طريق إلى الشمس

طريق إلى الشمس

طريق إلى الشمس

 العرب اليوم -

طريق إلى الشمس

بقلم - محمد سلماوي

لجريدة «المصرى اليوم» في نفسى مكانة خاصة، ليس فقط لأننى عاصرتها منذ بداية إنشائها، ولكن أيضا لأننى عرفتها من مختلف جوانبها، حيث تعددت وتنوعت علاقتى بها، من كاتب زاوية أسبوعية ساخرة إلى كاتب عمود يومى، ومن رئيس مجلس التحرير بها إلى مؤسس ورئيس مجلس أمنائها، لكنى كنت قبل ذلك كله وبعده قارئها اليومى المثابر أياً ما كان موقعى بها.

ومازلت أذكر منذ أكثر من ١٥ عاماً يوم عرض علىّ الصديق العزيز صلاح دياب أنه يفكر في إصدار جريدة فشجعته على ذلك قائلاً له إن السوق الصحفية تتطلع إلى نوعية جديدة من الصحافة بعد أن بدأ القراء يسأمون من الصحافة القومية الرتيبة التي لم تتطور منذ عشرات السنوات، فإذا نجحت الجريدة التي تريد إصدارها في تقديم صحافة جديدة مغايرة فإن أمامها الآفاق مفتوحة واسعة لتحقيق نجاح كبير ربما نافست به الصحف القومية الراسخة.

كان معنا يومها الزميل الكبير والصديق العزيز صلاح منتصر، وكان رأى صلاح مختلفاً، فقد كان يرى أن إصدار جريدة مستقلة في ظل الأوضاع الصحفية والسياسية التي كانت قائمة آنذاك هو مغامرة محفوفة بالمخاطر، وأنها لابد ستجلب على صاحبها من المتاعب ما هو الآن في منأى منه، فالجريدة الجديدة لكى تكون ناجحة يجب أن تتعرض للقضايا الحقيقية التي تشغل بال الناس، وللمشاكل التي يعانون منها، وهذا سيضع الجريدة بالضرورة في مواجهة مع السلطة، والسلطة ستجد في المشروعات الاقتصادية لصلاح دياب ما يمكنها من الضغط عليه أو إصابته بالضرر حتى تقلم أظافر جريدته أو تسكتها.

كان اللقاء في منزل صلاح دياب بمنيل شيحا، تلك الناحية التي لم يكن أحد قبله قد فكر في أن يسكنها، وسط بيوت الفلاحين وغيطان الزراعة الممتدة على النيل، فقلت له: لقد استطعت ��روح المغامرة التي تسكنك أن تَخَلَّق من هذا المكان موقعاً فريداً لا يملك مثله أحد، فبينما زحف بقية الناس مثل القطعان إلى الصحراء ليسكنوا المنتجعات الجديدة التي أقيمت هناك، والتى لا يختلف أحدها عن الآخر، مشيت أنت في الطريق المعاكس وفزت عليهم جميعا بهذا المشهد الفريد الذي يحيط بنا الآن على نيل مصر الخالد ووسط الخضرة الغناء، وبهذه الروح أنا واثق أن مشروعك الصحفى سيجد لنفسه هو الآخر مكاناً فريداً وسط الصحف القائمة الآن.

والحقيقة أن ما قلناه أنا وصلاح منتصر في ذلك اليوم قد تحقق بالفعل رغم ما بدا يومها من تعارض صارخ بين الرأيين، فقد تمكنت «المصرى اليوم» بالفعل من أن تقتنص لنفسها مكاناً فريداً وسط بقية الصحف المصرية، وهو المكان الذي مازالت تحتله حتى الآن، مما جلب على صاحبها من المتاعب ما أضر ضرراً بالغاً بأعماله ووصل به إلى حد الاعتقال.

لقد استطاعت «المصرى اليوم» على مدى ١٥ عاماً من أن تنحت لنفسها مكاناً في نفس القارئ جعله لا يستغنى عنها سواء في ظل حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، أو في خضم الثورة وما أعقبها من تقلبات، أو في ظل حكم الإخوان، أو بعد أن استقرت الأوضاع في أعقاب ثورة ٣٠ يونيو، فطوال تلك الفترات المختلفة الواحدة عن الأخرى، كانت «المصرى اليوم» هي المعبر الحقيقى عن نبض الشارع المصرى، وقد شاهدت أبناء الشعب الذين نزلوا إلى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير وهم يحملون لافتات لصقوا عليها الصفحة الأولى من «المصرى اليوم»، لأنهم وجدوا فيها أفضل تعبير عما يريدون الهتاف به والمطالبة بتحقيقه. وقد ظهرت بعد «المصرى اليوم» صحف أخرى مستقلة والحقيقة أن بعضها تفوق صحفياً على «المصرى اليوم» لكن تلك الأخيرة ظل لها مكانها الخاص في نفس القارئ لأنها عبّرت عنه في كل الأزمات التي مرت على البلاد، ومازالت تعبر عنه بأفضل من أي من الصحف المستقلة الأخرى، لذلك لم يدانيها أحد منها في توزيعها، أي في إقبال القارئ عليها.

ومن خلال معايشتى لـ«المصرى اليوم» على مدى السنوات الماضية، أستطيع أن أؤكد أن قاعدة الانطلاق التي انطلق منها هذا النجاح، هو ما تنبهت إليه الجريدة قبل أن تطالب به الثورة، وهو إفساح المجال لجيل جديد من الشباب ليعبر عن رؤية جديدة لبلاده وليتعامل بشكل مختلف مع معطياتها، وذلك بعد أن تكلّس الفكر القديم طوال العقود السابقة في قوالب جامدة يصعب كسرها، لكن «المصرى اليوم» كسرتها بكتائب الشباب العاملين بها، وبقياداتها التي كانت هي الأخرى من الشباب، وباستعداد مالكها للسير وراء قوة الدفع الذاتى التي ولدتها قوة الشباب داخل الجريدة، مطالباً فقط بأن تظل الجريدة ليبرالية الاتجاه تسمح بالتعبير عن جميع الأفكار دون مصادرة، وقد تضافرت كل تلك العوامل فشكلت منظومة جديدة فتحت طريقاً جديداً وسط الغابة الصحفية التي كانت أشجارها الكثيفة قد سدت منافذ الشمس.. نعم لقد فتحت «المصرى اليوم» الطريق واسعاً ومنيراً لتعبر منه آمال وآلام الجماهير إلى ضوء الشمس، طوال ١٥ عاماً، ووسط جميع الظروف، وتحت جميع الأنظمة.

 المصدر :جريدة المصرى اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق إلى الشمس طريق إلى الشمس



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 20:38 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل
 العرب اليوم - شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%

GMT 12:23 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالنسيا في شرق إسبانيا إلى 205
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab