محمد سلماوي
ما من شك أن كل من انتخب المشير عبدالفتاح السيسى فعل ذلك أملاً فى أن تبدأ البلاد صفحة جديدة على كل المستويات، فقد سئمت الناس الأوضاع القائمة، ولا أحد يتصور أن يكون مجىء السيسى استمرارا لما هو قائم، بل من الضرورى أن يكون تغييرا شاملا ينهى حالة الفوضى التسيب القائمة منذ بداية الثورة، وحالة التردى التى أوجدها حكم الرئيس محمد مرسى، وذلك على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
لكنى أتصور أن أكبر تغيير يتطلع إليه الناس هو المصالحة السياسية التى تمكننا من التركيز على عملية البناء التى تأخرت كثيرا، ففيما عدا من اختاروا العنف والإرهاب بديلا عن العمل السياسى، فليس هناك من مبرر لأن يصل الخلاف مع الآراء المعارضة الأخرى إلى نفس الأبعاد التى يصل إليها خلافنا مع الإرهاب.
لقد اختار أتباع الإرهاب أن يخرجوا أنفسهم من العملية السياسية فلجأوا للعنف والإرهاب، وقاطعوا الانتخابات، وكان هذا اختيارهم الذى لم يرغمهم عليه أحد، لكن المعارضين من الشباب والنشطاء السياسيين - مهما اتسم أداؤهم ببعض الشطط وبكثير من المراهقة السياسية - فالتعامل مهم يجب أن يختلف عن تعاملنا مع العنف والإرهاب، فالعنف والإرهاب جريمة تتصدى لها أجهزة الأمن، أما المعارضة السياسية مهما تجاوزت فلا يجب أن يكون تعاملنا معها عن طريق أجهزة الأمن، وإنما يجب أن يكون تعاملا سياسيا يتسم بالرشاد وبالحكمة.
لقد تخطى بعض النشطاء من الشباب حدود التعبير عن الرأى إلى خرق القانون، لكن تلك كانت طريقتهم فى التعبير عن رفضهم ذلك القانون، وهو قانون التظاهر الذى قد نتفق أو نختلف عليه، فهذا حقنا جميعاً، ولا شك أن التعبير عن رفضهم بهذا الشكل هو خروج على القانون، لكن أن يجد هؤلاء الشباب أنفسهم فى النهاية فى نفس الزنزانة مع الإرهابيين الذين يقتلون أبناءنا، ويعتدون على منشآتنا، ويفجرون القنابل فى أماكن تجمعنا، فهو ما يحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم لسياساتنا الأمنية.
إن ما نتطلع إليه مع بداية تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أن نطوى صفحة الماضى، ونبدأ صفحة جديدة تقوم على المصالحة مع أبنائنا، مهما كانوا قد ضلوا الطريق.