ما كشفته غزوة حزب الله لجامعة لبنانية عريقة

ما كشفته غزوة "حزب الله" لجامعة لبنانية عريقة...

ما كشفته غزوة "حزب الله" لجامعة لبنانية عريقة...

 العرب اليوم -

ما كشفته غزوة حزب الله لجامعة لبنانية عريقة

خيرالله خيرالله

ترمز الجامعة اليسوعية في بيروت، بين ما ترمز اليه، الى انّها مكان يلتقي فيه لبنانيون من جميع الطوائف والمذاهب والمناطق والفئات الاجتماعية بهدف تحصيل العلم. تكمن أهميّتها في التنوّع وفي انّها مكان يتعرّف فيه الشاب اللبناني على الآخر ويتناقش معه في قضايا سياسية وغير سياسية في ظلّ حدّ ادنى من أجواء الحريّة. لعلّ ابشع ما في غزوة "حزب الله" للجامعة اليسوعية في بيروت، شعور الحزب المذهبي، أوّلا،  بأنّه بات قادرا على فرض هيمنته وطريقة تفكيره وسلوكه، أي منطق السلاح، على أي منطقة لبنانية. يحاول أن يفرض ذلك بغض النظر عن رأي أهل هذه المنطقة أو تلك بسلوكه وعقيدته. انه باختصار نقيض الانفتاح الذي ترمز اليه الجامعة اليسوعية والآباء اليسوعيون المؤسسون لها... كان الحزب، الى مرحلة قريبة دولة داخل الدولة اللبنانية. صار يعتبر نفسه الآن دولة فوق الدولة اللبنانية. ما كشفته الغزوة التي تعرّضت لها الجامعة العريقة الواقعة في منطقة ذات اكثرية مسيحية، لا تبعد كثيرا عن وسط بيروت، أن الميليشيا المذهبية التابعة لايران المسمّاة "حزب الله" حققت اختراقات في غاية الاهمية في كلّ بيروت. كان يمكن اعتبار هذه الاختراقات أمرا ايجابيا لو جاءت بشكل طبيعي وعبرّت عن مزيد من العيش المشترك والتفاعلبين اللبنانيين وتعميق له. المؤسف أن هذه الاختراقات جاءت لتؤكّد أن ايران، عن طريق الحزب، أقامت رؤوس جسور ذات طابع عسكري في كلّ بيروت. يريد الحزب ابلاغ اللبنانيين، عبر غزوة الجامعة اليسوعية، أنّ بيروت مدينة ايرانية على المتوسّط وأنها ليست أكثر من رهينة، وما على اللبنانيين سوى القبول بهذا الواقع الذي لم تنبس تجاهه ببنت شفة  حكومةعلى رأسها نائب سنّي من طرابلس. مرّة اخرى يمتحن "حزب الله" قدرة اللبنانيين على المقاومة. جاء تطويقة للجامعة اليسوعية التي تضمّ مبانيها في تلك المنطقة كلّيات عدة، بينها كلية الحقوق وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكلّية ادارة الاعمال، بمثابة تأكيد للرغبة في ابلاغ المسيحيين، بعد السنّة والدروز، أن لا خيارات كثيرة أمامهم. هناك خيار وحيد اسمه الرضوخ لمشيئة حزب مذهبي يسعى الى تغيير طبيعة النظام اللبناني وحتى طبيعة المجتمع في الوطن الصغير بعد نجاحه في تغيير طبيعة المجتمع الشيعي،  بأكثريته طبعا. فهناك شيعة ما زالوا يرفضون الرضوخ للحزب ويسمّون الاشياء بأسمائها. هؤلاء يضعون الولاء للوطن فوق كلّ ولاء ويعرفون أن لبنان مجموعة أقلّيات وأن كلّ أقلية من هذه الاقليات مسؤولة عن العيش المشترك والمحافظة عليه بدل الاستقواء بالخارج...