خلاف أجيال واختلاف سُبل

خلاف أجيال واختلاف سُبل

خلاف أجيال واختلاف سُبل

 العرب اليوم -

خلاف أجيال واختلاف سُبل

بقلم - بكر عويضة

نهاية الأسبوع الماضي، ارتفع صوت دومينيك راب فملأ الأسماع محذراً من أن حكومة بوريس جونسون يمكنها «تمزيق» اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن «بريكست» فوراً. بدورها، كانت ليز تراس، وزيرة الخارجية، أكثر هدوءاً من زميلها نائب رئيس الوزراء في تعقيبها على مفاجأة انتصار حزب «شين فين» الآيرلندي خلال انتخابات الخميس الماضي، فاكتفت الوزيرة بتعبير «تجميد الاتفاق»، رداً على احتمال تجديد السعي إلى توحيد آيرلندا، وهو تلميح صدر عن عدد من قيادات الحزب المنتصر، بينهم ميشيل أونيل، زعيمة الحزب، الذي نشأ كجناح سياسي لتنظيم «الجيش الجمهوري» المسلح، ثم تولى المسؤولية بأكملها بعدما حل الثوار بزعامة جيري أدامز ورفاقه تنظيمهم، وسلموا الدفة لأجيال جديدة.

تعطي التجربة الآيرلندية مثالاً يؤكد أنه إذا أريدَ للعمل السياسي أن يواكب المسيرة الحضارية لأي شعب، وأن يواصل تطوير الأداء، وتجديد الوسائل، فلا مفر من التسليم بضرورة إعطاء أجيال الأمم الشابة فرصتها في القيادة، وفي ابتكار ما يناسبها من أفكار إزاء التعامل مع متطلبات أزمانها. إنما، هل يُفهم من التسليم تماماً بهكذا ضرورة، أن تعطي الأجيال الجديدة نفسها حق تبخيس مكانة الذين سبقوها، سواء بالتقليل من أهمية أدوارهم، أو -وذلك أسوأ بكثير- بالمسارعة إلى الطعن في نزاهتهم الوطنية، وربما التشكيك في تأثيرهم العلمي، لمجرد الخلاف مع رؤاهم السياسية، أو الاختلاف مع اجتهاداتهم في سُبل تحقيق أهداف شعوبهم؟
يمكنني سوق مثالين على ما سبق صادفني كل منهما قبل بضعة أيام. خلاصة أولهما أنني رداً على استفسار صديق من جيلي خلال لقاء لنا عمّا إذا كنتُ أتابع ما يقدم شاب عبر موقع «يوتيوب» من دروس في تفسير القرآن الكريم، أجبت بالاعتذار عن جهلي التام بالأمر، وأضفت أنني لم أسمع باسم الشاب من قبل، لكنني استجبت لاقتراح الصديق، وهو بالتأكيد أعمق اطّلاعاً مني وأكثر متابعة لمواقع عدة على الإنترنت، وإذ أتاح لي الوقت مشاهدة فيديوهات للشاب المعنيّ، فقد لفت انتباهي حرص واضح من جانبه على تقديم نوع من التجديد المتناسب مع روح العصر في شرح النص، لكنه سرعان أيضاً ما صدمني حين أخذ يصوّب سهام نقد جارح، وغير مستند إلى أي أسس بحث علمي، إلى عدد من القامات المشهود لها في التراث الإسلامي، من أمثال الطبري، وابن كثير، وابن الجوزي، وغيرهم، لمجرد أنهم، وفق ما يزعم حضرته، لم يهتموا بجوانب محددة في عدد من آيات الكتاب المبين. بالتأكيد؛ مرفوض مثل هذا التعاطي غير القائم على أساس احترام كبار العلماء الأولين، وهم الذين وضعوا من الأسس ما مكّن ذلك الشاب، وغيره، من الخوض، أساساً، في هذا المجال غير السهل على الإطلاق.
ثاني المثالين يتعلق بمقالتي هنا في «الشرق الأوسط» الأربعاء الماضي. فقد هاتفني صديق أقدّر له كثيراً الاهتمام بما أكتب، والتكرّم أيضاً بإبداء رأي أو تعليق، فذلك موضع ترحيب دائماً. الصديق شاب كذلك، فهو من جيل منتصف الأربعينات، وأيضاً غزير الاطلاع وكثير المتابعة، فاجأني بقوله إن المقالة حفّزته على التنقيب عبر الإنترنت عن أي معلومات تخص الدكتور حيدر عبد الشافي «باعتبار أنه من جماعة أوسلو». لم يغب عن سمعي وقع الاستخفاف بشخص الدكتور حيدر عبد الشافي عند استخدام تعبير «جماعة أوسلو». سارعت أوضّح للشاب أن الرجل لم يكن في عداد الفريق الذي أعد اتفاق أوسلو، وذكّرته بأن ما حصل كان نوعاً من التفاف القائد الفلسطيني ياسر عرفات على كل أشخاص وفد مؤتمر مدريد، بمن فيهم الدكتور عبد الشافي، والدكتورة حنان عشراوي، وصائب عريقات، وغيرهم. بيد أن الصديق الشاب تقبل توضيحي، مشكوراً، ثم سارع إلى وضعهم جميعاً في سلة «جماعة مدريد». بالطبع، واضح أن المقصود هو إقصاء كل من شارك، وشاركت، في مسار عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية بعيداً عن جموع الفلسطينيين، ونبذهم كما لو أنهم مجرد «جماعة»، بصرف النظر عن كون معظمهم من الشخصيات الوازنة فلسطينياً. منطق لستُ أتفق معه، رغم الإقرار بحق أصحابه في التعبير عنه. حين ينتفي الخلاف بشأن الهدف الأساس لأي شعب، فإن ذلك يجب ألا يَحول دون التوافق على مشروعية اختلاف السبل في الوصول إليه. هذا، طبعاً، في حال إخلاص النيّات، وصفاء النفوس. التجربة الآيرلندية تصلح مثالاً للقيادات الفلسطينية يمكنها الإفادة منه، إذا شاءت.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلاف أجيال واختلاف سُبل خلاف أجيال واختلاف سُبل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab