أحمد السيد النجار
تشهد مصر في الوقت الراهن جدلا صاخبا حول فرض ضريبة علي صافي الأرباح في البورصة. ولم يتوقف الأمر عند الجدل بل أتبعته البورصة بموجات كبيرة لبيع الأسهم أسفرت عن انخفاضات كبيرة في أسعارها كنوع من الضغط علي الدولة لتتراجع عن تلك الضريبة المعمول بها في الدول الرأسمالية المتقدمة وغالبية الدول النامية، والتي كان صندوق النقد الدولي نفسه والذي يعد الظهير والمناصر للرأسمالية، يطالب بتطبيقها ضمن سلة إجراءات إصلاح الاقتصاد المصري.
لكن الحكومات المتعاقبة كانت تأخذ من توصيات صندوق النقد الدولي ما يؤذي الفقراء وترفض الإجراءات التي تمس الأثرياء والرأسمالية الكبيرة، كتجسيد للانحياز الاجتماعي الفج لمصلحتهم علي حساب المجتمع.
وكانت موجة أخري من الجدل قد سبقت الجدل العام الراهن بشأن رفع معدل ضريبة الدخل علي من تتجاوز دخولهم مليون جنيه في العام إلي 30% بدلا من 25%. ويتسم جانب مهم من هذا الجدل بأنه ينطلق من موقع المصلحة المباشرة بصورة فجة غير معنية بالمصلحة العامة. لكن بالتأكيد هناك مساهمات عامة بشأن هذه القضية، انطلقت من ضرورات إصلاح النظام الضريبي وتفعيله كآلية لتمويل المالية العامة ولتحقيق العدالة الاجتماعية.
واللافت أن بعض الإعلاميين في القنوات الخاصة نصبوا أنفسهم «خبراء» في قضية الضرائب وشاركوا في الهجوم علي التعديلات الضريبية. ولم يكن ذلك دفاعا عن مصلحة مالكي قنواتهم وفقط، ولكن وبالأساس دفاعا عن مصالحهم الشخصية، لأنهم ضمن الفئة التي يتجاوز دخل الفرد فيها المليون جنيه سنويا. كما أن العديد منهم يدخل ضمن مالكي الأسهم في إطار فوضي المعايير المهنية بالذات في مجال الإعلام.
وحتي يمكن بناء أي موقف من هذه القضية علي أسس موضوعية لابد من تناول التعديلات الضريبية والنماذج المناظرة لها عالميا، وتناول قانون الضرائب إجمالا ومواطن القوة والإيجابية فيه، ومواطن الضعف التي تحتاج مصر لمعالجتها وهي تبني نظامها الجديد.
لا خضوع للابتزاز
من المهم التوضيح في البداية أن التراجعات الابتزازية في البورصة ينبغي ألا تهز شعرة من صانع القرار، فالأسهم المدرجة في البورصة، هي أسهم لشركات قائمة فعلا ومستمرة في العمل وهو ما يهم أي اقتصاد وأي صانع قرار. أما الارتفاعات والانخفاضات لأسعار الأسهم المدرجة في البورصة، فهي في النهاية نتاج لعمليات تجارية، وقد تكون حركة أسعار الأسهم مؤسسة علي تغيرات حقيقية في أداء الشركات التي يتم تداول أسهمها، أو قد تكون نتيجة لعوامل معنوية أو مخاوف بشأن التغيرات في السياسات المالية والنقدية، أو التغيرات في البيئة المالية الدولية. لكن في كل الأحوال، فإنه مادام الأصل أي المشروع الذي يتم تداول أسهمه باقيا ويعمل، فإن كل ما يجري في البورصة هو عمليات تجارية تدخل ضمن الاقتصاد الرمزي، ولا تؤثر فعليا علي الاقتصاد الحقيقي الذي يهم الدولة والشعب.
وبداية تعتبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة بكل أشكالها هى المصدر الرئيسى للإيرادات العامة للدولة. وهى بالتالى الممول الأساسى للإنفاق العام على الصحة والتعليم والدفاع والأمن والبنية الأساسية من طرق واتصالات ومحطات للمياه والصرف والكهرباء والدعم السلعى ودعم المصدرين والتحويلات الاجتماعية للفقراء لتحقيق السلام الاجتماعى وغيرها من أوجه الإنفاق العام. وهذه الضرائب هى نموذج لتمويل الشعب للحكومة والدولة. وكلما زاد عدد الشرائح الضريبية واتسم المعدل الضريبى بالتصاعد اتساقا مع مستويات دخول الممولين، وكلما كانت الغلبة للضرائب المباشرة، فإن النظام الضريبى يكون عادلا نسبيا، والكثير من الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية تعمل وفقا لهذا النموذج سواء لتحقيق العدالة الاجتماعية عند البعض، أو لتوفير التمويل الضرورى للإنفاق العام عند البعض الآخر، أو للسببين معا.
وفى مصر استمر نظام الضرائب بعد ثورة 25 يناير 2011 وموجتها الهائلة فى 30 يونيو 2013، علامة رئيسية من علامات استمرار سياسات عصر الرئيس المخلوع مبارك. وهى علامة تتسم بالظلم والتحيز الاجتماعى ضد الفقراء والطبقة الوسطي، والانحياز للأثرياء وللأنشطة الطفيلية وللرأسمالية الطفيلية الأجنبية على حساب مصلحة الوطن. وكان استمرار ذلك النظام الضريبى بكل اختلالاته موضعا للتساؤل من كل من ثاروا على الظلم الاجتماعى الذى كرسه النظام الضريبى الذى وضعه نظام مبارك عام 2005.
وتمثلت أبرز علامات الاختلال فى النظام الضريبى فى جمود حد الإعفاء الضريبى بصورة لا تراعى ارتفاعات الأسعار وما تؤدى إليه من تآكل القدرة الشرائية لحد الإعفاء الموروث من عام 2005، بما جعل الفقراء مضطرين لدفع الضرائب. كذلك فإن اتساع مدى الشرائح الضريبية يجعل أناسا ينتمون لشرائح دخلية متباينة تماما يدفعون نفس المعدل الضريبي. كما أن الشريحة العليا التى بلغت 25% على من يزيد دخله على 250 ألف جنيه سنويا، وتمت مؤخرا إضافة شريحة أخرى لمن يزيد دخله السنوى على مليون جنيه ليصل معدل ضريبة الدخل عليه إلى 30%.. تبقى أقل كثيرا من المتوسط العالمى ومن المعدلات المعمول بها فى بلدان رأسمالية متقدمة ونامية وجاذبة للاستثمارات. كما أن الضرائب على الشركات موحدة عند معدل واحد هو 25% مهما كان حجم وربح الشركة وهو منطق يظلم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما تمثلت الاختلالات فى عدم وجود أى ضرية على المكاسب الرأسمالية، أو على استنزاف الثروات الناضبة مثل النفط والغاز والذهب والأسمنت والرمل الزجاجى والفوسفات والحديد والتلك وغيرها من الخامات المعدنية والمحجرية.
وإزاء تلك الاختلالات فإن كل ما تم بعد ثورة 25 يناير العظيمة بشأن قانون الضرائب، هو مجرد ترقيع لثوب مهلهل، حتى جاءت الإجراءات والتعديلات الأخيرة لتشير إلى أول محاولة جادة للخروج من صندوق السياسات المالية لعصر مبارك بكل ما عبرت عنه من ظلم وفساد.
وكان نظام مبارك قد أقر فى عام 2005، نظاما ضريبيا يعفى من يبلغ دخلهم السنوى الشامل 9 آلاف جنيه، ويفرض ضريبة قدرها 10% على من يتجاوز دخلهم حد الإعفاء لغاية عشرين ألف جنيه، وضريبة قدرها 15% على من يتراوح دخلهم بين 20و 40 ألف جنيه، وضريبة نسبتها 20% على من يزيد دخله على 40 ألف جنيه إلى ما شاء الله مساويا فى معدل الضريبة بين الطبقة الوسطى والطبقة العليا.
وكان ذلك القانون ينص على المساواة بين شركات الأشخاص وشركات الأموال فى معدل الضريبة البالغ 20% على الأرباح التجارية والصناعية، وذلك بدلا من القانون المعمول به قبل عام 2005 والذى كان يجعل الحد الأقصى للضريبة على شركات الأشخاص هو 32%، والحد الأقصى للضريبة على شركات الأموال 42%.
وهذا النظام الذى قننه نظام مبارك عام 2005 يفتقد التعدد المطلوب للشرائح والتصاعد فى معدل الضريبة، ويتسم بانعدام العدل وبالتحيز للطبقة الرأسمالية الكبيرة وبالذات لشرائحها الطفيلية (أى التى تحصل على مكاسبها دون عمل) المعفاة من الضرائب كليا فى البورصة على سبيل المثال. وهو ما وضع امام حكومات ما بعد ثورة يناير مهمة كبرى لوضع نظام ضريبى جديد متعدد الشرائح وتصاعدى وشامل لكل الأوعية التى تستحق فرض الضرائب عليها، على غرار ما هو موجود فعليا فى الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية.
وتنبع فلسفة فرض الضرائب التصاعدية من حقيقة أن الأثرياء يستفيدون أكثر بصورة مباشرة وغير مباشرة من كل أشكال الإنفاق العام، وبالتالى عليهم المساهمة فى تمويله بنسبة أعلى من غيرهم.
وقد اقترح د. سمير رضوان عندما كان وزيرا للمالية، فرض ضريبة على المكاسب الرأسمالية فى البورصة نسبتها 10%، لكن الحكومة خذلته وخضعت لابتزاز أصحاب المصالح، وتم التراجع عن ذلك الإجراء الذى يفضى إلى تحقيق بعض العدالة الضريبية. كما اقترح رفع حد الإعفاء الضريبى من 9 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه عام 2011، لكنه لم يطبق إلا عام 2013، فى وقت كان لابد لحد الإعفاء ان يرتفع إلى 18 ألف جنيه حتى يعادل القيمة الحقيقية لحد الإعفاء الضريبى المعمول به عام 2005.
ولم يحدث أى تغيير جوهرى فى قانون الضرائب، إلا فى ظل الوزارة الراهنة كما ورد فى موضع سابق، بحيث انها أول من بدأ فعليا عملية الخروج من صندوق سياسات مبارك الذى أورث مصر الظلم الاجتماعى والفساد والفقر. ولأن مصر تعيش وتتعامل مع بيئة اقتصادية دولية، فإنه من المهم أن نطلع على معطيات هذه البيئة، حتى نحكم على التغييرات الضريبية الأخيرة ومدى توافقها مع هذه البيئة ـ الدولة.
نماذج لضرائب المكاسب الرأسمالية فى دول متقدمة ونامية
قبل الدخول فى تفاصيل الضريبة على الدخل وعلى الشركات فى بلدان رأسمالية نامية ومتقدمة، من المهم أن نشير إلى أن كل الدول الرأسمالية المتقدمة تقريبا، والغالبية الساحقة من الدول النامية تفرض ضرائب على المكاسب الرأسمالية فى البورصة بمعدلات متفاوتة كلها أعلى من المعدل الذى أقرته مصر. وهذا يعنى أن من يملأون الدنيا صخبا فى مصر لرفض تطبيق هذه الضريبة، ينطلقون من مصالح أنانية ويريدون الاستمرار فى عدم أداء حق المجتمع عليهم، وينتقون من النظام الرأسمالى ما يعجبهم ويرفضون الإجراءات التى يتضمنها هذا النظام لتحقيق بعض العدل مثل فرض الضريبة على المكاسب الرأسمالية فى البورصة. ومقابل أصحاب الصوت العالى وفضائياتهم، تُقتطع الضرائب من المنبع من العمال والمهنيين قبل أن يتسلموا رواتبهم. كما يدفعون ومعهم الفلاحون الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات، ويدفعون ضرائب الدمغة فى صمت إقرارا بحقوق الوطن. وتشير البيانات الدولية إلى أن الضرائب على المكاسب الرأسمالية المتكاملة فى عام 2011 بلغت نحو 50,8% فى الولايات المتحدة، وبلغت نحو 59,8%، 56,5%، 54,9%، 46,7% فى كل من إيطاليا والدنمارك، وفرنسا، وبريطانيا بالترتيب. وبلغت الضريبة نفسها نحو 43,9% فى البرازيل، ونحو 33,2% فى الهند، ونحو 25% فى الصين، ونحو 39,2% فى الكيان الصهيوني.
وبالتالى فإن استخدام ذريعة «هروب» المستثمرين الأجانب كمبرر لرفض فرض ضريبة على المكاسب الرأسمالية فى البورصة، هو اختلاق لمبرر من بعض الإعلاميين واصحاب المصالح. وللعلم فإنه فى ظل اتفاقيات منع الازدواج الضريبى بين مصر وعدد كبير من دول العالم، فإن المستثمرين الأجانب الذين يتم إعفاؤهم من دفع الضريبة فى مصر، يضطرون لدفعها فى بلادهم بمعدلات أعلي، أى أنهم من مصلحتهم أن يدفعوا الضريبة فى مصر. وهذا يحصر أصحاب المصلحة فى عدم فرض هذه الضريبة فى رجال الأعمال المصريين الذين يضاربون فى البورصة، ويحققون أرباحا بلا عمل ولا يريدون دفع الضرائب المستحقة للدولة عنها. وقد قدمت الحكومة المصرية منذ البداية مشروعا كريما لمصلحة المستثمرين فى البورصة، حيث أقر ترحيل الخسائر لمدة ثلاثة اعوام، بحيث إن من يتعرض للخسائر، يمكنه خصمها من الأرباح فى العام التالى أو الذى يليه، ليدفع فى النهاية، ضريبة عن صافى أرباحه خلال ثلاثة أعوام. أما إذا كانت النتيجة النهائية هى الخسارة فإنه لا يدفع أى ضرائب، حتى لو كان قد حقق أرباحا فى عام أو اثنين.
ضريبة الدخل على الأثرياء: مصر بين الأقل عالميا
بالنسبة للضريبة على الدخل والضريبة على أرباح الشركات فتشير بيانات البنك الدولى فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم إلى أن معدل الضريبة على الشريحة العليا من الدخل يبلغ فى الولايات المتحدة الأمريكية، نحو 35% على الأفراد الذين يزيد دخلهم على 373 ألف دولار فى العام تُدفع للحكومة الاتحادية، فضلا عن نحو 8% فى المتوسط تُدفع لحكومات الولايات، بما مجموعه 43%. أما الضريبة على أرباح الشركات فبلغت نحو 40% فى تلك الدولة التى تعد المعقل الأشد جبروتا للرأسمالية العالمية.
وبلغ معدل الضريبة على الدخل فى اليابان 50% على من يزيد دخله على 182.1 ألف دولار فى العام، بينما بلغ المعدل على الشركات 41%. وبلغ المعدل فى ألمانيا 45% على الدخل الذى يزيد على 334.5 ألف دولار فى العام، بينما بلغ 29% على الشركات. وبلغ المعدل فى فرنسا 40% على من يزيد دخله على 92.9 ألف دولار، بينما بلغ المعدل على الشركات 33%. وبلغ المعدل 40% فى بريطانيا على من يزيد دخله على 66.1 ألف دولار، بينما بلغ المعدل على الشركات 28%. وبلغ المعدل فى الدنمارك 62% على من يزيد دخله الفردى على 62.3 ألف دولار، بينما بلغ المعدل على الشركات 25%. وبلغ المعدل فى السويد 57% على من يزيد دخله الفردى على 66.4 الف دولار، بينما بلغ المعدل 26% على الشركات. وبلغ المعدل فى الصين التى تعد أكبر دولة ناهضة مستقبلة للاستثمارات الأجنبية وتحتل دائما واحدا من المراكز الثلاثة الأولى على العالم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. بلغ المعدل فيها 45% على من يزيد دخله الفردى على 175.5 ألف دولار فى العام، بينما بلغ 25% على الشركات. وبلغ المعدل فى تايلاند 37% على من يزيد دخله الفردى على 113.2 ألف دولار، بينما بلغ المعدل 30% على الشركات. وبلغ المعدل فى تركيا 35% على من يزيد دخله الفردى على 28.6 ألف دولار فى العام، 20% على الشركات. وبلغ المعدل فى جمهورية جنوب إفريقيا 40% على من يزيد دخله على 63.3 ألف دولار فى العام، بينما بلغ المعدل 35% على الشركات.
وكما هو واضح فإن عبء الضريبة على الشريحة العليا من الدخل أى على الأثرياء فى مصر، خفيف للغاية بالمقارنة مع أثرياء الدول النامية والمتقدمة على حد سواء. وكذلك الأمر بالنسبة لأرباح الشركات.
كما يعفى القانون الحالي، كل الأوعية الادخارية والسندات بدعوى تشجيع الادخار الذى يبلغ معدله نحو 7,2% من الناتج المحلى وفقا لبيانات البنك المركزي. وتصنف مصر بين الأدنى عالميا بالنسبة لهذا المؤشر، حيث بلغ معدل الادخار نحو 21% فى المتوسط العالمي، ونحو 30% فى مجموع الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، ونحو 47% فى دول شرق آسيا والمحيط الهادى الدول السريعة النمو، ونحو 52% فى الصين. لكن بما أن هذا الإعفاء غير فعال فى رفع معدل الادخار، فإن الإبقاء عليه هو تضييع لإيرادات مستحقة للدولة من الضريبة على فوائد الودائع، ضمن الضرائب على المكاسب الرأسمالية. ولو تم فرض ضريبة نسبتها 10% على فائدة الودائع، فإن ذلك يعنى ببساطة أنه إذا كانت الفائدة 10%، فإن صاحب الوديعة يحصل على 9% والدولة تحصل على 1% كضريبة. وهى ضريبة خفيفة ومناظرة لضرائب مماثلة فى الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية.
خطوة مهمة..والإصلاح الشامل مطلوب
الحقيقة أن التغيير الذى تقرر بالنسبة للضريبة على المكاسب الرأسمالية فى البورصة، هو خطوة أولى ومهمة فى إصلاح النظام الضريبي. وهذا الإصلاح الشامل لابد أن يمتد ويراعى أن يكون هناك إعفاء للفقراء ومحدودى الدخل من أداء الضريبة على الدخل لمن يقل دخلهم عن 18 ألف جنيه فى العام. ولابد ان يراعى أيضا إعفاء للمشروعات التعاونية والصغيرة والمتناهية الصغر من الضرائب والرسوم، إلى حد معين من الدخل والأرباح، وبعد أن تخرج من نظاق المشروعات الصغيرة، تفرض عليها ضرائب بالمعدلات التى يحددها القانون. ويكون النظام الضريبى متعدد الشرائح وتصاعديا بالنسبة للأفراد والشركات، بصورة متناسبة مع المقدرة التكليفية للممولين. وينظم القانون طريقة جباية الضرائب، بصورة محكمة وميسرة، وتفرض عقوبات صارمة على المتهربين من أداء الضريبة باعتبار التهرب الضريبى جناية تهرب من أداء حق المجتمع والدولة على غرار ما هو موجود فى النظم الرأسمالية المتقدمة والنامية.
وإذا كان تحالف أصحاب المصالح فى البورصة يحاول إرهاب الوزارة لإجبارها على التراجع عن قرارها مثلما فعلت حكومة د. عصام شرف عام 2011، فإنه يجب على الوزارة أن تصمد فى مواجهة هذا الابتزاز، والشعب من ورائها فى هذا الإجراء الذى يستهدف تحقيق العدالة والتوازن المالي. وسوف تتكيف البورصة مع الضريبة الجديدة تدريجيا. كما أن الأصول الصناعية والزراعية والخدمية التى يتم تداول أسهمها ستظل باقية وتعمل، بما يعنى أن صعود وانخفاض أسعار الأسهم هو مجرد مؤشرات تجارية فى هذه الحالة لا تعبر عن أى تدهور اقتصادي، ولا ترهب أحدا.