محمد سلماوي
قلت لسفير الدولة الأوروبية الكبرى: آسف لن أحضر حفل عيدكم القومى، رغم أننى ليس لدىّ ارتباط آخر، فقد كان يوم الأحد الماضى بمثابة عيد قومى لكل المصريين شاهدوا خلاله على شاشات التليفزيون أول انتقال سلمى للسلطة فى تاريخنا الحديث، وتابعوا قدوم الوفود الدولية للتهنئة، وأعلن فيه الرئيس المنتخب برنامجا متكاملا للعمل فى السنوات الأربع القادمة، وخرج الناس إلى الشوارع والميادين يرقصون ويغنون، ابتهاجا بتلك المناسبة التى غبتم عنها تماما.
قال السفير: لقد تم تمثيلنا عن طريق مبعوث الاتحاد الأوروبى الذى حضر المناسبة، قلت: لقد وجهت الدعوة للاتحاد الأوروبى لتمثيل الدول الأوروبية، ولم توجه لكم الدعوة فرادى كما حدث مع الدول العربية والأفريقية، والحقيقة أن التمثيل الأوروبى عن طريق المسؤول اليونانى الذى حضر جاء أقل من المتوقع، لكن هذه ليست القضية، فقد وُجهت الدعوة الرسمية للأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن، وكان التمثيل الروسى على مستوى عال، حيث حضر رئيس «الدوما» البرلمان، وهو التالى مباشرة فى الترتيب البروتوكولى للرئيس، وأرسلت الولايات المتحدة مندوباً على مستوى أقل هو مستشار وزير الخارجية، كما حرصت الصين على إرسال وفد هى الأخرى، لكنكم لم ترسلوا أحداً.
قال: لقد أرسلت حكومتنا برقية تهنئة، قلت: إذن سأطلب من كل أصدقائى ومعارفى الذين يُدعون سنويا لعيدكم القومى إرسال برقيات تهنئة لكم، وعدم الذهاب إلى السفارة حتى يجىء احتفالكم خاوياً.
ضحك السفير وكأننى كنت أمزح معه، فقلت له: تلك ليست مزحة، فالناس فى مصر مستاءة بالفعل لما حدث، وقد تحول التقاليد الدبلوماسية دون معاتبتكم رسمياً، لكن يجب أن تعلم أن المواطنين الذين تابعوا المراسم بكثير من الفخر والاعتزار، باتوا يعرفون الآن من هم أصدقاء الشعب المصرى الذين يقفون معه فى الشدائد ويشاركونه فى الأفراح، ومن هم الذين يتشدقون بالديمقراطية وتداول الحكم والانتقال السلمى للسلطة، ثم إذا طُبق ذلك على غير هواهم ومع غير حلفائهم الذين رفضهم الشعب أداروا ظهورهم له وكأنه لم يحدث.
ثم قلت للسفير قبل أن أتركه: إن واجبك كسفير يحتم عليك أن تنقل غضب الشعب المصرى إلى حكومتكم، وأهم من ذلك أن تنقل أنه رغم تحفظاتكم التى سئمها الناس حول أن ما حدث فى مصر انقلاب، وأنه ينبغى إجراء مصالحة مع من يقتلون أبناءنا ويفجرون منشآتنا، فإن الشعب المصرى فى حالة ابتهاج وسرور، وإن الناس ترقص فى الشوارع فرحاً، وإنها فى ذلك لا تكثرث كثيراً لتحفظاتكم.