محمد سلماوي
اتصل بى السيد عمرو موسى مبدياً ترحيبه بما كتبته فى هذا المكان، أمس، حول ما طرحه الأستاذ محمد حسنين هيكل فى حديثه التليفزيونى الأخير حول مفهوم القوة السائلة التى يملكها العرب فى مقابل القوة الصلبة والقوة الناعمة، وقال إننا يجب أن نرتقى بمستوى النقاش العام لنناقش مثل هذه الأفكار مناقشة جادة تفيد الناس بدلاً من ذلك الهجوم الرخيص الذى يتعرض له كل من يطرح جديداً، وهو ما يعبر عن عجز فكرى يهبط بالحوار العام ولا يفيد المواطن فى شىء.
قال السيد عمرو موسى: «من هذا المنطلق اسمح لى أن أبدى رأيى فى النظرية التى طرحها الأستاذ هيكل، حسب ما قرأته فى عمودك، فلاشك أن العرب، أو فلنقل بعض العرب يمتلكون أموالاً كثيرة، أو موارد طبيعية كبيرة كالبترول أو الغاز تدر عليهم المال، لكنى أجد صعوبة فى تصوير هذه الأموال على أنها قوة فى حد ذاتها، فهى فى الحقيقة أداة يمكن استخدامها فى تدعيم القوى الأخرى، سواء كانت صلبة أو ناعمة، لكنها ليست قوة قائمة بذاتها تؤثر فى الأحداث أو تغير اتجاهها كما تستطيع القوى الأخرى، فلم نسمع أن هذا المال غيّر مواقف دولية مثلاً أو ساهم فى تشكيل الأحداث بشكل أو آخر».
قلت: إن ما فهمته من حديث الأستاذ هيكل هو أن السبب فى عدم تأثير القوة السائلة هو أنها حتى الآن مشتتة، لذا فهى تتبدد بسرعة، وهو يرى أنها يجب أن تخضع لمركز تحكم يوجه اتجاهها فى مسار واضح يصل لنتيجة محددة، وعندئذ سيكون لها تأثير، وقد ذكر الأستاذ هيكل، على سبيل المثال، دور المال العربى فى تمويل الحملة الانتخابية للرئيس جاك شيراك فى فرنسا، فقال السيد عمرو موسى: «لقد كان ذلك بسبب علاقة شخصية جمعت بين المرحوم رفيق الحريرى وشيراك، ولست متأكداً أننا نستطيع أن نقول إن مساهمة الحريرى فى تمويل الحملة الانتخابية لشيراك هى التى أنجحته».
وأنهى السيد عمرو موسى حديثه قائلاً: «ومع ذلك فأنا على استعداد لأن أستمع إلى وجهة النظر الأخرى، فمثل هذا النقاش الموضوعى يليق بقيمة ما يُطرح من أفكار جادة، ويا ليتنا نركز فى المرحلة المقبلة على مناقشة مثل هذه الأفكار حول مستقبلنا بدلاً من القذف والسباب من ناحية، وأحاديث الجن والإلحاد من ناحية أخرى».