الجنائية الدولية مساواة متجنية

الجنائية الدولية... مساواة متجنية؟

الجنائية الدولية... مساواة متجنية؟

 العرب اليوم -

الجنائية الدولية مساواة متجنية

بقلم - بكر عويضة

هل تجنت محكمة الجنايات الدولية، إذ ساوت بين «جلاد»، و«ضحية»، عندما قرر كريم خان، المدعي العام للمحكمة، أول من أمس (الاثنين)، إصدار مذكرات استدعاء بحق كل من رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، إضافة إلى ثلاثة قياديين في حركة «حماس»، هم إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، ومحمد دياب إبراهيم المصري، المشهور باسم آخر هو «الضيف»؟ هذا سؤال من نوع الأسئلة التي ربما أقرب إلى فضاء المستحيل من أفق أي واقع، أن تتفق الإجابات بشأنها. ذلك أمر طبيعي وليس بمستغرب، مثلما أن فزع أنصار المعنيين بالقرار، على الضفتين، مُتوقع كذلك. هلع الأنصار، ليس بالضرورة تعبيراً عن قلق المطلوب القبض عليهم تمهيداً لمواجهة قضاء دولي، إذ إن آخر همّ هؤلاء، على الأرجح، ما تصدر مؤسسات دولية، كما هذه المحكمة، أو قرينتها محكمة العدل الدولية، من مذكرات، أو تتخذ من قرارات، فهم مشغولون بالأهم، ألا وهو استمرار حرب تلتهم أخضر الأرض ويابسها، فيما يدفع ثمنها الفادح مدنيون في الجانبين.

ليس من غرابة، ولا من جديد، في تبادل إطلاق صفات «الضحية»، و«الجلاد»، بين كل من حركة «حماس»، أو غيرها من التنظيمات الفلسطينية، وكل ناطق باسم إسرائيل. ثم إن هكذا أمر ليس مقتصراً على الطرفين تحديداً، ففي كل الحروب وفي الصراعات كافة، هناك ضحايا وجلادون، هناك قتلى وقاتلون، أما الاختلاف في شأن اعتراف الجلاد للضحية بهذه الصفة، أو تسليم القاتل لمن قَتل بأنه صاحب الحق، فسوف يبقى قائماً ما بقيت الحروب تشتعل، والصراعات تنفجر، فيُقتل بشر أبرياء، ويُجلد بمختلف أشكال المعاناة أناس من كل الأجناس، بلا ذنب اقترفوه، ولا جُرم ارتكبوه.

في السياق ذاته، مفهوم أن يهب في فزعة الدفاع عن «حماس» ضد ادعاء مدعي الجنائية الدولية على قادتها، الموالون لها من كل الاتجاهات والألوان. وفي الآن نفسه، يمكن توقع فزع أركان حكومة نتنياهو بغرض صد الاتهامات الموجهة إليه وإلى وزير حربها الهمجية، أما اللافت للنظر في فزعة كهذه فهو تدخل إسحق هيرتزوغ، رئيس الدولة، رغم معرفته أن الموقع الذي يشغله هو منصب شرفي، بيد أن المصائب توحد دائماً مواقف الإسرائيليين ومختلف الجاليات اليهودية في العالم، بصرف النظر عن كل الاختلافات القائمة بينهم، مثلما أنها تجدد التعاطف بينهم أولاً، ومعهم ثانياً، في مشارق الأرض ومغاربها. حصل هذا في السابق، ويحصل الآن، وسوف يستمر كلما أحاق بالإسرائيليين خطر داهم، مثل هجوم «طوفان الأقصى»، الذي لم يشهدوا مثله من قبل.

إلى ذلك، الأبعد من مجرد اتهام محكمة دولية تأسست عام 2002 بهدف ملاحقة المتورطين في جرائم الحروب، حيثما وقعت، بأنها ساوت بين «حماس» وإسرائيل، الأبعد والأهم من اتهام كهذا نفخ في صوره الطرفان، بحماسة تكاد تكون متساوية، هو أن التاريخ وثق ما لن يسهل على الطرفين معاً غض النظر عنه تماماً، حتى لو أن المحاكمة ذاتها لم تتحقق. حقاً، سوف يتعين على اليمين الإسرائيلي عموماً، وتيار نتنياهو الليكودي تحديداً، بذل جهد غير عادي لتبييض سجلاتهم، كسياسيين، مما لحق بها من سواد حالك. الحال ذاته ينطبق أيضاً على قادة «حماس» الموجهة إليهم اتهامات الجنائية الدولية، حتى لو بدا لهم، وهذا صحيح إلى حد كبير، أنهم في مأمن تام من احتمال إلقاء القبض عليهم، وبالتالي تسليمهم للمحكمة. مع ذلك، ليس سهلاً أن يغسل قادة «حماس»، الميدانيون ومعهم السياسيون، أيديهم من كامل المسؤولية إزاء الذي حل بشعبهم جراء سياساتهم عموماً، فالمآسي لم تبدأ مع «طوفان الأقصى»، والأغلب أنها لن تنتهي به. محاكمة عموم الناس لساسة الطرفين آتية، وهي الأهم، بالتأكيد.

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 06:15 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 06:04 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

GMT 06:00 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنائية الدولية مساواة متجنية الجنائية الدولية مساواة متجنية



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 20:22 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية
 العرب اليوم - الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab