حرب «جيدة» رهن الطلب

حرب «جيدة» رهن الطلب

حرب «جيدة» رهن الطلب

 العرب اليوم -

حرب «جيدة» رهن الطلب

بقلم - بكر عويضة

 

رغم أهوال الدمار التي شهدتها، وملايين البشر الذين قضوا على مختلف جبهاتها، خصوصاً المدنيين منهم ومنهن، جرى إعطاء الحرب العالمية الثانية وصف «The Good War». كيف ذلك، وأنّى لحرب ضروس، أتت على كل أخضر ويابس، أن توصف بالجيدة؟ حسناً، الذي أدخل هذا التوصيف إلى أذهان عموم الناس، وربما كُتب التاريخ، هو لويس ستادز تيركل، الكاتب الأميركي، والمؤرخ الراوي، شفهياً، بعض أهم أحداث كوكب الأرض. إنما يمكن الافتراض أن تيركل اقتبس الوصف من كواليس أطراف عايشت تلك الحرب، ولعلها كانت بين الأوساط الفاعلة في مجرياتها. نعم، بالتأكيد، ليس غريباً أن تعطي أوساط المنتصرين، الحرب، وصف «الجيدة»، فكل الذي كان يعنيهم من أمر الحرب، هو أنها آتت أُكُلَها تحت كل سماء حجبت صفاء زُرقتها بظلام سواد دخانها.

من منطلق ما سبق، يجوز القول إن هكذا تصرف ليس بحكر على معسكر الحلفاء المنتصر في الحرب على دول المحور. كلا، لو كُتب النصر للطرف الآخر، لفعل الشيء ذاته. تُرى، في سياق ذلك التوصيف، ألا يمكن القول إن حرب إسرائيل ضد «حماس»، التي اندلع أوارها بهجوم الحركة يوم السابع من الشهر الماضي، على مستعمرات إسرائيلية توصف بأنها «غلاف غزة»، ينطبق عليها وصف «حرب جيدة» لطرفيها المتناحرين؟ بلى، الأرجح أنها كذلك. فهي جيدة لمن هو في وضع بنيامين نتنياهو سياسياً. فالزعيم الليكودي، العائد قبل أسابيع من الحرب إلى الحكم بعد انتخابات نادى برنامجه خلال حملتها باقتلاع «حماس» من جذورها، وكذلك غيرها من الفصائل، خصوصاً «الجهاد الإسلامي»، وجد نفسه يخوض مواجهة مع معظم فئات المجتمع الإسرائيلي العلمانية، التي اتحدت في معركة ضده لإجهاض محاولته الانقلاب على القضاء، تحديداً المحكمة العليا، بعد إدانته بقضايا رشوة وفساد.

ثم، من الواضح، أنها «حرب جيدة»، كذلك، لقيادات «حماس»، وبدرجة أقل قيادات حركة «الجهاد الإسلامي»، تحديداً السادة أعضاء القيادة المقيمين خارج قطاع غزة من كلتا الحركتين. ثمة توضيح ضروري هنا. الفرق ليس في درجة التمسك بالمنهاج العقائدي. كلا، إنما هو في الممارسة. أياً كان الموقف من منهج الحركتين، المنطق يفرض تقدير موقف القيادي الموجود على أرض المعركة، رغم الاختلاف معه، فهو يخوض معاناتها، إلى جانب بسطاء الناس الذين هم وهن وقود نارها، وهو معرض لأن يُقتل معهم أي لحظة، حتى لو ادعت إسرائيل أنهم يختبئون بينهم، ويجعلون منهم «دروعاً بشرية»، كما يزعم الناطقون باسم جيش الحرب الإسرائيلي. أما الممارسون القيادة، وفق حسابات التحالف السياسية، من عواصم في مأمن تام من كل جحيم الحرب، فهي، تكراراً، «جيدة جداً» لهم من منطلق خدمتها لكل ما في أجندات تحالفاتهم، الآنية، وأيضاً المستقبلية.

غداً، الموافق الثاني من الشهر الحالي، يمر قرن وستة أعوام على صدور «إعلان» آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا يومذاك، الذي صار يُعرف باسم «وعد بلفور». يومها، ورد في ذلك «الإعلان» التعهد بتسهيل إقامة «وطن قومي لليهود» في فلسطين، لكنه ربط تحقيق ذلك بشرط عدم المس بحقوق كل الطوائف. إخلال حكومة بلفور ذاته، وكل حكومات بريطانيا التي توالت بعدها، بذلك الشرط تحديداً، كان إيذاناً ببدء سلسلة مآسٍ لم تزل مستمرة حتى يومنا هذا، ولا تبدو لها نهاية في الأفق. تلك المآسي كانت، ولم تزل، نتيجة كل حرب انفجرت بشكل مفاجئ، كما بدا للبسطاء، لأنها كانت رهن طلب المحتاجين إلى «حرب جيدة»، تحقق الأغراض المتوخاة منها، حتى لو احترقت الأرض فوق وتحت بؤساء البشر في كل مناطقها المستعرة بلهيب جمرها. طوبى لكل المكتوين بجحيم الحروب، أياً كان العرق والجنس والدين، فما من حرب جيدة لهم ولهن على الإطلاق.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب «جيدة» رهن الطلب حرب «جيدة» رهن الطلب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab