محمد سلماوي
لا يمكن لأى مراقب أن يتصور أنه رغم تلك الضجة التى يفتعلها البعض بسبب زيادة الأسعار، أن دعم الطاقة الذى تسبب فى هذه الزيادة لم يتم إلغاؤه، ذلك أن لتر البنزين رغم هذه الزيادة مازال مدعوماً بـ280 قرشاً، ولتر السولار مازال مدعوماً بـ420 قرشاً.
إن كل ذلك الحديث حول إلغاء الدعم، وما يقال من أن السيسى وعد بعدم الإلغاء ثم بعد الانتخابات قام بإلغائه هو حديث مغلوط، المقصود به فى كثير من الأحيان استغلال معاناة الجماهير التى تسبب فيها جشع البعض وليس قرارات ترشيد الدعم، وذلك وفق خطة واضحة تقف وراءها عناصر إخوانية تصورت أن الفرصة واتتها لتأليب الجماهير ضد النظام.
ولقد كنت فى زيارة لمزرعة أحد الأصدقاء فى طريق القاهرة - الإسكندرية حين تأخر أحد عمال الزراعة فى المجىء للمزرعة، وحين سأله صاحب المزرعة تعلل بأنه فوجئ بزيادة تعريفة المواصلات إلى الضعف، وأنه إزاء تذمر الركاب رفض السائقون الخروج بسياراتهم، وانضم إليه بعض عمال المزرعة الآخرين فى الشكوى من زيادة أسعار المواصلات، وعلى الفور انتهز العامل الفرصة وصاح وسط الحضور: «يا ريتنا ما سمعنا كلامك!.. يا ريتنا ما انتخبناك!»، وعندئذ فوجئنا ببعض العمال ينقضون عليه ويضربونه، فنهرهم صاحب العمل قائلاً إن زميلهم لا يقصد ما يقول، وإنما هو يعبر فقط عن ضجره، فقال العمال: أنت لا تعرفه، إنه ينتمى لجماعة الإخوان وكان مقاطعاً للانتخابات ولم ينتخب أحداً، هو فقط يريد تهييج العمال، فطرده صاحب العمل فى نفس اللحظة قائلاً إنه لا يريد مثل هذه العناصر المخربة داخل مزرعته.
إن الحقيقة التى لا ينبغى أن تغيب عنا هى أن هناك بعض أصحاب النفوس الجشعة التى استغلت تخفيض قيمة الدعم التى كانت تذهب لغير المستحقين حتى تضاعف قيمة سلعتها بما يزيد على الزيادة المستحقة، كما أن هناك عناصر إخوانية وغير إخوانية تستغل شكوى المواطنين لنشر دعاوى من نوعية «ياريتنا ما انتخبناك»، و«وعدنا بعدم إلغاء الدعم ثم ألغاه»... إلخ.
لكن الحقيقة التى لا ينبغى أن تغيب عنا هى الأخرى تتعلق بدور الحكومة، فلا يكفى أن يتخذ رئيس الجمهورية قراراً صائباً طال انتظاره، وإنما على الحكومة أن تقوم بدورها فى سلامة تطبيق هذه القرارات بحيث لا تأتى بعكس النتائج المتوقعة، فلاشك أن نتائج القرارات الأخيرة ستصب فى صالح الجماهير، لكن من غير المقبول ألا يتم تحضير المواطنين لها بالقدر الذى يحول دون إحساسهم بالغبن، وبأن القرارات قد أضرت بهم.
إن على الحكومة مهمة عسيرة فى العمل من أجل تقبل المواطنين القرارات الأخيرة، وكل شكوى من مواطن إن لم تكن صادرة لأغراض سياسية هى تأكيد على أن الحكومة مازال عليها الكثير لتقوم به من أجل تقبل المواطنين قرارات شجاعة ومصيرية ستنقذ أبناءنا وأحفادنا من كارثة محققة.