آثار وجود «داعش» فى أفريقيا

آثار وجود «داعش» فى أفريقيا

آثار وجود «داعش» فى أفريقيا

 العرب اليوم -

آثار وجود «داعش» فى أفريقيا

عمار علي حسن

يترك تمدد «داعش» فى أفريقيا آثاراً شديدة السلبية على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية فى القارة السمراء، إذ يُعرّض بعض الدول الهشة للانهيار، ويزيد من متاعب الجيوش وقوات الأمن فى أخرى، ويسبب إزعاجاً شديداً للسلطات والمجتمعات فى ثالثة.

فدولة مثل ليبيا قد لا يلتئم شملها مرة أخرى، فتستعيد تماسكها وتوحدها، إن بقى لداعش وجود قوى على أرضها. وتونس تخشى عمليات إرهابية أخرى، سواء ضد الجيش أو بعض مؤسسات الدولة، خاصة أن جماعات تابعة لداعش هناك تسعى جاهدة لنقل الصراع إلى شوارع العاصمة.

والجزائر، التى عاشت عشرية دموية سقط فيها ما يربو على مائة ألف قتيل، تبدو غاية فى الحذر حيال أى نفخ فى أوصال الجماعات التى لم تضع السلاح وتنضوى ضمن «الوئام الوطنى»، وبايعت داعش. ومصر تدفع كل أسبوع تقريباً شهداء فى مواجهة الجيش مع «تنظيم بيت المقدس» سواء داخل سيناء أو خارجها، علاوة على عمليات إرهابية متفرقة فى شتى أنحاء البلاد، تنفذها جماعات إما تابعة لداعش أو معجبة بتجربته، ضد رجال الشرطة والقضاة والمنشآت الحكومية والمؤسسات الاقتصادية والخدمية والسياحية. والمملكة المغربية تتخذ كل إجراءات ممكنة للحيطة والحذر بعد أن انضم بعض شبابها إلى داعش فى سوريا.

وإذا كان أيمن الظواهرى قد نصح «حركة الشباب» فى السودان بألا تترك «القاعدة» وتنضم إلى داعش، فالباب مفتوح أمامها فى أى وقت لإهمال هذه النصيحة، وفى كل الأحوال فإن تلك الحركة تساهم فى استمرار الصومال دولة فاشلة، حين تعيث فى أرضه فساداً وترتكب العنف ضد أهله ومؤسساته، ويمتد أذاها إلى دول أخرى مجاورة مثل كينيا التى تعرضت لثلاث هجمات دامية فى السنوات الثلاث الأخيرة على يد الحركة، أولاها فى سبتمبر من عام 2013 واستهدف مركزاً للتسوق فى العاصمة نيروبى وقُتل فيها 67 شخصاً، وثانيتها فى نوفمبر 2014، حيث أعدمت الحركة 28 راكباً فى حافلة شمال شرق كينيا رداً على العمليات التى تنفذها الشرطة الكينية ضد مساجد مومباسا على الساحل، والثالثة كانت فى شهر أبريل من العام الحالى ضد طلاب جامعة «جارسيا» وأسفرت عن مقتل 15 طالباً وإصابة ثلاثين آخرين بجراح متفاوتة.

ويشكل انتشار «داعش» فى غرب أفريقيا خطراً داهماً على تأمين تدفق النفط الذى ظهر بقوة فى السنوات الأخيرة إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، وبالتالى سيفتح باباً جديداً لتدخل دولى هناك إن تنامى نفوذ هذا التنظيم الإرهابى. فالولايات المتحدة أبدت اهتماماً شديداً بأفريقيا بعد طول إهمال، لا سيما دول غرب القارة، بعد أن بينت المسوح الجيولوجية أن هذه الدول تمتلك احتياطات وفيرة من النفط الخام.

وكانت واشنطن تتصور أن النفط الأفريقى يتمتع بأمان نسبى، وهى مسألة تبدو من قبيل التفاؤل المفرط وليست حقيقة واقعية بأى حال من الأحوال. فدول غرب أفريقيا تعانى من انقسامات عرقية وقبلية وخلافات دينية ومشاكل حدودية وصراعات داخلية مع الأنظمة الحاكمة، تجعل من الصعب عليها أن تتمتع بهذا الأمان المفترض. وإذا كانت وسائط نقل النفط من هذه المنطقة تستمد أمانها من كونها تنطلق فى البحار المفتوحة ولا تمر عبر مضايق، فإن المنشآت النفطية ذاتها عرضة لهجمات خلال أى اضطرابات تشهدها دول غرب القارة، كما أن الإمدادات النفطية ذاتها من الممكن أن تتوقف أثناء وقوع هذه الاضطرابات. علاوة على إمكانية تعرُّض الأنابيب النفطية المنتشرة فى بعض دول القارة لهجمات، مثل ما يحدث فى نيجيريا، أو بالنسبة للأنبوب الجارى إنشاؤه لنقل النفط من جنوب تشاد إلى ميناء دوالا الكاميرونى الواقع على خليج غينيا، المتصل بالمحيط الأطلسى، والذى يبلغ طوله 1070 كيلومتراً، وتصل تكلفته إلى 4 مليارات دولار، أو الأنابيب التى تنقل النفط الأنجولى إلى موانئ التصدير على المحيط الأطلسى.

ويمكن لتنظيمات متطرفة تابعة لداعش أن تندمج فى عملية استهداف وسائط نقل الطاقة فى أفريقيا، سواء النقط أو الغاز، فتفجرها إن لم تتمكن من الاستيلاء عليها، وتستغلها إن تمكنت، على غرار ما جرى فى العراق وسوريا، حيث حوّلت آبار ومصافى نفط فى البلدين إلى مصدر رئيسى لدخلها، من خلال بيعه فى السوق السوداء.

من هنا فإن وجود داعش أو تنامى نفوذه يسبب أخطاراً شديدة على الأمن الأفريقى، وعلى الأوضاع السياسية لكثير من دوله، ويؤثر سلباً على إمكاناتها الاقتصادية، فالاستثمارات تهرب من أى مكان يعانى من الاضطراب، والسياح لا يذهبون إلى مناطق تعج بالفوضى، وأهل أى بلد لا يلتفتون إلى العمل والموت والتشرد يقف لهم على كل الأبواب.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثار وجود «داعش» فى أفريقيا آثار وجود «داعش» فى أفريقيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab