وليس أدل على ذلك من جولة عامة محايدة للأسواق في كافة المحافظات ولكافة القطاعات لمشاهدة مدن أشباح خاصة مع بدء العام الدراسي.
واليوم أقدم مقترحاً عسى الحكومة الأردنية أن تقرأه أو أن تعمل على تنفيذه في القريب العاجل لأنه لا حل لمشكلة البطالة إلا بالاعتماد على الذات، فزمن المساعدات الخارجية قد ولت إلا إذا كان البعض منا ما زال يعيش الأوهام وبيعها للشعب المسكين.
فإذا افترضنا أن الأردن مساحته 98,000 كلم مربع وعدد سكانه مع الوافدين إليه 9.5 مليون نسمة، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المساحة بالكيلو متر المربع (89,000 X 1000=89 ) مليون دونم، علماً بأن أكثر من 95 بالمائة من تلك المساحة أراضٍ أميرية أو حكومية. فلم لا تمنح الدولة تلك الأراضي للشباب لاستثمارها مع منحهم فترة سماح كما تمنح المستثمر الأجنبي لمدة 10 سنوات بدل أن تبقى تلك الأراضي دون استغلال إلا من قبل بعض المتنفذين الذي يحولون تلك الأراضي إلى أملاك خاصة بهم ويضعون يدهم عليها؟
في العام 2018 ساهم القطاع الزراعي في إسرائيل بمبلغ 3.5 مليار دولار، 2% من الناتج المحلي الإسرائيلي. والأردن الذي يتمتع بنفس طبيعة الأراضي مع شمس ساطعة لمدة 300 يوم في العام لا يستطيع مجاراة إسرائيل علماً بأن معظم ذلك الإنتاج من صحراء النقب.
ماذا يمكن أن تجني الدولة الأردنية من تلك الاستثمارات الأجنبية التي سرعان ما تهرب من البلد بغمضة عين عند اندلاع شرارة المعارك في المنطقة؟ إن منح الشباب الأردني فرصة الاستثمار في تلك الأراضي يعني أن مئات الملايين من الدنانير ستنهال على الخزينة عن طريق طلبات الحصول على رخص البناء، وشق الطرقات وتعبيدها وزراعة تلك المساحات بكافة أنواع الشجر والنباتات على مدار العام. كل ذلك سيضيف إلى خزينة الدولة المزيد من الضرائب بشكل مضطرد. فحين يتحرك القطاع الزراعي تتحرك معه كافات القطاعات المهمة من قطاع صناعي وعقاري أو انشائي. فتتحرك تجارة المواد الخام والبناء وأسواق القطع الكهربائية والسيارات ما يعني الاف فرص العمل للمهندسين العاطلين عن العمل والمزيد من المقاولات والإنشاءات والتطوير في قطاع النقل والمواصلات.
هل هناك في الحكومة من يفعلها ويعمل بهذا الاقتراح؟ إن الأردن في غالبه صحراء ولكن أراضيه تصلح للزراعة إن توفرت المياه والإمكانية البشرية. وهذا يعني أن الأردن سيتحول من دولة صحراوية إلى دولة تكسوها الأشجار في عقد من الزمان.
هذا هو الاستثمار الحقيقي وليس ذلك الذي يعتمد على المستثمر الأجنبي الذي يفرض أجندته على الحكومة قبل أن يضع توقيعه على عقد الاستثمار.
فهل تفعلها الحكومة الأردنية أم أنها ستبقى في برجها العاجي تطالب المستثمرين الأجانب بالاستثمار في الأردن وبيئتنا غير المستقرة وقرارات الحكومات المتعاقبة تنفر المستثمر المحلي وطاردة للأجنبي. فهل تنظر الحكومة إلى هذا المقترح الذي ينهي إلى حد كبير الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من الشباب الأردني؟
أتمنى أن تصل تلك الرسالة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني وأنا على استعداد لإطلاعه على كافة تفاصيل الخطة لإنقاذ الوطن من براثن سوء التخطيط والتعلق بالأوهام.