محمد سلماوي
السادة الأعزاء أعضاء جماعة الإخوان، ومن ورائهم كل أتباع جماعات ما يسمى الإسلام السياسى، هنيئا لكم البرلمان القادم، فهو سيكون من نصيبكم تشكلون به أغلبية واضحة، وسط هذا التشرذم القائم الآن بين الاتجاهات السياسية المدنية التى لم تتعلم من دروس الماضى شيئاً.
فمع اقتراب الإعلان فى الشهر القادم عن بدء إجراءات الانتخابات البرلمانية المقبلة بدأت الاتجاهات المدنية بأحزابها وتياراتها وقياداتها تعلن ليس عن تحالفها، وإنما عن تحالفاتها المتعددة، ومع زيادة عدد هذه التحالفات بدأت الحرب المعتادة فيما بينها، فوجدنا التحالف الذى يعلن أعضاؤه أنهم لن ينضموا للتحالف الآخر، ووجدنا القيادات التى تهاجم القيادات الأخرى، وصارت عندنا مجموعة من التحالفات تضمن للاتجاهات الإسلامية التى عادة ما تتوحد فى وقت الشدة أن تكون لها الغلبة فى مقابل ذلك التشتت المدنى المعتاد.
ولقد كانت تلك هى الغلطة القاتلة فى انتخابات الرئاسة عام 2012، حيث توحد أتباع الإسلام السياسى وراء مرشح واحد، بينما وجدنا على الجانب الآخر بقية المرشحين الـ13 الذين رفض كل منهم إجراء أى تحالفات انتخابية لتوحيد الصفوف فى مواجهة خطر ماثل أمام الجميع، وقد أفاض الجميع بعد انتهاء الانتخابات فى حصر الأصوات التى ذهبت لمرشحى التيار المدنى، مجمعين، وفى بيان، أنها فاقت بكثير ما ذهب إلى مرشح الإخوان الذى أيده فى النهاية كل أتباع الإسلام السياسى، بالإضافة لبعض المتشدقين بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعداء لما سمى حكم العسكر، بينما تفرقت أصوات من يؤمنون بالحكم المدنى، حيث مثلهم أكثر من عشرة مرشحين فى الدورة الأولى.
لقد تسبب هذا الوضع فى أن وصلت البلاد لما وصلت إليه وسيطر الإخوان على مقدراتها طوال عام كامل أدى إلى حالة من التردى لم نشهدها من قبل، فهل من المعقول بعد ذلك كله أن نعيد المأساة مرة أخرى، بدلا من أن نعى الدرس ونعتذر عما سببناه للبلاد من ضرر؟
إن المأساة هذه المرة ستكون أشد وطأة من سابقتها لأن البرلمان الجديد وفق الدستور، هو المنوط به تشكيل الحكومة من الأكثرية البرلمانية، كما أن الحكومة الجديدة سيكون لها دور أكبر فى وضع السياسة العامة للدولة حسب ما نص عليه الدستور أيضاً، فهل نعى الدرس وندخل الانتخابات هذه المرة بروح جديدة؟!