محمد سلماوي
لم يكن السيسى مطالباً بتقديم برنامج سياسى، فقد تم انتخابه وأكدت أغلبية ساحقة من الشعب أنها تريده رئيساً بعد أن وجدت فيه القائد الذي لبى طلب الملايين وفعل الإرادة الشعبية التي عبرت عن نفسها في ثورة 30 يونيو.
لكنه مع ذلك اختار في خطابه بقصر القبة أن يقدم برنامجاً متكاملاً يقوم على رؤية واضحة لإعادة بناء الدولة واستعادة هيبتها وإعمال دورها على الساحة الإقليمية والدولية، وربما كان في ذلك منطق سديد لا يمكن تجاهله، فالبرنامج قبل الانتخاب- كما ثبت في حالة الرئيس السابق محمد مرسى- قد لا يعدو كونه جزءاً من حملة انتخابية هدفها الترويج للمرشح، لذلك وجدنا كل الوعود التي جاءت على لسان مرشح الإخوان تبخرت تماماً بعد أن جلس على مقعد السلطة، ولم تبدأ معالم النهضة التي تحدث عنها في الظهور طوال السنة التي قضاها في الحكم، بل لقد وجدنا من قيادات الإخوان من خرج علينا يقول إنه لم يكن هناك برنامج للنهضة أصلا، وإن المسألة لا تعدو كونها سوء تفاهم من جانب الصحافة والإعلام.
أما بعد الانتخاب وتولى المرشح مقاليد الحكم فإن كلامه يتخطى الدعاية الانتخابية لأن يصبح برنامج عمل يحدد للشعب الطريق الذي سيسير عليه الرئيس والهدف الذي يتجه نحوه.
ولقد قدم السيسى أمام ممثلى الشعب من رجال السياسة والمثقفين وممثلى التجمعات الفئوية والشخصيات العامة، وعلى مدى ساعة كاملة برنامج عمل للسنوات الأربع القادمة تعرض فيه لجميع جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، كما تعرض للحريات وللسياسة الخارجية، وجاء حديثه واضحاً محدداً في كل من هذه المجالات، سواء كان حديثه عن التعليم أو عن المشاريع الاقتصادية الكبرى أو عن إعادة رسم خريطة البلاد من خلال ممر التنمية.
لقد كان يوم 8 يونيو يوماً حافلاً سيظل خالداً في الذاكرة منذ بدأ بحلف اليمين في المحكمة الدستورية العليا، إلى توقيع وثيقة تسلم السلطة بقصر الاتحادية، لكنه وصل إلى ذروته عند الناس بهذا الخطاب المهم الذي ألقاه الرئيس المنتخب على جمهوره المصرى بقصر القبة.
إننى أدعو لأن يتم طبع هذا الخطاب في كتيب يتداوله الناس كى يصبح دليلاً للعمل في المرحلة المقبلة يحدد لكل منا مجال إسهامه في البرنامج الطموح الذي تضمنه، ويتيح لنا أن نحاسب بمقتضاه الرئيس، فالديمقراطية لا تقوم إلا على المسؤولية والمحاسبة.