حتى باتفاق توصّلت اليه ايران مع "الشيطان الاكبر" في شأن برنامجها النووي! ما ارتكبه "حزب الله" من منطلق مذهبي متكلا على اداته المسيحية المتمثلة في تيار النائب ميشال عون، ليس مجرّد اعتداء على جامعة القدّيس يوسف التي تأسست في العام 1875. ما ارتكبه يشكّل ضربة في الصميم الى لبنان. لا يمكن مقارنة هذه الضربة الاّ بغزوة بيروت والجبل في السابع والثامن والتاسع من أيّار- مايو 2008 ثم بالتهديدات الموجهة الى المواطنين العرب كي يقطعوا أيّ علاقة لهمبلبنان واللبنانيين. تمثّل جامعة القديس يوسف التي لديها فروع في أماكن أخرى من لبنان صرحا من صروح العلم في الشرق الاوسط. منها تخرّج كبار رجال القانون ورجال السياسة في البلد. هؤلاء ينتمون الى كلّ الطوائف والمذاهب. لم تميّز الجامعة يوما بين طالب وآخر. الموضوع لا يتعلّق بالرئيس الشهيد بشير الجميّل، خريج كلّية الحقوق في الجامعة، الذي يسعى موتورون الى الاساءة الى صورته والذي اغتيل في العام 1982 لاسباب لا تخفى على أحد. أبرز هذه الاسباب رفضه، بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، الاذعان للاسرائيلي والسوري في الوقت ذاته. لم يسع بشير الجميّل طوال السنوات التي أمضاها في الجامعة الى فرض آرائه على أحد بأي شكل من الاشكال أو وسيلة من الوسائل...باستثناء الحوار. كانت الجامعة اليسوعية، عبر تاريخها، على غرار الجامعة الاميركية، التي تأسست في العام 1866، والجامعات الأخرى في لبنان، مكانا للتنافس السياسي البحت في جوّ راق الى حدّ كبير. لم يرتد هذا التنافس يوما طابعا مذهبيا وطائفيا، بين مسلم ومسيحي، حتى عندما كان هناك خلاف بين اللبنانيين في شأن المقاومة والوجود الفلسطيني المسلّح. كان الخلاف بين يمين ويسار عموما. كان هناك، للاسف، مسيحيون ومسلمون مع المقاومة الفلسطينية مثلا. وكان هناك مسيحيون ومسلمون ضدّها. لم يعطّل ذلك الدروس في الجامعة التي لم تشهد الاّ نادرا صدامات بين طلابها. كانت هذه الصدامات بين أحزاب مسيحية، لأسباب تافهة في معظم الاحيان، وبقيت في اطار حدود معيّنة. تكمن  خطورةما نشهده حاليا أن المطلوب لا يقتصر على جعل الجامعة اليسوعية تشبه كلّ شيء باستثناء الجامعة اليسوعية. المطلوب تحويل الجامعات الى قواعد عسكرية لـ"حزب الله"، أي لايرانوضرب الاسس التي قام عليها لبنان لمصلحة مشروع ذي طابع مذهبي يشبه الى حدّ كبير ما حصل في العراق بعد الاحتلال الاميركي للبلد. انّه احتلال لم يفد سوى ايران وميليشياتها المذهبية المسلحة التي غزت بغداد والبصرة ومدنا أخرى وضربت الاسس المتقدّمة التي عرفت بها جامعات البلد. هل ينجح هذا المشروع؟ لو كان قابلا للنجاح في لبنان لكان اللبنانيون بقوا في بيوتهم بعد تظاهرة الثامن آذار - مارس 2005 بعد التهديدات التي وجهها اليهم وقتذاك الامين العام لـ"حزب الله". لوكان قابلا للنجاح، لما خرج الجيش السوري من لبنان. كذلك، لو كان هذا المشروع قابلا للنجاح لكان لبنان كلّه وقف مع حلف الاقلّيات في المنطقة الذي يروّج له الحزب ومن خلفه ايران. يبدو أن على "حزب الله" اخذ دروس في تاريخ لبنان وتاريخ الجامعات فيه، تاريخ  كلّ جامعاته التي يسعى الى السيطرة عليها الواحدة تلو الاخرى مستخدما اسلوب الاقناع بواسطة السلاح. أي أنّه يمارس كلّ ما يفترض بالطالب الجامعي الابتعاد عنه في حال كان على هذا الطالب أن يكون في مستوى الشهادة التي قد يحصل عليها يوما!  

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما كشفته غزوة حزب الله لجامعة لبنانية عريقة ما كشفته غزوة حزب الله لجامعة لبنانية عريقة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab